شارك وفد عن حزب التقدم والاشتراكية، يوم الجمعة الماضي، في إحياء اربعينية رحيل سعيد حركاتي عضو اللجنة المركزية للحزب ونائب رئيس المجلس الجماعي بالحاجب. وتكون وفد الحزب الذي شارك في إحياء هذه المناسبة كل من عضوي المكتب السياسي كريم نيتلحو ومصطفى عديشان، وأعضاء من اللجنة المركزية محمد خوخشاني، سمير بنور، ادريس الرواح، عبد الفتاح الدغمي، علي إجباري محمد السيابري، علي وشطيف، لحسن شرو، وفعاليات حزبية محلية. وقد ألقى الرفيق المصطفى عديشان كلمة باسم المكتب السياسي للحزب، أشاد فيها بمناقب الفقيد سعيد حركاتي ومآثره الحسنة التي تجاوزت ما هو حزبي ونضالي وترسخت فيما هو إنساني عظيم. وكان المجلس الجماعي لمدينة الحاجب، قد نظم بالمركز الثقافي حفل تأبين المشمولين برحمته الفقيد سعيد حركاتي وعزيزة شهبون موظفة بالبلدية ومستشارة جماعية بإحدى الجماعات القروية بالإقليم. نص كلمة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في تأبين الفقيد باسم الله الرحمان الرحيم قال تعالى: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم السيدات والسادة كل بصفته ولقبه أود في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل للسيدات والسادة أعضاء المجلس البلدي الذين شرفوا المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بحضور أربعينية فقيدنا المشمول بعفوه تعالى سعيد حركاتي، والشكر موصول أيضا لكل الفعاليات الحاضرة منها والغائبة، وكل من ساهم في هذا الجمع المبارك، وممن يكن لفقيدنا كل الاحترام التقدير .. ونحن نستحضر دعوتكم الكريمة في اجتماع المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية زوال الاثنين 15 يناير 2018، مستحضرين الخصال الحميدة لفقيدنا سعيد، كلفت أن أبلغكم تحيات وشكر الأمين العام الأمين الأستاذ محمد نبيل بنعبد الله وكافة قيادة الحزب على هذه المبادرة المباركة، حاملا لكم اعتذاره الشخصي على عدم الحضور بيننا، نظرا لما كانت تربطه من علاقات مع المرحوم، تجاوزت ما هو حزبي ونضالي، وترسخت فيما هو إنساني عظيم، والعذر قائم بكونه التزم سابقا بالحضور للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، الذي ينعقد في نفس التوقيت. وباسم المكتب السياسي واللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، والهيئة الجهوية وكافة مناضلاته ومناضليه، نجدد تعازينا الخالصة لوالدته السيدة يطو، وأرملته السيدة صباح، وأبنائه فاطمة الزهراء والمهدي، وإلى جميع أفراد عائلته، والى زملائه وأصدقائه ورفاقه. السيدات والسادة ما أقسى أن تتحدَث عن أخ ورفيق وصديق عزيز بصيغة الماضي..وما أصعب أن نستعرض سمو أخلاق وخصال رجل سيظل حيا فينا، رجل نذر حياته للآخرين، مجسدا بنكرانه لذاته في كل مساره النضالي نموذجا قل نظيره. وبصفتي صديقا للفقيد، وأحد شهود الدنيا كما يقال، فإنني أرثي اليوم أمامكم، رجلا كما عرفته وجرَّبْتُه، مناضلاً، عنيداً حَدَّ الكُفْرِ بالوعود غير المُنتجة والتي لا تَتَحقَّق، منغرسا بكل ذرّة من ذرات حياته في قضايا الناس وهمومها، مترافعا عن أحلام الكادحين وطموحهم فى حياة شريفة وكريمة، مترافعا ضد كل كافة أشكال استغلال الإنسان للإنسان، منتقدا بحدة سيطرة رأس المال والطبقات المُستَغَلَّة لقدرات المواطن البسيط، مدافعا من أجل تحقيق الديمقراطية الحقَّة لساكنة الحاجب خاصة، صلبا في أطروحته من أجل الحرية في التعبير عن المعاناة المتعددة للمواطنات والمواطنين، وحاملا على الدوام اقتراحات الحلول الواقعية..