أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره المتعلق بالدعم المقدم للصحافة، والذي تناول إشكالية الانحراف عن الأهداف المرسومة للدعم وعدم احترام المعايير وكذلك التلاعب في الدعم، وقدم في الأخير العديد من التوصيات لتجاوز التجاوزات المسجلة. إشكالية الانحراف عن الأهداف المرسومة ذكر التقرير الذي اطلع عليه "برلمان.كوم"، أن الأهداف المحددة في عقود البرامج تهدف إلى تحديث المقاولات الصحفية، وتنمية نموذج اقتصادي قادر على الاستمرار والإنجازات، كما يهدف الدعم العمومي إلى تعزيز الموارد البشرية ومضاعفة برامج التكوين. إلا أن الملاحظ، يقول التقرير، هو أن الإعانات الممنوحة للمقاولات الصحفية تمول عموما تكاليف التسيير، من قبيل شراء الورق، وأداء مصاريف الهاتف والفاكس والإنترنيت، ومصاريف توطين المواقع، وتكاليف نقل الصحف إلى الخارج، وكذا، في بعض الحالات، متأخرات الضرائب أو الضمان الاجتماعي. ورصد المصدر أن هذه الإعانات، تمول أنشطة غير مدرجة في عقود البرامج. ويتعلق الأمر، أساسا، بحالة زيادة الدعم الذي يتم تبريره بالتغيرات التي عرفها شكل إصدار صحيفة معينة، وفي حالة أخرى، بتقديم دعم لمساعدة استمرار تأهيلها. عدم احترام معايير تقديم الدعم ترتب المقاولات الصحفية المرشحة لنيل الدعم العمومي في فئات حسب حجم السحب وكلفة الإنتاج والكتلة الأجرية ودورية الصدور (يومي، أو أسبوعي، أو شهري، أو جهوي). إلا أن هذه الأسس المعتمدة لترتيب المقاولات الصحفية تظل غير متجانسة، ولا تسمح بترتيب عنوان صحفي في نفس الفئٔة بالنسبة لمعايير كلفة الإنتاج وحجم السحب والكتلة الأجرية. فعلى سبيل المثال، نجد أن العنوان الصحفي المرتب في الفئة الأولى حسب كلفة الإنتاج، يدخل في نفس الفئة، حسب حجم السحب أو الكتلة الأجرية. وفي هذا الصدد ذكر التقرير، أن فحص محاضر اللجنة الثنائية مكن من ملاحظة أن توزيع الدعم العمومي التكميلي تم وفقا للشروط المنصوص عليها في عقد البرنامج 2014- 2019 للحصول على رقم اللجنة الثنائية دون الأخذ بعين الإعتبار المعايير المحددة لنيل الدعم التكميلي، والمتمثلة في تقديم مشاريع تتعلق بإدماج التكنولوجيات الجديدة، وتعزيز قدرات المقاولة الصحفية المؤهلة في التسويق والتوزيع والإشهار، وكذلك مشاريع التكوين والتأهيل. وفي هذا الإطار، لوحظ أن المبيعات لا تتجاوز، في بعض الحالات، معدل 48 % و35 % و29 % من مجموع النسخ المسحوبة خلال المرحلة الممتدة من سنة 2010 إلى سنة 2015، غير أنه بسب اعتماد معيار حجم السحب لمنح الدعم للمقاو ت الصحفية، فإن العناوين الصحفية التي تسحب عددا أكبر من النسخ تستفيد من حصص مهمة من الدعم، بغض النظر عن عدد النسخ المبيعة. التلاعب في الدعم كشفت عملية المطابقة بين العناوين الصحفية المستفيدة من الدعم والمقاولات الصحفية الناشرة أن بعض المقاولاتً تراكم الدعم حسب عدد العناوين الصحفية، ففي سنة 2015، بلغت حصة الدعم الممنوحة لأربع شركات ما مجموعه 13,57 مليون درهم، أي 22 % من مجموع إصدارات الدعم المباشر. ويكشف هذا المعطى عن احتمال تقلص عدد المستفيدين من إعانات الدولة، علما أن قطاع الصحافة يضم أكثر من 488 عنوانا صحفيا وأكثر من 250 موقعا إعلاميا مرشحين للدعم. وفق ما ذكره التقرير. وقامت اللجنة الثنائية بالرفع من الدعم الممنوح في سنة 2012 لفائدة بعض العناوين الصحفية التي قدمت طلبات المراجعة، دون أن يكون منصوصا عليه في عقد البرنامج 2005 – 2009 الذي تم تمديد العمل به، إضافة إلى أن هذا الرفع من الدعم لم يكن موضوع عقد ملحق. سجل المجلس الأعلى للحسابات وجود عدة قرارات بمنح الدعم برسم بعض السنوات المالية تم تقييدها في اعتمادات السنوات اللاحقة. حيث قررت اللجنة الثنائية،في عدة