شهدت مكاتب النيابة العامة لدى محاكم عدد من المدن المغربية، خاصة مدينة الدارالبيضاء في الآونة الأخيرة، تقاطر سيل من شكايات ضحايا نوع من التسويق دخل للمغرب تحت مسميات «التسويق الشبكي»أو «التسويق الهرمي» ، وهي يافطات عديدة تحجب نشاطا مبهما وغير واضح سواء من الناحية القانونية أو الأخلاقية. وتعددت أسماء الشركات التي تنشط في هذا النوع من التسويق، كما تعددت عناوين الشعارات والهدف واحد. ومنذ تفجرملف شركات التسويق الهرمي، وتكاثر شكايات الضحايا دخلت السلطاتا لقضائية والبنكية على الخط ما أدى إلى تجميد الحسابات البنكية لبعض الشركات العاملة في المجال، من أجل إجراء تدقيقات وافتحاصات لماليتهاا لتي وصلت إلي عشرات مليارات السنتيمات. هذه الشركات قدمت إلى عملائها وعودا بتحقيق أرباح مغرية، ما يدفع الباحثين عن الكسب السريع إلى الانسياق وراء هذه الدعاية، في غياب أي إطار قانوني يحميهم من مخاطر الوقوع في فخ وحالة من النصب والاحتيال يتوهمون أنه باب للاستغناء والهروب من وضعية الفقر والهشاشة. لكن، ومع الأسف، فهذا الفخ وقع فيه عشرات المآت بل الآلاف من المغاربة قبل أن يستفيقوا من حلمهم على وقع تحقيقات قضائية وتجميد لحسابات بنكية بمليارات السنتيمات بل، واعتقالات تلتها محاكمات. فما هو التسويق الشبكي والتسويق الهرمي؟ وكيف دخل المغرب؟ وماهي «نظرية بونزي» في الاحتيال التي يستند إليها؟. وكيف انتهت أحلام عشرات الآلاف من المغاربة البسطاء من معانقة فردوس الاغتناء السريع إلى دهاليز الشرطة القضائة وردهات المحاكم؟ الحلقةالاولى الهروب بعد جمع الملايير من الاشتراكات كانت البداية في سنة 2013، حيث تأسست شركة تدعى " LEARN AND EARN COSMETIQUE قدمت نفسها بكونها مختصة في تسويق زيوت الأركان وبعض المنتجات الطبيعية الأخرى، حيث وضعت نظاما للانخراط يقوم على أساس الاستثمار في الشركة عبر التسجيل أولا، ودفع انخراط دوري كل 3 أشهر، يقوم خلالها المنخرط بجلب زبائن جدد للشركة الذين يشترون المنتوج في مقابل عمولة. ويحصل أيضاً المستخدم على نسبة في حالة قيام الزبناء الذين جلبهم، ببيع المنتوج لآخرين حيث سيصبح في قمة الهرم لشبكة من الزبناء المشتركين بأسفله. وتعددت الشركات التي دخلت المغرب لتقتحم هذا النشاط. وتعمل شركات التسويق الشبكي في بلدان مختلفة على إقناع عملائها بدفع مبلغ مالي محدد نظير إدماجهم كأعضاء في شبكات لتسويق منتجات مستوردة، غالباً ما تكون إلكترونية، في المقابل تعد هذه الشركات عملاءها بعمولات مجزية عند انتداب عملاء جدد من المحيطين بهم للاشتراك كأعضاء في هذه الشبكات. وغالبا ما يهرب المسؤولون عن هذه الشركات بعد جمع الملايير من اشتراكات أعضائها. وفي حين يخضع التسويق الشبكي في الدول المتقدمة لقوانين واضحة تحدد مسؤوليات كل الأطراف المتداخلة، نجد أغلب شركات التسويق الشبكي في الدول الأخرى مثل المغرب وهمية أو شبه وهمية لعدم وجودها بالسجل التجاري الذي يسمح بملاحقتها قضائيا في حال احتيالها على عملائها، ما يجعل نسبة المخاطرة في التعامل معها مرتفعا. ويبدو أن استفحال المشكل دفع بالسلطات النقدية والقضائية بالمغرب للتدخل من أجل وضع حد لنشاط الاحتيال والنصب على المواطنين المغاربة.