وحالما بصفة عامة للشعب المغربي بالعدالة الاجتماعية والجمالية والكرامة والمساواة، بصفته قائدا وعضوا للجنة المركزية، لحزب كافة المستضعفين، حزب التقدم والاشتراكية. لقد فقدنا في قيادة وقاعدة حزب الكتاب، فى ظروف عصيبة يمر بها العمل السياسي والحزبي ببلادنا، طاقة شبابية واعية وواعدة، ورفيقا غاليا علينا جميعا .. لأن الفقيد سعيد منذ عرفته، ظل صوتا عاليا مدويا ضد الظلم والحكرة، وظلت بوصلته متجهة نحو الهدف، أي خدمة قضايا ساكنة الحاجب، فلم تنحرف هذه البوصلة ولو للحظة عن أهداف شعبنا الوطنية والديمقراطية، نضال ضد الفساد واستغلال الإنسان لأخيه، مؤمنا بالحق في الحرية والعدالة والمساواة. بمعنى أن رفيقنا وصديقنا سعيد كما عرفناه، يعد نموذجا للقائد السياسي الميداني الذي يتقن ربط النظرية بالممارسة والفكر الناضج بالتطبيق الخلاق، فبالإضافة إلى القضايا السياسية التي يبدي فيها وجهة نظره، ظل شديد الاهتمام بالقراءة النقدية للظواهر السياسية والاجتماعية، انطلاقا مما كسبه من طاقة فكرية من أرض الواقع، وهو ما يُصطلح عليه في الفكر السياسي بالمثقف العصامي، إذ توفرت لديه قدرة هائلة على التحليل المعمق، وبذلك ساهم في إغناء تحاليل حزب القدم والاشتراكية بما يتقدم به من أفكار وبرامج وبدائل لصالح ساكنة الحاجب، وكان هذا الإغناء الغني مقرونا دائما بما عرف عن رفيقنا من عمل دؤوب، وحركية متواصلة في ميدان الفعل النضالي الميداني، قبل وبعد أن يصبح مستشارا جماعيا سنة 1997.. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المرحوم سعيد حركاتي الذي التحق بصفوف حزب التقدم والاشتراكية في تسعينيات القرن الماضي، كان فيها الحزب قد قطع مع مفهوم المركزية الديمقراطية وما كانت تحمله من نظريات تعتمد المركز أساسا مصدرا للخبر والقرار، وتجعل من القواعد آلة للتنفيذ، إلى مفهوم الديمقراطية الداخلية، حيث للقواعد كلمة الحسم والفصل في كل القضايا ذات الطابع المحلي والإقليمي والجهوي، انطلاقا من الخصوصيات المحلية، وهنا بالضبط تفتقت عبقرية الفقيد، حيث ظل تواصله مع المركز، أو مع قيادة الحزب، مرتبطا بحمل قضايا الساكنة ومواطنات ومواطني الحاجب، جاعلا من التواصل مع رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب آنذاك المسعودي العياشي شفاه الله وأطال عمره، قنطرة لإيصال قضايا الناس لقبة البرلمان، وكثيرا ما كان ينتظر المسعودي العياشي النائب البرلماني عن دائرة تاونات، وهو قادم من الرباط في اتجاه تاونات أو العكس، ليتمم رسائله النضالية، طرحا ومتابعة وإصرارا على النتائج.. كما عمل مع رحال الزكراوي بصفته رئيس الفريق بمجلس المستشارين بنفس المستوى، دائم التنقل للرباط، قوي العزيمة والإيمان برفع الظلم عن الساكنة .. وهكذا كان مع اسماعيل العلوي الأمين العام للحزب آنذاك، وبعدها مع قيادة الحزب المركزية، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، نبيل بنعبد الله وخالد الناصري وشرفات أفيلال والحسين الوردي وأمين الصبيحي وعبد السلام الصديقي