حالات، منح الدعم إلى بعض العناوين بدون القيام بإصدار أوامر التحويل في نفس السنة المالية لفائدة المقاولات الصحفية. كما لوحظ أن ترحيل هذا الدعم يمتد على عدة سنوات في بعض الحالات، وأن اللجنة الثنائية تقوم أيضا بتتبع الدعم الممنوح خلال السنوات السابقة (لم تتوصل لجنة المجلس الأعلى للحسابات بأي محضر في الموضوع). وسجل المجلس الأعلى للحسابات أن اللجنة الثنائية منحت الدعم لعنوان صحفي توقف عن الصدور في شهر يوليوز 2009، في حين قررت اللجنة بتاريخ 2009/10/26 منحه دعما برسم السبعة الأشهر الأولى لسنة 2009 بمبلغ 600.000,00 درهم. التنافي والمشكل الأخلاقي وفيما يتعلق بعقد البرنامج 2014 -2019، لم يتم إنجاز القانون الداخلي والميثاق الأخلاقي لأعضاء اللجنة الثنائية، طبقا لمقتضيات الفصل الثالث من دفتر التحملات، بالإضافة إلى التزامات وزارة الإتصال المتمثلة في اعتماد الإطار القانوني للجنة الثنائية، وصياغة قانون حول الإشهار وأشكال توزيع الإعانات القانونية والقضائية والإدارية. وحسب القانون الداخلي، فإن قرارات اللجنة الثنائية، تتخذ بأغلبية أعضاء الحاضرين. وعند عدم بلوغ النصاب، يقرر الرئيس إما التأجيل إلى الإجتماع القادم، أو دعوة الأعضاء إلى دورة جديدة في أجل يحدده. إلا أنه يلاحظ، بالرغم من توفر النصاب القانوني خلال اجتماعات اللجنة الثنائية، عدم احترام مبدأ المناصفة بسبب الغياب المتكرر لممثلي السلطات الحكومية ونوابهم في عدة حالات، كما يلاحظ هيمنة ممثلي الفدرالية المغربية لناشري الصحف في اجتماعات اللجنة الثنائية. هذا المعطى من شأنه أن يؤثر على مبدأ المناصفة المنصوص عليه في عقدي البرنامج. يعد هدف القانون الداخلي للجنة الثنائية المنصوص عليه في عقد البرنامج 2005 -2009 والمصادق عليه في 27 يونيو 2005 هو تحديد شروط عمل اللجنة، وكذا شروط استحقاق الدعم ومسطرة تقديم طلب الحصول على الدعم العمومي من طرف المقاولات الصحفية. وقد سجل المجلس الأعلى للحسابات أن هذا القانون الداخلي، لا ينص على آليات لتسوية حالات تضارب المصالح الناتجة عن تشكيل اللجنة الثنائية، التي تمثل فيها الفدرالية ب 6 أعضاء، بالإضافة إلى أساليب معالجة طلبات الدعم المقدمة من طرف المقالاوت الصحفية التي يسيرها هؤلاء الأعضاء. وسجل أيضا عدم احترام دورية الإجتماعات، وعدم تحرير التقارير، من طرف رئيس اللجنة كما ينص على ذلك القانون الداخلي. ومن جهة أخرى، يلاحظ أن القانون الداخلي لم يحين، بالإضافة إلى وجود عدة اختلافات بالمقارنة مع عقد البرنامج 2014- 2019، لاسيما فيما يتعلق بشروط الإستحقاق (العدد المطلوب من الصحفيين المهنيين الحاملين لبطاقة الصحافة) وبمسطرة طلب الدعم العمومي. واقترح المجلس صياغة استراتيجية الوزارة فيما يتعلق بالدعم المقدم للصحافة المكتوبة وتفصيلها في برامج يتم إنجازها حسب جدول زمني محدد، مع الحرص على إنجاز وتتبع الدراسات الجارية، وضع اتفاقية – إطار فردية بين الوزارة والمقاولات الصحفية المستفيدة من الدعم العمومي، والحرص على إعداد القانون الداخلي للجنة الثنائية وميثاق الأخلاقيات لأعضائها. وأكد المجلس ضرورة إنجاز الأعمال التي التزمت بها الوزارة مع عدم تسجيل، في عقد البرنامج، إلا الأعمال التي كانت موضوع دراسات مسبقة، وبتشاور مع الشركاء المعنيين، والحرص على وضع آلية لتقييم عقود البرنامج تتيح قياس درجة إنجاز الأهداف المحددة، والقيام بالإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب. وطالب المجلس بأخذ بعين الإعتبار رقم المعاملات كمعيار لمنح الدعم، وإعادة النظر في معايير الدعم على أساس الأداء والمعاملات المحققة، وكذلك الإعانات الأخرى التي تتلقاها بعض المقاولات الصحافية، ومنها أساسا الصحافة الحزبية.