أيها السادة الأفاضل أيها الأصدقاء، الزملاء، الرفيقات والرفاق (اسمحوا لي بداية أن أدعو صديقي سي محمد بوراوي، عضو مجلس تسيير شركتنا ومديرها الإداري والمالي، ليقف إلى جانبي هنا في المنصة أمامكم، باعتبار كل ما سأقوله يعبر عني وعنه…) أيها الإخوة: يشرفنا معا أن نقدم لكم جميعا جزيل شكرنا وصادق تقديرنا وامتناننا على تلبية دعوتنا والحضور معنا هذا المساء لمشاركتنا لحظة الاحتفال بميلاد صحيفتينا. إن مرور خمسة وأربعين سنة على صدور صحيفة في بلادنا هو في حد ذاته حدث حقيقي يستحق الاحتفال، وذلك أولا بالنظر لمصاعب العمل الصحفي في أزمنة البدايات وسنوات الرصاص والظرفية السياسية المعقدة والدقيقة ءانذاك، وحيث كان صدور كل عدد لذاته يعتبر فرحة وانتصارا. وثانيا، هو حدث بالنظر كذلك لما يحياه اليوم قطاع الإعلام، وخصوصا الصحافة المكتوبة، من مشاكل ومخاطر، بعضها بات يهدد وجود هذه الصحافة نفسها. وثالثا، هو حدث لكون الاحتفاء بالصحافة هو احتفاء ببلادنا وشعبنا وناسنا، وهو لتجديد التأكيد على قناعتنا بمحورية دور الصحافة في تمتين المسار الديمقراطي لهذا الوطن. ثم رابعا، هو حدث لكون الاحتفال هذه الليلة حدثه وموضوعه وعريسه هو: «البيان». «البيان»، الصحيفة «البيان»، الموقف «البيان»، الهوية السياسية والفكرية والتحريرية المتميزة «البيان»، افتتاحيات علي يعته «البيان»، تحليلاتها الاقتصادية والسياسية والفكرية «البيان»، الملحق الثقافي «البيان»، صفحة الأمازيغية، صفحة السينما… «البيان»، المساواة وحقوق المرأة «البيان»، الطبقة العاملة وصغار الفلاحين والعمال الزراعيين «البيان»، الدفاع عن الوحدة الترابية ومغربية الصحراء والاستقلال الوطني «البيان»، الإصرار على الوضوح وبعد النظر «البيان»، خطاب التقدم، طريق الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الإنسان. كل هذا نخلده اليوم ونمسك به ونمنحه عنوانا واحدا هو… «البيان». الاحتفال ب «البيان»، أيتها السيدات، أيها السادة، هو استحضار علي يعته، توجيه التحية والسلام لروحه، وتجديد الدعاء له بالرحمة… الاحتفال ب «البيان» هو استحضار كل المؤسسين والرواد الأوائل ومن تبعهم من باقي الأجيال إلى اليوم (صحفيين، مناضلين متطوعين، باحثين ومثقفين وجامعيين ومبدعين وفنانين، وعمال وإداريين…). نتذكر كذلك العديد من المناضلات والمناضلين في المناطق والأقاليم، والمراسلين… لن نستعرض أسماء كل هؤلاء، فهي كثيرة وزمن هذه الكلمة لا يتيح ذلك، ولكن نحن نتذكر كل الأسماء والحكايات والتضحيات والوجوه، ونحفظها بكثير من الإعجاب والمحبة والعرفان… نحن هنا، أيها الرفاق، أيها الأصدقاء، لا نذكر بهذا لأننا مصابين بهوس البكاء على الأطلال، أو لأننا نحب الإقامة داخل منغلقات الماضي، ولكن التذكير هو لنقول بأن مهنتنا وتعدديتنا وبلادنا ومستقبل وطننا ونضال شعبنا في حاجة لصحيفة لها أيضا التاريخ العريق، والهوية التحريرية والسياسية المتميزة. وهذه ليست مهمتنا وحدنا نحن، وليست فقط مهمة الذين يعملون اليوم داخل هذه المؤسسة أو من يتولى تدبيرها، وهي أيضا ليست مهمة محيطنا