وعبد الواحد سهيل وعبد اللطيف أوعمو وكريم نيتلحو ومحمد خوخشاني وسعيد الفكاك وكريم تاج واللائحة طويلة، وبنفس الحماس والعزيمة كان قوي الاتصال مع كل الفرق البرلمانية التي تواجدت بالقبة .. هذا الجسر من التواصل في تبليغ شكاوي الناس وقضاياهم، جعل أصدقاءه ورفاقه المقربين منه الذين يعرفون جديته وعلاقته بهموم الناس، يلقبونه بمجذوب الجماهير.. لما لا وهو الرجل الذي خبر إمكانيات الحلول لقضايا أصلها التسلط والظلم، وآمن بدور القضاء في إنصاف ضحايا هذا التسلط، ونصب نفسه دون أن يدري كهيئة للإنصاف. السيدات والسادة ظل الفقيد سعيد حركاتي، دائم الاهتمام والانشغال بأوضاع الساعة ورهانات اليوم، حتى لما دخلت البلاد منعطفا حاسما في استكمال مسيرة ومهام مرحلة تسعينيات القرن الماضي، دافع باستماتة من أجل النجاح في ربح الرهان، رهان دخول البلاد مرحلة حكومة التناوب التوافقي سنة 1998، مؤمنا بأن إنجاز أهداف المرحلة يتطلب بالضرورة مشاركة الأحزاب الجادة، وكل فعاليات المجتمع وأطره ونخبه التي يهمها تطوير الحياة السياسية، والعمل بشكل جماعي من أجل تقوية روح المواطنة والمسؤولية، كرهان للتحفيز في المشاركة في الحياة، وفي هذا الصدد اعتبر الفقيد بأن مشاركة حزب التقدم والاشتراكية في تلك الحكومة واجبا وطنيا، ووسيلة نضالية أخرى من أجل العمل على حل قضايا الناس، خاصة تلك القضايا التي لا تحتاج لميزانيات ضخمة، إنما هناك قضايا ارتبطت لديه بتصحيح الأوضاع وإنصاف الناس على غرار ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة .. وكانت البوصلة الوحيدة التي تقوده هي الانحياز الكلي والمطلق واللا مشروط لساكنة الحاجب المسحوقين، محاميا عنهم في الكرامة والحرية، فلم يترك مجالا اجتماعيا إلا وقد دق بابه، قضايا الخصاص في الصحة عموما واهتمامه الكبير بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، فقضايا السكن اللائق، قضايا التعليم وجودته، قضايا الرياضة وعشقه للفريق المحلي، قضايا الدين وحلم استكماله لبناء أحد المساجد، قضايا البطالة والبحث الدائم عن استثمارات للتنمية المحلية، قضايا الأمن، قضايا الأسرة وشغفه في الحد من معانة الأرامل، وعموما قارب كل القضايا التي تهم الحاجب، كما كان شديد الاهتمام بالقضايا التي تهم الجماعات الأخرى التي تكون تراب الإقليم، غير مكترث أحيانا للانتماءات الحزبية ولا للرموز السياسية التي تدبر تلك الجماعات، همه الوحيد، كلما وجد فريقا للعمل متفق على فكرة الترافع من أجل حل قضية من القضايا التي تهم الساكنة، يُذَوب كل انتماء حزبي وينطلق للاشتغال.. هذه الثوابت على الوفاء للقيم التي آمن بها، هي التي شكلت أطروحته طيلة مساره النضالي قبل وبعد أن أصبح مستشارا جماعيا منذ1997 إلى تاريخ رحيله الجسدي عنا، رافضا للمتاجرة بالمبادئ، معتزا بانتمائه للشعب، وهو حقا: وْلْدْ الشعب. إذ كان جرحه الذي لا يندمل، هو أن يظل الظلم قائما، وأبناء بلدته محرومين من أبسط حقوق العيش الكريم .. فظلت قضيته المصيرية هو أن يكون الصوت الذي لا يتوقف عن الاحتجاج، عن النضال من أجل قضايا ساكنة الحاجب. لذلك صُنِّف من الأوائل ومن أكثرنا حماسا في السعي لرفع كل ظلم عايشه، صلبا شديد المراس في الحق، لم يطمح في حياته لكسب مال أو جاه أو منصب من مسؤوليته