إتخذ المغرب عددا من الإجراءات القانونية والمؤسساتية من أجل الرقي بوضعية المرأة داخل المجتمع في أفق تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات، توّجت بتخصيص دستور2011 مكانة متميزة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية باعتبارها دعامة للديمقراطية، من خلال إقرار مبادئ وآليات وهيئات من شأنها تحقيق مبدأ المناصفة، والدعوة إلى تكريس مبدأ تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق السياسية، وذلك من خلال التنصيص على تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية. وتماشيا مع هذا التوجه، عرفت منظومة القوانين الانتخابية المتعلقة بدعم وتشجيع مشاركة المرأة المغربية في الحياة السياسية، قفزة نوعية، ميزتهن عن نظيراتهن في العالم العربي. فبعد التقدم النسبي للمشاركة النسائية في إنتخابات التشريعية لسنة 2002 بتخصيص تمثيلية النساء بالكوطا، وإحداث صندوق لتقوية قدرات النساء التمثيلية وذلك بتشجيع الأحزاب السياسية لدعم ترشيح النساء، شهد المغرب مرحلة جديدة لتكريس هذا التوجه. مستجدات قانونية متقدمة لرفع مشاركة النساء خلال الانتخابات البلدية التي أُجريت في شهر يونيو 2009، ولجت النساء إلى المجالس المحلية بتمثيلية وصلت إلى 3406 امرأة منتخبة، وهو ما يمثّل 12,17 % من إجمالي عدد المنتخبين، في مقابل 0,56 % فقط في إنتخابات سنة 2003. وشكلت الترشيحات النسائية حوالي 16 %، مقابل أقل من 5 % خلال انتخابات عام 2003. مقابل ذلك جاءت مستجدات القوانين الإنتخابية المتعلقة بالانتخابات الجماعية والجهوية التي تنطلق يوم 4 شتنبر المقبل، بمكتسبات جديدة لتمثيلية النساء في الحياة السياسية، حيث إرتفعت إلى نسبة 27%، الشيء الذي بإمكانه الرفع من هاته التمثيلية بمختلف مجالس الجماعات الترابية والجهوية. وأبرز المستجدات التي جاءت بها القوانين المرتبطة بتمثيلية المرأة من خلال اللوائح الإضافية، وورقة التصويت الفريدة: 1)- الورقة الفريدة التي سيتم اعتمادها يوم 4 شتنبر لانتخاب مجالس الجماعات ومجالس الجهات، والتي ستكون ورقة واحدة بخانتين فقط، خانة مخصصة للتصويت على المجلس الجماعي وأخرى مخصصة للتصويت على المجلس الجهوي. وقد اتفقت الاحزاب على هذه المنهجية التي إعتمدتها القوانين الجديدة، تيسيرا للتصويت والاحصاء وتقليصا للأوراق الملغاة بدل التصويت في أربع خانات. هذه المنهجية فرضت إلغاء اللوائح الإضافية الخاصة بالنساء واعتمدت محلها لوائح بجزئين بالنسبة للجهات والجماعات ذات نمط الاقتراع اللائحي (اكثر من 35 ألف نسمة)، علما أن الحكومة رفضت تعديلا للأغلبية يقضي بتخفيض عتبة التمثيل اللائحي إلى 20 ألف نسمة. وإذا كان الجزء الأول من اللائحة مفتوحا أمام رجال أو نساء حسب ارادة الاحزاب، فإن الجزء الثاني مخصص حصريا للنساء بنسبة 27% وفق ما جاء به القوانين بخصوص رفع تمثيلية النساء التي حددت سنة 2009 في 12% ولأن عدد اعضاء المجالس الجماعية سيرتفع في بعضها وفق الاحصاء الأخير. وتم رفع التمثلية للنساء بالكيفية التالية:المجالس ذات الإقتراع الفردي (4نساء) التمثيل اللائحي أكثر من 35 ألف، وأقل من 200 ألف (ست نساء)، الجماعات الأكثر من 200 ألف (8 نساء) أي بزيادة سيدتين في كل مجلس وسيدة واحدة في كل مقاطعة بالنسبة لنظام وحدة المدينة، علما أن المقعدين المضافين للنساء سيخصمان من عدد مقاعد ما كان يسمى بالائحة الاصلية دون تغيير في عدد الاعضاء المخصص لكل جماعة والذي حسم في آخر مرسوم صدر بهذا الخصوص. الجزء الثاني من اللائحة سيفرز تمثيلية النساء وفق القاسم الانتخابي الذي تفرضه نسبة التمثيلية أي أن كل عدد من المقاعد في الجزء الاول ستمر معه امرأة من الجزء الثاني وهكذا، حسب عدد الاصوات المحصل عليها. (نفس المنهجية المعتمدة في اللوائح الاضافية سنة 2009). 2)- بالنسبة للاقتراع الفردي ستترشح 4 نساء في الأربع دوائر الأكبر من حيث عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في ما يسمى بالمقعد الملحق، أي أن كل رجل أو (امرأة) المرشحين في الدوائر الأربع يفوز بمقعد الدائرة الإ و يمر معه بطريقة آلية المقعد الملحق المخصص للمرأة، أي أن الحزب الفائز بالدوائر الأربع يحصل آليا على 8 مقاعد. طموحات نسائية في مواجهة تقاعس الأحزاب السياسية تشجيع ودعم مشاركة المرأة في مسلسل اتخاذ القرار وتسيير الشأن العام على كافة المستويات، وكذا ضمان وصولها إلى المؤسسات التمثيلية، شكّل إحدى الرهانات الكبرى التي انخرط فيها المغرب بعد دستور 2011. وفي هذا السياق لعبت الحركة النسائية دورا كبيرا في المطالبة بوجود المرأة في مواقع صنع القرار، وتم خوض العديد من المعارك في صفوف حركية المجتمع المدني لدفع الدولة والفاعلين السياسيين إلى رفع المشاركة النسائية في الحياة السياسية من خلال المشاركة في الانتخابات المحلية والتشريعية. ومن المنتظر أن ترتفع نسبة تمثيلية النساء وفق المعطيات السابقة إلى 27% حسب ما تقتضيه “الكوطا” وهي مرشحة لبلوغ الثلث، إذا رشحت الأحزاب النساء في الجزء الاول من اللائحة أيضا أو إذا اختارت وضعهن كوكيلات للوائح. غير أنه يلاحظ أن جل الأحزاب المشاركة في الانتخابات تفتقد إلى أطر نسائية قادرة على المشاركة في معترك الحياة السياسية، وأغلبها لا يرشح النساء كوكيلات في الاوائح المفتوحة، كما هذه تواجه الأحزاب في تشكيل لوائحها صعوبات في ملء المقاعد المخصصة للنساء المعتمدة بمقتضى قانوني بناء على أحكام الدستور.