اعتبرت الخارجية الأمريكية في تقريرها حول الاتجار بالبشر في العالم الصادر الثلاثاء الماضي، أن الحكومة المغربية لم تتمكن من أن تستوفي أدنى مستوى من المعايير في مجال القضاء على الاتجار بالبشر، بالرغم من الجهود المهمة التي مافتئت تبذلها، مصنفة المملكة ضمن القائمة الثانية من الدول التي تسعى جاهدة لمكافحة والقضاء على جميع أشكال الاتجار بالبشر، حيث اعتمدت عدة تدابير على رأسها قانون لمكافحة الاتجار بالبشر منذ سنة 2016، وإحداث لجنة بين وزارية تتولى موضوع مكافحة الظاهرة، إلا أنها لم تتمكن بعد من الوصول إلى الحد الأدنى من المعايير للقضاء على الظاهرة. ودعت الخارجية الأمريكي، السلطات المغربية إلى تنفيذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي رغم وضعه سنة 2016، لم يدخل بعد حيز التنفيذ، وبفرض عقوبات صارمة على مقترفي هذه الجرائم، ورفع التجريم عن الضحايا، فضلا عن وضع تصنيف للبيانات للتمييز بين جرائم الاتجار بالبشر وجرائم تهريب البشر، فضلا عن إقرار خدمات خاصة والتي تلبي حاجيات ضحايا جميع أشكال الاتجار بالبشر. وأفاد تقرير الخارجية الأمريكية برسم 2017، والذي يهم مجمل بلدان المعمور، أن الحكومة أظهرت مزيدا من الجهود مقارنة بالفترة السابقة ما أبقى على ترتيبها ضمن القائمة الثانية من الدول التي تسعى جاهدة لمكافحة جميع اشكال الاتجار بالبشر، إذ فضلا عن اعتماد قانون لمكافحة الاتجار بالبشر سنة 2016 وإحداث لجنة بين وزارية تتولى موضوع مكافحة الظاهرة، تم وضع قانون لتقنين تشغيل القاصرين بالبيوت، وتوسيع خدمات الحماية القانونية والاجتماعية وهي إجراءات تندرج ضمن الجهود التي بذلتها الحكومة لتطويق الظاهرة.ويؤاخذ التقرير على الحكومة، أنها لم تف بالحد الأدنى من المعايير الخاصة في اتجاه القضاء على الظاهرة على عدة مستويات رئيسية، أبرزها عدم بذل جهود كافية على مستوى التحقيق ومتابعة الأشخاص المحتمل تورطهم في جرائم الاتجار بالبشر، فضلا عن غياب آلية لتحديد الضحايا، خاصة ضمن المهاجرين غير النظاميين، والذين يعدون الفئة المعرضة بشدة للاتجار بالبشر في المغرب، حيث نتيجة ذلك يوجد ضحايا مجهولو الهوية ينتمون للساكنة التي تعاني الهشاشة عرضة للعقاب، وإعادة الاتجار فيهم. وأفادت الخارجية في هذا الصدد، أن الحكومة المغربية لا توفر آلية لجمع البينات والمعطيات الخاصة بالظاهرة كما أنها لا توفر خدمات حماية خاصة والتي تلبي حاجيات ضحايا الاتجار بالبشر، منوها، في المقابل، بما تضمنه قانون الاتجار بالبشر من عقوبات في حق المتورطين في جرائم الاتجار بالبشر، حيث سن عقوبات تتراوح بين 5 و30 سنة سجنا، وهي عقوبات صارمة تتوافق مع مقتضيات الاتفاقيات والبروتوكولات الأممية، من بينها اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية، وكذا اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، والاتفاقية الخاصة بالرق. وأشار في هذا الصدد إلى أن مدونة القانون الجنائي تتضمن عقوبات صارمة أيضا حينما يتعلق الأمر بالإجبار على ممارسة الدعارة، ودعارة الأطفال، إذ تترواح العقوبات بين 10 سنوات والسجن المؤبد، لكن التقرير نبه إلى وجود عديد من القوانين، تم استعمالها في الفترة التي يشملها التقرير، في جرائم ترتبط بأشكال من الاتجار بالبشر، حيث كانت العقوبات بموجب هذه القوانين غير صارمة بما فيه الكفاية ، إذ لم تتراوح سوى بين سنة واحدة وثلاث سنوات، وأشار في هذا الصدد إلى الفضل 10 من مدونة الشغل، الخاصة بحظر العمل القسري للعامل، حيث يعاقب على هذه الجريمة بغرامة وبالنسبة للجرائم اللاحقة بالسجن لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر للجرائم اللاحقة ، إذ تعد العقوبات ليست صارمة بما فيه الكفاية. وآخذت الخارجية الأمريكية على الحكومة المغربية عدم جعل بيانات الاعتقال أو المتابعات القضائية علنية، مبرزة أن الحكومة في المقابل حافظت على تعاون وثيق مع إسبانيا، حيث تم توقيف ومقاضاة وإدانة متاجرين بالبشر على المستوى الدولي، حيث سجل في هذا الصدد تعاون مغربي إسباني، في إلقاء القبض على 10 أشخاص أعضاء عصابة للإتجار بالبشر، كانت تنشط في تهريب الأشخاص بين البلدين، كما أفادت الحكومة بالتعاون مع حكومات كل من هولندا، وتركيا في محاصرة عصابات الاتجار بالبشر على الصعيد الدولي. وفي ذات الوقت، أعلنت الخارجية الأمريكية في الجانب الخاص ببعض من الجهود المبذولة من قبل الحكومة المغربية، حيث أفادت هذه الأخيرة عن تفكيك 33 شبكة تنشط في مجال تهريب البشر، سنة 2016، لكن المتابعات القضائية لم تصل إلى مداها في حق المتورطين، كما أجرت تحقيقا منفصلة واعتقلت ثلاث مواطنين سعوديين وأمريكي واحد بتهمة الاتجار بالأطفال جسنيا والسياحة الجنسية للأطفال ، كما أصدرت أحكام بالإدانة في حق أشخاص بتهمة التسول بالإكراه، حيث حصل كل الجناة على أحكام بالسجن لشهر واحد لكل منهم، وهو ما اعتبر غير كاف كعقوبات لاتمكن من ردع مقترفيها. وجدد التقرير الإشارة كما هو في التقارير السابقة إلى الشبكات الإجرامية التي تنشط بمدينة وجدة، وتحديدا على الحدود الجزائرية، وكذا بمدينة الناظور والتي تجبر النساء ضحايا الهجرة السرية اللواتي ليست بحوزتهن أية وثائق تثبت هويتهن، على ممارسة الدعارة والتسول، واللواتي ينتمين لبلدان ساحل العاج، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والكامرون ونيجيريا، كاشفا أن المهاجرات النيجيريات اللواتي يعبرن وجدة يتم تهديدهن، وإجبارهن على ممارسة الدعارة بمجرد الوصول إلى أوروبا.