السياسية ومهامه، زاهدا متواضعا، وكان على تواضعه ووداعته لا يخاف لومة لائم، يقاوم الظلم ولا يقبل الإهانة .. وكم جلبت له صراحته مشاكل جمة، كان يتغلب عليها بوده وببساطته. معروفا بصلابته وإنسانيته، ودماثة خلقه. فعاش عزيزا ومات كريما. السيدات والسادة ابنُ منطقتكم، العاشق لهذه الأرض الذي احتضنته إلى الأبد، وفي هذه التربة التي تَتَجذَّر فينا وفيكم، بها تَجَذَّر وفيها، فأنتجا هو والأرض عشقا، أحبته وأحبها، فاحتضنها فى حنان ورفق، وخبأته بين ضلوعها، بعد رحلة عمر قصيرة باعتباره مازال شابا، لكنها رحلة حافلة بالعطاء ..ومما هو مؤكد، وأنتم بالأمس القريب، وواريتموه ثرى هذه الأرض السعيدة، وزففتموه الى أحضانها، ووقفتم على شفا قبره الذي أغلق على جسده الطاهر، فإن سعيد حركاتي، بعد ان أنهيتم مراسيم الدفن ، أصر كعادته على أخذ الكلمة ، حاملا لكم وصاياه، كل من موقعه ، قائلا : يا شابات وشباب مدينة واقليم الحاجب، يا مناضلات ومناضلي هذه القلعة الأمازيغية، أيتها الأحزاب السياسية الجادة إخوتي وأخواني فعاليات مدنية ملتزمة، رفيقات ورفاق درب الكفاح، أوصيكم أن تظل راية النضال عالية خفاقة، وألتمس منكم إكمال طريق النضال اليومي لفائدة الساكنة بكل الجدية والإصرار .. فماذا نحن فاعلون سيداتي سادتي؟. من جهتنا نحن في قيادة حزب التقدم والاشتراكية وقواعده الصامدة، نعاهدك أيها الرفيق والصديق والأخ أننا سنظل مستلهمين لأدوارك الطلائعية، وسنواصل العهد كما عرفتنا ..وسلفاً تَعاهدنا على أننا: عهدنا بلال على أن نسير .. ودرب النضال طويل عسير طبت حيا وميتا يارفيق. *********** * مرثية المرحوم سعيد حركاتي في الذكرى الأربعين لرحيله شكرا سعيد لأنك علمتنا معنى الإنسانية.. …… وأنتَ تنظرُ بقلبكَ إلينا يفيضُ بكَ الدمعُ .. أجفانَا كلَحنِ نايٍ حزينٍ بَكَى قلبي والقلبُ منك يفيضُ .. حَناناَ تودعُنا في سَفرٍ، وقد رحلتَ عزيزاً هو الحنينُ إليكَ سعيدُ .. قد رَمانا، مُطمئناً نَمْ .. أنتَ الرفيقُ الظِلُّ والخِلُّ .. أخانَا وذو أهلكَ جاؤوكَ .. إلى فاطمة الزهراءِ يتيمةً، وحبُّ الله إليها قد .. سَقانا في ذكراكَ الأربعين عشتَ فينا رفيقاً أزمانَا، لليتيمِ كنتَ شهيداً شاهداً ومشهوداً وعنواناَ واليوم قد رحلتَ فارساً معناَ عنفواناَ فكيفَ ينسىاكَ مَن يحمل قلبهُ إنساناَ؟ يا نبعَ المجرى والروحُ قد حَزنَتْ بيننا عِشْ غَداً أبداً .. هوَ القَدَرُ بِكَ قَدْ .. حَباناَ في الحاجب قبرُ روحٍ مِن لَوحٍ، رُشُّوهُ ماءً، شتاءً، وانثروهُ إلى مثواهُ .. ريحاناَ إنهُ قد سَكنَ الأعيُنَ والرُّوحَ، جِنانَا بيننا اليوم سعيدُ سعيدٌ وَإِنْ .. تركتنا حاضرٌ القلبُ يبكي .. والعينُ كَلَّتْ جُرحاً، وأحزاناَ والماءُ يذكرُكَ والهواءُ رثاءُ، في كل دربِ الحاجبِ ونبعٍ لِليتيم كنتَ الأبَ قد سكنَ وِجدانَا وحتى إِنْ رحلتَ، ما غِبتَ أبداً ، ولا قلنا: هناكَ أو هنا سعيدٌ .. كانَ وكانَ إسمُكَ مصقولٌ ننقشُهُ حروفاً أقشَميراً عَلاَناَ وهذا الصبِيُّ المهدِيُّ الأبِيُّ .. إليك دمعاً .. وجعاً، دَعَانا قد جئناهُ نحضنُهُ .. بالصدرِ قلباً حُبّاً أمانَا والحاجب اليوم ثكلى وقَدْ لبِستْ عينُها حِداداً كفَناَ باسمِكَ اللهُ .. باسمِكَ اللهُ .. باسمكَ اللهُ إنَّا .. قد شَيَّعنا فينا إنساناَ ./. ………