توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاركة المجتمع المدني في تحديث المالية العمومية
نشر في برلمان يوم 02 - 05 - 2014

تبنى البنك الدولي تعريفا للمجتمع المدني أعده عدد من المراكز البحثية الرائدة ويشير هذا المصطلح إلى مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غبر الربحية التي لها وجود في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها أو الآخرين ،استنادا إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية او دينية أو علمية أو خيرية.ومن تم يشير مصطلح المجتمع المدني إلى عريضة من المنظمات،تضم :
الجماعات المجتمعية المحلية ،والمنظمات غير الحكومية ،والنقابات العمالية ، وجماعات السكان الأصليين ،والمنظمات الخيرية ، والمنظمات الدينية ،والنقابات المهنية و مؤسسات العمل الخيري.[1]استنادا إلى هذا التعريف يمكننا أن نستشف أنه يوجد في المغرب أغلب هذه التصنيفات من مكونات المجتمع المدني .
يحضى العمل الجمعوي بالمغرب بالاهتمام والرعاية ودلك نتيجة التحولات التي يشهدها على جميع الأصعدة الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية،ونتيجة كذلك لتشجيع و دعم صندوق النقد الدولي والبنك العالمي فتم إحداث جمعيات تهتم حقوق المرأة والشباب والدفاع عن المحيط والبيئة واللغة الأمازيغية وجمعيات مهنية وجمعيات حقوق الإنسان.[2]
لقد أصبحت منظمات المجتمع المدني وبفضل ما أتيح لها من إمكانيات مادية و لوجستية ،محركا أساسيا لعجلة التنمية لكون الدولة أصبحت تحمله جزءا من المسؤوليات التي كانت من اختصاصها[3]،ومحاولة إشراكه في مجالات ذات أهمية كالميزانية.وهدا الموضوع- أي دور المجتمع المدني في تحديث الميزانية- يكتسي أهمية خاصة، لكون المغرب قد وضع أولى اللبنات بالتنصيص على المجتمع المدني في الدستور وعن مفهوم آخر هو الديمقراطية التشاركية .
فماهي علاقة المجتمع المدني بالميزانية؟ وهل يضطلع بأدوار معينة في هدا المجال؟ لمقاربة هده الإشكالية اعتمدنا على مبحثين ،الأول يتمحور حول إمكانيات المجتمع المدني في تحديث الميزانية، أما الثاني فيتناول مدى تأثير المجتمع المدني في مسلسل الميزانية.








المبحث الأول: إمكانيات المجتمع المدني في تحديث الميزانية

لقيام المجتمع المدني بدوره بتحديث الميزانية بشكل فعال لابد من امتلاكه لمؤهلات تعزز موقعه للمساهمة في مسلسل الإصلاح ،وهذه المؤهلات في الحقيقة هي تقنيات تكتسب عن طريق الممارسة أو عن طريق الجرأة في اتخاذ المواقف و فرض الذات .إضافة إلى المؤهلات فسيتم الحديث في هذا المبحث عن شروط قيام المجتمع المدني بهذا التحديث ،إذ هناك بعض القواعد و الأسس من شأن احترامها أن يتجنب العشوائية في العمل و أن يقوي من القدرة التأثير.

