بلغت كلفة التدهور البيئي بالمغرب، ما يقارب 33 مليار درهم سنويا، ما يعادل 3.52 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2014. ويعتبر تلوث الماء والهواء من أكبر التحديات التي تستلزم معالجة خاصة، هذا بالرغم من انخفاض التكلفة المرتبطة أساسا بالماء والنفايات بنحو ما يقارب 60 في المائة، وذلك بالنظر للتكلفة الاجتماعية التي تخلفها، إذ يتسبب هذا الأمر في الإصابة بأمراض وحدوث وفيات وسط المواطنين، هذا ما كشفت عنه دراسة أعدتها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، بدعم من البنك الدولي، حول تقييم تكلفة التدهور البيئي في المغرب على مدى 14 سنة أي في الفترة الممتدة من سنة 2000 إلى حدود 2014. وقالت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، نزهة الوافي، خلال ورشة خصصت لتقديم نتائج هذه الدراسة ومناقشة المعطيات التي تضمنتها بشأن تطور تكلفة تدهور البيئة "إن الدراسة تدق ناقوس الخطر، لكون المغرب يخسر 33 مليار سنويا نتيجة التدهور البيئي"، مشيرة أن كلفة التدهور البيئي "انتقلت من 20 مليار درهم سنويا وفق دراسة تقييمية أنجزت سنة 1995، ما يعادل حينها 8.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، لتتقلص الكلفة سنة 2000 حيث قدرت ب13.1 مليار درهم سنويا، ما يعادل 3.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام".وأفادت أن التدهور البيئي له كلفة اقتصادية وأيضا اجتماعية، حيث يتسبب استعمال المياه غير الصالحة للشرب وتلوث الهواء في آثار صحية تصل إلى الوفاة. وشددت كاتبة الدولة أن الدراسة كشفت عن معطيات مقلقة وأكدت على ضرورة إيلاء عناية كبرى لمجالات حساسة، خاصة التربة التي تتدهور بشكل كبير، وهي عنصر يرتبط بالفلاحة التي تعد النشاط الاقتصادي الأساسي، ثم الساحل الذي يعد موضوعا لمخطط وطني للتدبير المندمج، المقرر تقديمه سنة 2018، فضلا عن الغابة.وأشارت الوفي في هذا الصدد إلى بلورة رؤية الاستراتيجية المتمثلة في "تنفيذ الاقتصاد الأخضر الشامل بالمغرب في أفق 2030″، والتي حددت7 رهانات كبرى تضم عدة محاور استراتيجية لها أهدافها وإجراءاتها ومشاريعها، والتي تم اعتمادها في المجلس الوزاري الأخير، حيث باتت تشكل اليوم وثيقة مرجعية لدعم مجموع السياسات العمومية الرامية لبلوغ التنمية المستدامة.وأعلنت المسؤولة الحكومية أن الوزارة عمات من أجل تسريع برامج التأهيل البيئي والحد من التأخير الحاصل في التدبير البيئي، من خلال عدة برامج رئيسية أهمها، البرنامج الوطني للتطهير السائل، والبرنامج الوطني للنفايات المنزلية، والبرنامج الوطني لتثمين النفايات، من خلال وضع منظومات إعادة التدوير وتثمين النفايات.وكشفت عن إطلاق وزارتها بتنسيق مع وزارة الداخلية مسار مفاوضات مع الجماعات الترابية والجهات، بهدف تعزيز التدبير المندمج والمستدام للنفايات وتنظيم منظومات إعادة تدوير وتثمين النفايات، وذلك عبر إقامة مطارح إما على مستوى العمالات أو الجهات مقابل تخصيص الوزارة لدعم يقدم وفق الشروط السالف ذكرها. وأكدت الوزيرة، على ضرورة انخراط وإدماج جميع القطاعات ذات العلاقة بمختلف الجوانب البيئية، وكذا مختلف الأطراف في القطاع الخاص أو العام، والمجتمع المدني، بل حتى المواطنين أنفسهم، فضلا عن تقوية التعاون مع المؤسسات والهيئات الدولية، وذلك لوقف الهدر الذي تتعرض له الموارد الطبيعية، والحد من الكلفة الباهظة التي يؤديها المغرب راهنا نتيجة هذا التدهور البيئي وللأجيال القادمة بالأخص.وفي ذات السياق، كشفت معطيات الدراسة أن تقييم تكلفة التدهور البيئي بالأسعار الثابتة لسنة 2014، يفيد أن كلفة التدهور خلال السنة السالف ذكرها بلغ 450 درهم للفرد، فيما كانت التكلفة تصل سنة 2000 إلى 590 درهم للفرد، مما يعني انخفاضا بأكثر من 20 في المائة بين سنتي 2000 و2014، وعزت المسؤولة الحكومية هذا التطور في جزء منه لانخفاض التكاليف المرتبطة أساسا بالماء والنفايات، حيث أن تكلفة تدهور قطاع الماء انخفضت ب60% لتمر من 190 إلى 80 درهم للفرد، بينما سجلت تكلفة تدهور النفايات انخفاضا ب50% حيث مرت من 80 إلى 40 درهم للفرد. وأضافت أن تنزيل البرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية والبرنامج الوطني للتطهير السائل ساهما في هذا التحسن، وهما البرنامجين اللذين بلغت تكلفة إنجازهما على التوالي 43 مليار درهم و50 مليار درهم. أما بخصوص قطاع الغابة، فأفادت المسؤولة الحكومية أن تكلفة تدهورها تقلصت من 5 إلى 0.3 دراهم للفرد، فيما بقيت تكلفة تدهور التربة كما كانت عليه سنة 2000. وقد لوحظ أيضا ارتفاع طفيف في تكلفة تدهور تلوث الهواء وهذا ناجم عن اختلاف الملوثات المقاسة بين 2000 و2014 واختلاف المنهجية المتبعة، علما بأن المدن المغربية عرفت ارتفاعا هائلا في عدد السيارات والدراجات النارية خلال السنوات الأخيرة.وأبدت المسؤولة الحكومية تفاؤلا بشأن المستقبل، معتبرة أن النتائج التي توصلت إليها الدراسة، تبقى معطياتها بشكل شمولي إيجابية بل وتعد مؤشرا ممتازا على التأثير الإيجابي للتدابير التي اتخذها المغرب لتعزيز العمل البيئي، وفق تصور ملكي، من أجل دعم توجه المغرب نحو التنمية المستدامة، مقرة في ذات الوقت باستمرار بعض المشاكل البيئية كتلوث الهواء الذي يستلزم عناية خاصة، حيث تم وضع وإنجاز برنامج للحد من تلوث الهواء والذي بات اليوم أحد أولويات البرنامج الحكومي الحالي.