أوضح مسؤول أمني بأن المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط دخلت على خط تدوينة المواطن الكندي من أصل مغربي، محمد برهون، وأنها فتحت بشأنها بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة المختصة للتحقق من "الاعتداء الجسدي والتهديد بالقتل والاختطاف" الذي ادعى المصرح بأنه تعرض له من طرف "أحد عناصر الأمن المحسوبين على جهاز المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني DST". وشدّد ذات المصدر بأن "منشأ هذه القضية ينطلق من خلافات أسرية صرفة بين صاحب التدوينة وشقيقه الذي يعمل بمؤسسة أمنية بالرباط، وأن خلفيات هذا النزاع العائلي لا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بصفة المشتكى به، ولا ترتبط نهائيا بطبيعة مهنته كموظف في مرفق عام شرطي". واستغرب المصدر ذاته ما اعتبرها "مزايدات مستهجنة تتمثل في إقحام المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في نزاع عائلي بين شخص وشقيقه، بشكل يمس بالحياد والتجرد المفروض في المرافق العامة المكلفة بحفظ الأمن"، كما أبدى رفضه لما وصفها ب "الحملة الممنهجة التي انخرط فيها البعض، بكثير من التهور والتسرع، لاستهداف مصالح الأمن بشكل مجاني في قضية شخصية تتعلق بخلاف عائلي حول أملاك عقارية لا علاقة لها نهائيا بالمؤسسة الأمنية". وختم المصدر الأمني تصريحه بالتأكيد على "أن البحث التمهيدي في هذه القضية الأسرية الخالصة يتواصل حاليا تحت إشراف النيابة العامة المختصة"، مشدّدا في المقابل على أن مصالح الأمن تحتفظ لنفسها بحق اللجوء إلى القضاء في حق من قال أنهم "افترضوا الإدانة بشكل مسبق في مواجهة مصالح الأمن، وانبروا يُردّدون الأخبار الزائفة والاتهامات الكيدية في حق مؤسسة أمنية دون التحقق من طبيعة ومنطلقات التدوينة المنشورة". تسرع حقوقي..أم تضامن غير مشروط نشر الناشط محمد برهون، يوم الاثنين المنصرم، تدوينة على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك تحت عنوان "تهديد بالقتل بالمغرب" أورد فيها "تعرضت اليوم بالرباط لاعتداء جسدي قوي من طرف احد عناصر الامن المحسوبين على جهاز المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني DST، صاحب الاعتداء، التهديد بالقتل والاختطاف. غدا سوف اتقدم بشكوى رسمية لمصالح الامن بالرباط واحمل السلطات المغربية مسوولية سلامتي. نسخة من الشكاية سوف تبعت كذالك السلطات الكندية". وقد انتشرت هذه التدوينة بسرعة في الشبكات التواصلية مثل النار في الهشيم، وتفاعل معها الحقل الحقوقي المغربي بشكل سريع وتضامني، في وقت طالب فيه مصدر أمني "بضرورة التريث وعدم استباق مجريات البحث، متعهدا بأن مصالح الأمن سوف تتفاعل بالجدية المطلوبة مع هذه التدوينة، وأنها تتعاطى معها، في هذه المرحلة من البحث، على أنها تبليغ أو وشاية بشأن جريمة مفترضة". وقد تواترت تدوينات وتعليقات بعض النشطاء والحقوقيين والمدونين في وسائط الاتصال الجماهيري، حيث كتب المعطي منجب قائلا "محمد برهون مناضل وحقوقي يتعرض للتهديد بالقتل في قلب العاصمة"، وعبر للضحية المفترض "عن تضامنه الأخوي"، كما حثه على مطالبة الشرطة القضائية "بتمكينه من نسخة مما سجلته (كاميرة) المراقبة". أما عبد الرزاق بوغنبور فقد نشر يوم الثلاثاء 10 ماي الجاري تدوينة طويلة مما جاء فيها "ماذا يحدث في وطننا، الهذه الدرجة اصبح المنتقدون مزعجين للدولة، هل ضاق صدر الوطن من محاولات قليلة للتعبير عن وضع معين في نظر أصحابه مخالف للقانون. هناك وهناك ودون أن نتمكن من الاطلاع على كل ما يحدث في كافة ارجاء وطننا : محاولة "اغتيال" الصديق يوسف الحيرش بالقنيطرة وتعنيف الأستاذ محمد برهوم المقيم في كندا والذي هو في زيارة للمغرب ..."، قبل أن يردف تدوينته "فقدنا حرياتنا الأساسية والآن نفقد أمننا وتتعرض حياتنا للخطر ناهيك عن المراقبة الأمنية اللصيقة لأدق تفاصيل حياتنا والمقربين منا". وفي سياق متصل، أعاد الناشط سعيد العمراني نشر تدوينة محمد برهون معلقا عليها بقوله "... واش هذا هو الأمن والأمان الذي يسعى اليه المغاربة وقاتل من اجله اجدادنا.هاذشي حرام والله إلى حرااااام"، أما إدريس الراضي (والد عمر الراضي) فقد علق قائلا "محاولة اغتيال الصديق يوسف الحيرش بالقنيطرة وتعنيف الأستاذ محمد برهوم المقيم في كندا والذي هو في زيارة للمغرب ومتابعة محمد اليوسفي من العيون في حالة اعتقال. كيف اجتمعت كل هذه الكوابيس في يوم واحد؟