الحزبي والسياسي القريب، ولكنها، فضلا عن كل هذه الأطراف، هي كذلك مهمة الدولة والسلطات العمومية، وهي من ضمن مصلحة بلادنا وشعبنا لترسيخ وتعزيز التعددية الإعلامية والديموقراطية، ولكي تتوفر لوطننا صمامات الأمان الحقيقية التي تتجسد في الأحزاب والنقابات والجمعيات، وفي… الصحافة. أيتها الرفيقات أيها الرفاق أيها الإخوة والأصدقاء «البيان» اليوم هي مقاولة صحفية تجتهد يوميا لتتملك أدوات التدبير المقاولاتي العصري والحديث، وتحاول أن تتجاوز أثقالها وإكراهاتها المالية وغير المالية، وأن تكرس استقرارها العام كشركة، وهي أيضا تضاعف جهدها لتؤمن الصدور اليومي المنتظم لصحيفتيها، وذلك وسط جبال من الضغوط والإكراهات الرهيبة التي يفرضها منطق السوق، وتحولات مغرب اليوم وعالم اليوم… نحن نعرف أن كثير أشياء تغيرت في وقتنا هذا… نعرف أن القيم تبدلت، وأيضا العادات والعلاقات والسلوكات… نعرف أن علاقة المناضل الحزبي بجريدة حزبه هي أيضا تبدلت… نعرف أن القراءة ضعفت وسط شعبنا وشبابنا، وأن تحديات تكنولوجية وإعلامية تفرض نفسها علينا كلنا، وعلى العالم برمته… ونعرف، في ذات الآن، أنه ربما قد نخطئ نحن كذلك، وقد لا يحالفنا النجاح دائما، وقد لا نستطيع دائما تلبية أذواق وانتظارات كل من يقرأنا أو يتطلع إلينا، لكن الثابت أننا نحن حتما ثابتون داخل هويتنا، ونصر عليها، أي أننا نمشي في طريق خدمة بلادنا وشعبنا، ونمسك بالالتزام والمصداقية والجدية، وبقواعد المهنة وأخلاقياتها. أيها الرفيقات والرفاق أيها الإخوة والاخوات اليوم هناك جيل جديد يصنع: «بيان اليوم» و»ALBAYANE»، وأغلب هؤلاء لم يعيشوا زمن البدايات، لكنهم جميعهم اليوم اختاروا التعبير عن مهاراتهم المهنية هنا والآن، وهم يحرصون على مدار الساعة وكل يوم على تمثل القيم المؤسسة لهذا البيت الإعلامي التقدمي العريق.. نحن كل يوم نعيش معهم وبهم فرحا متجددا بأننا مستمرون، صامدون، نمشي إلى الأمام. اسمحوا لي هنا أن أوجه لهم كلهم التحية، أقدم لهم جزيل شكري وعرفاني وتقديري.. شكرا لكم أيتها الزميلات، أيها الزملاء. اسمحوا لي أيضا أن أشكر كل من لبى دعوتنا بالحضور هذا المساء بيننا، أن أشكر زملائي في قيادة الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والإخوة في قيادة النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وذلك على الحضور، وعلى الدعم والمساندة والتشجيع، وأن أشكر معلنينا وزبناءنا التجاريين، ونأمل تطوير شراكاتنا وتعاوننا معهم كلهم، كما لا يفوتني أن أشكر بكثير من المحبة والامتنان وزارة الاتصال، شريكنا ومحاورنا في الحكومة، والامتنان لمسؤوليها وموظفيها ومختلف مصالحها وأقسامها ومديرياتها على المساندة والمواكبة لجهدنا وحلمنا. وفي الختام، أتقدم بموفور الشكر والاحترام لكل من دعم إقامتنا هذا الحفل العائلي من فنانين وممونين وإدارة وموظفي الفندق، وإلى الصديقين والمناضلين الرفيقين نعيمة برادة والمهدي بنشقرون، ولجميع من قدم لنا المساعدة. مرة أخرى أرحب بكم كلكم في هذا الحفل، وأجدد لكم شكري، وممنون لحضوركم ولطفكم ومحبتكم.