لماذا تلتزم الفيدرالية المغربية لناشري الصحف ووزارة الثقافة والإتصال، بالصمت عن الخروقات اللاقانونية واللاأخلاقية، التي سجلها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، بخصوص الدعم المقدم للصحف.؟ من أخطر الخروقات التي سجلها المجلس الأعلى للحسابات أن القانون الداخلي للجنة الثنائية، التي تتشكل من ممثلين عن وزارة الإتصال والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، لاينص على آليات لتسوية حالات تضارب المصالح الناتجة عن تشكيل اللجنة المذكورة، التي تمثل فيها الفدرالية بستة أعضاء، بالإضافة إلى “أساليب معالجة طلبات الدعم المقدمة من طرف المقالاوت الصحفية التي يسيرها هؤلاءالأعضاء”، ويقصد بها أن هناك أعضاء في اللجنة كانوا يمنحون لمقاولاتهم مبالغ ضخمة، رغم أنهم لا يتوفرن على الشروط المنصوص عليها في عقد البرنامج. نتج عنه هذا الوضع أنه في سنة 2015، بلغت حصة الدعم الممنوحة لأربع شركات ما مجموعه 13,57 مليون درهم، أي 22 % من مجموع إصدارات الدعم المباشر. ويكشف هذا المعطى عن احتكار واضح من طرف هذه المقاولات، علما أن قطاع الصحافة يضم أكثر من 488 عنوانا صحفيا وأكثر من 250 موقعا اعلاميا مرشحين لنيل الدعم. وقد استمر هذا الوضع، حيث كان أعضاء من اللجنة الثنائية، ممثلي الفيدرالية يخصصون لمقاولاتهم دعما أكبر من الدعم الذي تحصل عليه عناوين أخرى، دون أي تبرير موضوعي. وحسب نفس القانون الداخلي، فإن قرارات اللجنة الثنائية، تتخذ بالأغلبية ، غير أن ما كان يحصل هو ابتعاد وزارة الإتصال عن الحضور في الإجتماعات، أي “عدم احترام مبدأ المناصفة بسبب الغياب المتكرر لممثلي السلطات الحكومية ونوابهم في عدة حالات، لذلك يلاحظ المجلس أنه كانت هناك هيمنة ممثلي الفدرالية المغربية لناشري الصحف في اجتماعات اللجنة الثنائية”. حصل كل هذا، في إطار تغييب شبه تام لممثلي وزارة المالية في مراقبة منح الدعم، إذ “حسب عقد البرنامج 2005 2009، تعين اللجنة الثنائية لجنة فرعية مكلفة بتحديد عناصر حساب توزيع الدعم العمومي، والتي تتكون من ممثلي وزارة ا تصال ووزارة المالية وفدرالية الناشرين، إلا أن جل الأشغال التحضيرية إحتكرتها وزارة الإتصال، في حين نص عقد البرنامج 2014 2019 على إحداث لجنة فرعية لحضور هذه الأشغال التحضيرية التقنية، لدراسة الملفات المقدمة من طرف المقاولات الصحفية”. وبهذا الخصوص، لاحظ المجلس الأعلى للحسابات عدم احترام الآجال المحددة في عقد البرنامج 2014 2019 لاجتماعات اللجنة التقنية، كما لاحظ عدم احترام مقتضيات عقد البرنامج الثاني المتعلقة بتركيبة اللجنة الفرعية التقنية. ينص عقد البرنامج 2014- 2019 في فصله الرابع على أن الدعم العمومي يمنح للصحف التي حصلت على رقم اللجنة الثنائية، وهذا يعني أن هذه اللجنة لاتفحص إلا الطلبات التي تتوفر على هذا الرقم. إلا أن المجلس الأعلى للحسابات لاحظ أن اللجنة الثنائية وافقت، بتاريخ 2016/09/19، على منح الدعم العمومي لبعض العناوين الصحفية التي لم تجدد رقم اللجنة. قامت اللجنة الثنائية بالرفع من الدعم الممنوح في سنة 2012 لفائدة بعض العناوين الصحفية التي قدمت طلبات المراجعة، دون أن يكون منصوصا عليه في عقد البرنامج 2005 2009 الذي تم تمديد العمل به كما سبقت ا شارة إليه أعلاه، إضافة إلى أن هذا الرفع من الدعم لم يكن موضوع عقد ملحق. سجل المجلس الأعلى للحسابات وجود عدة قرارات بمنح الدعم برسم بعض السنوات المالية تم تقييدها في اعتمادات السنوات اللاحقة. حيث قررت اللجنة الثنائية، في عدة حالات، منح الدعم إلى بعض العناوين بدون القيام بإصدار أوامر التحويل في نفس السنة المالية لفائدة المقاولات الصحفية.كما لوحظ أن ترحيل هذا الدعم يمتد على عدة سنوات في بعض الحالات، وأن اللجنة الثنائية تقوم أيضا بتتبع الدعم الممنوح خلال السنوات السابقة (لم تتوصل لجنة المجلس الأعلى للحسابات بأي محضر في الموضوع).