بسط رئيس المجلس الوطني للصحافة، يونس مجاهد، خلال اللقاء التشاوري الذي عقد أمس بالمعهد العالي للإعلام والإتصال بمدينة الرباط، بحضور وزير الشباب والثقافة والاتصال المهدي بنسعيد، والوزير المنتدب لوزارة المالية والاقتصاد فوزي لقجع، حول موضوع "الصحافة الوطنية: أي خيارات لمواجهة التحديات الجديدة وكسب رهان التأهيل"، الوضعية الحالية التي يعيشها قطاع الصحافة في المغرب بسبب تداعيات جائحة كورونا. وقال مجاهد "إننا اليوم أمام وضع جديد، قام المجلس بتشخيصه، في تقرير شامل، إعتبر أن الأزمة الهيكلية للصحافة المغربية، ظهرت ملامحها الأولى منذ سنة 2013، إلا أن حدتها ازدادت واستمرت، مع ظهور الجائحة. وأوضح رئيس المجلس الوطني للصحافة أن المعدل اليومي لمبيعات الصحف الوطنية، بلغ خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2020، 76 ألف نسخة، ثم تراجع إلى حدود نهاية السنة إلى 38,500 ألف نسخة، ولا زال في التراجع إلى غاية اليوم، مضيفا أنه لم يعد من الصحف الورقية للصدور، إلى حدود نهاية 2020، إلا حوالي نصف ما كان يصدر قبل الجائحة. ولم تنج الصحافة الرقمية هي الأخرى من مظاهر الأزمة. وأشار مجاهد إلى أن قطاع الإشهار تأثر بهذا الوضع، حيث نزلت الإعلانات التجارية، خلال فترة الحجر الصحي، لتصل نسبة الاستثمارات إلى أقل من 40 ٪، وكان الخاسر الأكبر في هذا الوضع هي الصحافة الورقية، مشيرا كذلك إلى أن المعطيات التي توصل إليها المجلس في تقريره تؤكد أن 32٪ من المعلنين توجهوا للتواصل الرقمي كأولوية سنة 2020، وأن 92٪ منهم توجهوا إلى الشركات الرقمية العملاقة "GAFAM". وأكد مجاهد أن تدهور الصحافة الورقية ليس سببه الوحيد في المغرب هو التحول الرقمي، لأن الصحافة الرقمية بدورها مأزومة وتحتاج إلى هيكلة وتنظيم وتأهيل، ولكنه يعود أيضا، إلى عدم توفر الصحافة المغربية بشقيها على نموذج اقتصادي ملائم لخصوصيتها ولواقع محيطها، إضافة إلى هشاشتها، ونقص رأس مالها، وقلة مواردها البشرية، وضعف منسوب حكامة وحسن تسيير أغلبها. وأبرزت المؤشرات المتعلقة ببنيات المقاولات الصحفية المغربية الذي بسطها مجاهد أمام الحاضرين في اللقاء المذكور بعضا من المظاهر التي تكشف هشاشة الصحافة المغربية بشقيها الورقي والرقمي، حيث وحسب المعطيات المتوفرة للمجلس من خلال طلبات البطاقة المهنية هناك 731 مقاولة صحافية منها 447 إلكترونية (أي61٪) و284 ورقية (أي حوالي39٪) منها الوطنية والجهوية. وبالنسبة للصحافة الورقية، أكد مجاهد أن أكثر من 53 ٪ من مقاولاتها تشغل أقل من 5 صحفيين؛ و أكثر من 28٪ منها تشغل صحفيا واحدا وهو نفسه مدير النشر ورئيس التحرير. أما بالنسبة للصحافة الرقمية، ف 86 ٪ من مقاولاتها تشغل أقل من 5 صحافيين، وحوالي 47٪ منها تشغل شخصا واحد وهو نفسه مدير النشر ورئيس التحرير وصاحب المشروع. وشدد مجاهد على أن من بين المحاور التي من الضروري التعرض لها في اللقاء التشاوري المنعقد أمس، هو كيف يمكن ملاءمة الدعم العمومي مع قانون الصحافة والنشر، وبالأخص المادة 7 منه، الذي ينص على الأهداف التالية، تنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم الموارد البشرية، وكذا مع مرسوم مارس 2019، فإنه يؤكد صراحة على تخصيص الدعم ل"تنمية القدرات البشرية والتكوين والمواكبة من أجل التأهيل وتعزيز التعددية وتحديث الإنتاج والتجهيز والطباعة والتوزيع". وتساءل مجاهد كيف يمكن جعل الدعم العمومي، حافزا من حوافز إصلاح الإختلالات البنيوية، التي أشار إلى بعض ملامحها، والتي يشكل حسن التسيير والتدبير ووضع الموارد البشرية، في الإدارة والتحرير والمجالات التقنية، على رأس الأولويات.