كل هؤلاء يلتقون في التضامن مع المعتقلين وفضح فساد رجال الدولة. رغم حدوث هذه الأحداث في مدن مختلفة ومتباعدة فإنها تشير إلى اتجاه واحد. فقدنا حرياتنا الأساسية والآن نفقد أمننا وتتعرض حياتنا للخطر". ولم يقف التفاعل الافتراضي مع تدوينة محمد برهون عند هذا الحد فقط، بل نشرت بعض الصفحات الفايسبوكية الأجنبية عبارات خطيرةتصف مصالح الأمن بكونها "عصابة" وتتهمها بشكل مباشر بكونها هي "المتورطة في محاولة اغتيال المواطن الكندي من أصل مغربي محمد برهون". وفي سياق متصل، نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بيانا، يومه الأربعاء، ادعى فيه "تعرض الحقوقي الكندي من أصل مغربي محمد برهون لاعتداء جسدي من قبل أحد عناصر الأمن المغربي خلال تواجده بالرباط لزيارة عائلته، إضافة إلى التهديد بالقتل والاختطاف"، كما أعاد المرصد ذاته نشر تدوينة محمد برهون كاملة مقرونة بقناعة جازمة يتحدث فيها عن "رصد تطور خطير في استهداف النشطاء الحقوقيين والمعارضين في المغرب، وصلت في بعض الحالات إلى الاعتداء الجسدي على النحو الذي قد يفضي إلى القتل". وقد علّق المصدر الأمني على بيان المرصد الأورومتوسطي وتدوينات نشطاء الحقل الحقوقي بأنها "للأسف تنم عن تهور غير مبرر وتسرع غير مقبول من جانب هيئات وأشخاص كان من المفروض أن يتحلوا بالرزانة وتحري الحقيقة بما يخدم ثقافة حقوق الإنسان"، مردفا كلامه بأن "مصالح الأمن تبقى غير مسؤولة عن الخلفيات المشبوهة وغير البريئة لأحد الأطراف، الذي تعمد إقحام المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في قضية شخصية لاستدرار زخم غير مشروع، بينما كان حريا به أن يتحدث مباشرة عن شقيقه، على اعتبار أن منطلقات القضية هي عائلية ولا علاقة لها بالمؤسسة التي ذكرها المعني بسوء نية (ترجيحا)". وقد استأثر هذا الموضوع بنقاش محتدم في منصات وشبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا بعد ظهور معطيات جديدة تؤكد الطابع الشخصي والعائلي لشكاية محمد برهون، إذ عبر العديد من المعلقين والمغردين عن استهجانهم لما وصفوه "بمحاولة مقيتة لإسدال الطابع السياسي والمؤسساتي على خلاف أسري"، بينما اتهم أحد المعلقين الناشط الكندي من أصل مغربي ب"سوء النية" بدعوى أنه راهن على إقحام مؤسسات الأمن لإعطاء بعد حقوقي وخلفية سياسية لمشكله الأسري مع شقيقه. أما مدونون آخرون فقد رفضوا بشكل قاطع ما سمّوه "تهافت من يقدمون أنفسهم حقوقيين"، وكتب أحدهم "للأسف هناك (نشطاء مفضوحين) ينساقون بسرعة مع الأكاذيب والأراجيف دون التحقق منها وتحري الحقيقة بشأنها، خصوصا إذا كانت تستهدف الدولة وتناوئ مؤسساتها". تفويت نصيب الأم في الشقة.. يفجر خلافا أسريا. شدّدت مصادر متطابقة على أن "خلافا بين محمد برهون وشقيقه الذي يعمل موظفا أمنيًا، حول تفويت شقة مملوكة للأسرة، هو الذي فجر هذا النزاع وكان سببا في التدوينة المنشورة". واستطردت ذات المصادر بأن هذا الخلاف نشب بين الشقيقين بعدما أبدى الشقيق المقيم في كندا رغبته في "اقتناء نصيب والدتهما في شقة عقارية بينما رفض الشقيق الثاني العرض المقترح، وهو السجال الذي أجّج النزاع العائلي ونقله من نطاقه الأسري الضيق إلى الشبكات المفتوحة على منصات التواصل الاجتماعي" . وختمت ذات المصادر بأن "واقعة الخلاف بين الشقيقين حضرها العديد من الجيران والمعارف وأفراد الأسرة، بمن فيهم الأم، والذين تدخلوا وحاولوا لملمة هذا النزاع الأسري والحيلولة دون أخذه لتطورات كبيرة". يُذكر أن الشرطة القضائية بالرباط لا زالت تباشر أبحاثها في موضوع هذه القضية، ومن المنتظر أن تظهر معطيات أوفى حول هذا الخلاف الأسري بعد انتهاء مجريات التحقيق ورفع السرية على الأبحاث القضائية المنجزة. كما أنه من المرتقب أن تعلن مصالح الأمن الوطني، في الأمد المنظور، عن الخطوات القانونية التي سوف تسلكها في مواجهة من قالت أنهم "اتهموا مؤسسة أمنية بشكل مجاني ومتحامل بالتورط في هذه القضية، رغم أنها قضية عائلية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بعمل المؤسسات الأمنية التي تسهر على أمن المواطنين وسكينتهم".