لم تتمالك أجهزة النظام الجزائري نفسها بعد فشلها في الحصول على مشروع خط أنابيب الغاز بين إفريقيا وأوروبا، وتواتر الأخبار المتعلقة باكتشاف آبار من الغاز الطبيعي في المغرب، وعزمه تسويقه نحو أوروبا، حتى سارعت دولة الجنرالات إلى الإعلان عن مشروع منافس ينقل الغاز الجزائري إلى القارة العجوز. الشركة الوطنية الجزائرية للمحروقات “سوناطراك” التي يديرها جنرالات الجزائر، أعلنت بحر الأسبوع الماضي، عن مشروع جديد يهم تدعيم قدرات أنبوب الغاز “ميدغاز” الرابط بين الجزائر وإسبانيا من خلال ربطه بأنبوب الغاز “بيدرو دوران فارال” وخصصت لذلك ميزانية تقدر ب280 مليون دولار، ويمتد على مسافة 197 كيلومترا. ويعتزم المغرب الشروع في استغلال مخزوناته المكتشفة من الغاز الطبيعي بحلول عام 2020، وهو التاريخ الذي حددته “دولة الجنرالات” لدخول الخط الجديد في الخدمة، بسعة سنوية تصل إلى 4.5 مليار متر مكعب. فشل مشروع خط الصحراء إعلان الجزائر عن مشروع خط أنبوب الغاز الجديد جاء بعد فشل مساعيها في الحصول على مشروع خط أنابيب الغاز مع نيجيريا والذي فاز به المغرب، حيث سيربط المشروع الذي يبلغ طوله حوالي 5660 كيلومتر بين نيجريا والمغرب ثم أوروبا، وسيتم تشييده على مراحل. وفشلت الجزائر في الحصول على مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الذي أعلنت عنه منذ عام 2002 شركة “سوناطراك” الجزائرية وشركة النفط النيجيرية، قبل أن تبعثه من جديد عام 2009 وعام 2013، لكنه لم يجد طريقه إلى النور. فشل دولة الجنرالات في الحصول على المشروع دفعها إلى منافسة المغرب في تصدير الغاز إلى أوروبا، رغم وجود مشاريع لها في نفس المجال، لكن شبح تخلي أوروبا عن غازها لصالح الغاز المغربي أشعل نار المنافسة والحقد لتعلن عن مشروع منافس. عقدة المغرب وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي محمد بنحمو أن عقيدة النظام الجزائري تتلخص في السعي نحو منافسة كل ما يقوم به المغرب، وإذا لم تجد سبيلا إلى ذلك، تلجأ إلى التشويش عليه أو نسفه. ولا شك أن لجوء الجزائر إلى إعلان مشروع خط الغاز الجديد مباشرة بعد إعلان المغرب عزمه على تصدير غازه نحو أوروبا لدليل على تخبط السياسات الجزائرية التي فشلت في الحصول على مشروع أنابيب الغاز الذي فاز به المغرب مؤخرا، يضيف المتحدث في تصريح لموقع “برلمان.كوم”. ويرى بنحمو أن نظام الجنرالات الجزائري “يبني سياسته وفق كل ما يقوم به المغرب، وهي نظرة أظهرت خلال العقود السابقة فشلها لأنها مرتبطة بالأساس بنظرته للدور الذي تعتقد أنها يمكنها أن تلعبه في المنطقة، فالجزائر تسعى لأن تكون دولة محورية، وهو ما فشلت فيه لحد الآن”. وتكمن هذه العقدة -حسب رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية- “في عدم قدرة النظام الجزائري على مجاراة المغرب في كل ما يقوم به في المنطقة، فهي تعتبر نفسها عاجزة عن مجاراته، ولا تستفيد من تلك الأضواء التي تجعل منها دولة محورية كما تبتغي”. ويرى بنحمو أن المعادلة القائمة منذ استقالال الجزائر هي عوض أن تهتم الدولة بتطوير نفسها وشعبها، لازالت سائرة في سياسة التفقير رغم ما تزخر به من ثروات، وبالتالي فالخيارات الجزائرية أظهرت عدم فاعليتها ولم تعط النتائج المرجوة منها، فنظام الجنرالات أغرق البلاد في التهميش والتفقير، ولم يحقق التنمية الموعودة التي ينشدها الشعب الجزائري. ويختم بنحمو حديثه لموقع “برلمان.كوم” بالقول إن النظام الجزائري يسعى دائما لتبرير أوضاعه الداخلية المتدهورة على كل المستويات وهو أسلوب غير سليم، ويلجأ إلى لعب ورقة المغرب لتعلق عليه شماعات فشلها.