نجحت الدورة الثالثة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية التي اجتمعت ببوزنيقة يومي 18 و19 دجنبر 2010 في التأكيد مجددا على وحدة الحزب وعلى متانة الروابط التي تجمع بين مختلف المنتسبين إليه، حيث خرج الحزب من هذه الدورة وكله عزم على مواصلة السير في الطريق الذي رسمه لنفسه من أجل الانخراط بقوة في الاستحقاقات القادمة. من أجل تحوير النقاش السياسي العام داخل الحزب نحو مسارات أخرى إننا في حاجة إلى بلورة المزيد من المواقف التي بإمكانها أن تضع الحزب في طليعة الأحزاب المغربية التي تتوجه نحو المستقبل، وهو المستقبل الذي بدأت معالمه تظهر من خلال تقرير الديوان السياسي الذي قرأه الرفيق نبيل بنعدالله والذي أكد من خلاله على ضرورة تمكين الأحزاب المغربية ومكونات المجتمع المدني من وسائل العمل اللازمة للاضطلاع بدورها في الأقاليم الجنوبية كما في غيرها من مختلف مناطق المغرب، حيث كان التقرير بمثابة كشف حساب حول مختلف المحطات التي قام بها الحزب لخدمة القضية الوطنية قبل أن يتم التأكيد على ضرورة تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة خصوم الوحدة الترابية وهو ما لا يمكنه أن يتم إلا من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة لكل المواطنين المغاربة أينما كانوا ومواصلة مسار التنمية المستديمة التي تتجلى في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي لا زالت في حاجة إلى كثير من العمل رغم مرور أزيد من خمس سنوات على إقرارها من طرف جلالة الملك، علما أن الحزب يتطلع من خلال ما دعا إليه خلال هذه المحطة التنظيمية إلى إضفاء المزيد من الحركة والدينامية على عمل الأحزاب السياسية التي تحول البعض منها إلى مجرد كائنات سياسية وأحيانا طفيلية. إن دعوة حزب التقدم والاشتراكية إلى ضرورة تمكين الأحزاب المغربية من الأدوات اللازمة للعمل في الصحراء المغربية لم تأت من فراغ ولكنها دعوة تنبع من دراسة للواقع المعاش، خاصة وأنه لا يكفي فتح مقرات للأحزاب أو البحث عن مرشحين للتدليل على تواجد التنظيم الحزبي بالصحراء، بل يتطلب الأمر ضرورة العمل من أجل تنمية الوعي بالقضية في نفوس وعقول المواطنين بهذا الجزء العزيز من الوطن، وهو ما يستوجب نوعا من التعاون ليس بين الأحزاب فقط، ولكن أيضا بين هذه الأخيرة والسلطات المختصة من أجل إزالة كل مسببات التوتر والتعاطي الإيجابي مع مطالب المواطنين وعدم تركهم عرضة لليأس أو السقوط في براثن التطرف الذي قد يؤدي بهم إلى التحول لضحية في يد الانفصاليين الذين يحاولون اللعب على كل الحبال من أجل معاكسة حقوق المغرب المشروعة في صحرائه، وبالتالي، فأعتقد أن الدعوة التي أطلقها الحزب خلال الدورة الثالثة للجنته المركزية لا ينبغي أن تبقى حبيسة الأسطر التي كتبت فيها، بل يجب أن يقوم الحزب ببلورتها كمشروع عمل قابل للتحقق على أرض الواقع، خاصة وأن الحزب دعا كما جاء في تقرير الديوان السياسي إلى «التعامل مع هذه المهمة المركزية باعتبارها ضرورة ملحة ومستعجلة، خاصة في هذا الظرف الدقيق والحاسم، الذي تتزايد فيه مناورات خصوم الوحدة الترابية، بعد أن تمكن المغرب من استرجاع زمام المبادرة في الساحة الدولية، بشأن إيجاد تسوية سليمة وعقلانية ونهائية لهذه القضية، وذلك عبر مقترحه الشجاع القاضي بتخويل الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا في إطار السيادة المغربية» وذلك في علاقتها بالعمل على توسيع فضاءات الحريات العامة والجماعية وتطوير حقوق الإنسان، خاصة وأن الحزب يقترح أيضا العمل على صياغة ميثاق اجتماعي واقتصادي يشرك الدولة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في بلورة سياسة تكرس الديموقراطية والحداثة والتقدم الاقتصادي بما يحفظ الهوية المغربية الأصيلة، علما أن كل الدعوات التي أطلقها الحزب في هذه المحطة لا يمكن لها التحقق إذا لم يتم التعاطي معها بالإيجاب سواء من طرف الدولة ممثلة في الحكومة أو الشركاء السياسيين لحزب التقدم والاشتراكية الذين يمكن لهم التعاون معه في بلورة موقف جماعي ملزم للجميع لخدمة القضية الوطنية أولا وإيجاد الحلول الاجتماعية الناجعة لكل المعضلات ثانيا، وإرساء مجتمع السلم والديمقراطية ثالثا.