فقد قامت السلطات بتجميد أرصدة عدة شركات واعتقال أصحابها وهو ما دفع بالعديد من المواطنين الذين شكلوا زبناء/ضحايا تلك الشركات للقيام بحركات احتجاجية مطالبين بتحرير اشتراكاتهم وعمولاتهم الموجودة بالحسابات المجمدة للشركات المعنية.في هذا السياق يقول أحد الموزعين ان الكثير منهم وضعوا كل مدخراتهم في أنشطة هذه الشركة «لورن أند أورن كوسميتيك»، واليوم يعانون كثيرا لأجل تسديد مصاريفهم. ويضيف: «هناك حالات اجتماعية وصلت إلى الطلاق، وهناك من اضطر إلى الاستدانة وهناك من أضحى مهددًا بإفراغ مسكنه». وإذا كانت هذه الشركات قد وجدت في المغرب تربة خصبة وفراغا قانونيا لنصب حبالها على فئات واسعة من المغاربة فقد شهدت بلدان أخرى تجارب مع هذه الشركات التي أوقعت عشرات الآلاف من الضحايا مما دفع بحكوماتها إلى استصدار قرارات قضائية وإجراءات قانونية لمواجهة أنشطتها. ونذكر هنا مثال تونس حيث نبهت وزارة الداخلية إلى وجود ما يعرف بنشاط التسويق الشبكي الهرمي عبر شبكات الإنترنت تحت مسمى مؤسسات أجنبية، وذلك من خلال إيهام المواطنين بقدرتهم على تحقيق أرباح مالية كبيرة عن طريق المساهمة في الاندماج بالشبكة، وترتفع هذه المساهمة من خلال قدرة كل عميل على جلب أعضاء جدد. وأكدت الوزارة أن هذه الأفعال تندرج ضمن خانة التحايل، علاوة على وجود عدة أسماء لشركات أخرى مماثلة تنشط عبر شبكة الإنترنت، داعية التونسيين إلى عدم الاشتراك في مثل هذه الشبكات للحفاظ على أموالهم من جهة ولتجنب الملاحقات القضائيّة من جهة ثانية. وقد شهدت تونس في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا للشركات الهرمية لتوظيف الأموال، فضلا عن فتح مؤسسات أجنبية لفروع لها بالبلاد في إطار ما يسمى بالتسويق الشبكي، غالبا ما تتبخر بعد أن يحقق مؤسسوها مكاسب مالية كبيرة تاركين وراءهم آلاف الضحايا ممن يقعون في فخ البحث عن الكسب السهل. وفي أكثر من مناسبة، أكد البنك المركزي التونسي تجميد وغلق حسابات شركاتللتسويق الشبكي باعتبارها حسابات مشبوهة. وأدى غياب الرقابة على الأرباح والكسب السريع، إلى اندماج العديد من التونسيين في هذه الشركات التي تعتمد في التعريف بنشاطها على شبكات التواصل الاجتماعي أو اللقاءات المباشرة في المقاهي والفنادق، في غياب مقرات ثابتة لها بحجة أن طريقة التسويق الشبكي تقوم على إقناع العملاء بالتواصل المباشر. ولم تستطع لا دورية بنك المغرب بخصوص التسويق الشبكي، ولا القانون 31.08 المنظم لتدابير حماية المستهلك، تأطير هذه الظاهرة. وقد كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية، مهد هذه الظاهرة، حيث اعتقلت في سنة 2008، عن طريق مكتب التحقيقات الفدرالي، المسمى برنارد مادوف صاحب شركة للتسويق الشبكي أو الهرمي مسجلة بوول ستريت، بتهمة النصب والاحتيال،بعدما نصب علىما يناهز 50 مليار دولار، في الوقت الذي طال الأمر بنوكا اسبانية وسويسرية وفرنسية وإيطالية وبنوكا من دول أخرى بضياع أكثر من مليار دولار بسبب نفس الشخص. كما أنه تم اعتبار التسويق الشبكي أو الهرمي، غير قانوني في العديد من دول العالم، بحيث أنه غالباُ ما يكون تاريخ مثل هذه الشركات إما غامضاً أو مجهولا، ومليئة بقضايا النصب والاحتيال، أو ممنوعة دولياً،أوتكون من الشركات الوهمية الخادعة بدافع التسوق وترويج المنتجات عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يستند إلى نظرية شارل بونزي في نظرية الاحتيال.