المطلب الأول: مؤهلات المجتمع المدني للمساهمة في تحديث الميزانية
إن تخلي الدولة عن القيام بدور الدولة الراعية-Eta providence ، قد أحدث فراغا، لذلك ظهر المجتمع المدني بشكل بارز لملاء الفراغ الذي تتركه الدولة[4] ، وللقيام بهذا الدور لابد أن يصبح شريكا، والشراكة تستدعي الالتزام في النشاط المشترك والمتفاوض في شأنه، كما تقتضي الشراكة التساوي في الوضعية، وحرية المصالح، كما تشترط الإشباع المتبادل للرغبات وتحقيق المصالح وضمان إمكانية تلبية الحاجيات الخاصة بكل مشارك، مما يميز الشراكة عن مجرد شبكة أو مجموعة لتبادل المصالح . [5]
والأكيد أن المجتمع المدني يمكنه أن يقوم بأدوار مهمة في سبيل المساهمة في تحديث الميزانية، وأن يكون فاعلا في مسلسل الاصلاح ولن يتأتى له هذه الغاية إلا بواسطة مجموعة من التقنيات التي من الممكن أن تساعده على ذلك في أفق أن يصبح شريكا، ومن تلك التقنيات نذكر ما يلي:
* الخبرة: فالجمعيات تتوفر على معرفة بالملفات و مجموعة من القضايا [6] التي تهتم بها بفعل الاحتكاك المستمر مع كل من الادارة والمواطنين [7] بحيث يمكن الاستفادة من خبرتها التي راكمتها بحكم التجربة.
و هذه المعرفة والخبرة يمكن توظيفها أثناء مسلسل دراسة الميزانية من قبل البرلمان.
* الترافع: فالجمعيات لها قدرة ترافعية تواصلية هامة تتمثل في الدفاع عن القضايا التي تهم خصوصا المنخرط باستعمال الدلائل والبراهين للتأثير على صناع القرار وتحسيس الرأي العام. [8]
* الاقتراح : طورت الحركة الجمعوية قدراتها ونجد ذلك في كون ملفها المطلبي يحظى بقوة اقتراحية من شأنها التأثير على اختيارات الميزانية.
* المسألة : هي من الأدوار المعترف بها للمجتمع المدني، لدفع الأطراف المتدخلة في التدبير المالي الى القيام بوظائفها على احسن وجه، سواء تعلق الأمر بالحكومة أو بممثلي الامة، وهي بهذا الخصوص تحاول إشعار الطرف الذي تتم مساءلته بواجباته وبالمسؤولية الملقاة على عاتقه.
من خلال ما سبق ذكره يتبين أنه لقيام الجمعيات بدورها يجب أن يكون وفق تقنيات، بعضها يأتي من خلال الممارسة كالخبرة أو من خلال الجرأة كالترافع والاقتراح والمساءلة، والجدير بالذكر أن لا ننسى أن يكون القيام بهذا الدور وفق سلوك مسؤول وواعي ويحترم الإنسان بما هو قيمة من جهة ومن جهة أخرى لابد من توافر بعض الشروط حتى يكتمل هذا الدور.

المطلب الثاني: شروط قيام الجمعيات بدور تحديث الميزانية

يجب التمسك بالمحافظة على الحقوق والواجبات والقوانين ، وعدم السماح لأي كان بمخالفتها ودوسها والعبث بالغاية التي سنت من أجلها وهذا لا يتأتى طبعا إلا بإقامة علاقة جديدة قوامها الاحترام المتبادل بين الحاكمين والمحكومين، وتفاني كل منها في خدمة الآخر [9] ،لأن هذه الارضية هي التي يمكن على أساسها أن تنطلق فعاليات المجتمع المدني للعب أدوار اساسية وفق شروط ومحددات قبلية منها:
v أولا: تقوية قدرتها بالارتباط مع موضوع الميزانية، وذلك عبر التخطيط الاستراتيجي [10] لعملها من خلال البرمجة والتتبع والتقويم، وتكوين فكرة شاملة عن الموضوع وإثبات أطر متخصصة تجنبا للعشوائية في العمل، وكذلك يجب أن تكون الجمعيات على معرفة بالسياق والمحطات التي يمر منها قانون المالية، حتى يتسنى لها توظيف تقنيات المساهمة في تحديث الميزانية بشكل فعال، لتقوية قدرة الجمعيات يجب أن تتكتل بشكل فعال في إطار مجموعات أو في إطار شبكات للرفع من قدرات التأثير وربط صلات بالبرلمان واستخدام وسائل الإعلام بشكل جيد

v ثانيا: تقوية قدراتها في الوصول الى المعلومات:
إن التحفيز على التدبير التشاركي بين مختلف الفاعلين، مؤسسات عمومية ومكونات المجتمع المدني، يؤدي إلى ضمان التكامل والتنسيق بين مكونات المجتمع المدني، بين تدخلات هؤلاء الفاعلين[11] ، ولن يتم ذلك إلا عن طريق الحصول على المعلومات الكافية حتى يتسنى لها القيام بدورها بنجاعة ويجب أن يشمل ذلك المعلومات المتعلقة بالمشروعات الجاري إعدادها والمشروعات الجاري تنفيذها. [12]
هذا من جهة المؤسسات العمومية ، أما من جهة الجمعيات فيجب عليها أن تحاول الحصول على المعلومات خصوصا من البرلمان وذلك من خلال الجلسات المفتوحة التي يعقدها المجلس وكذلك من خلال تقارير الجلسات إضافة الى ذلك يمكن الاعتماد على بعض المواقع الاليكترونية لبعض الإدارات الوطنية كوزارة المالية ومديرية الإحصاء [13] أو من بعض المؤسسات العالمية المانحة كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
إن الوصول الى المعلومات ليس هدفا في حد ذاته ، إنما هو وسيلة تمكن فعاليات المجتمع المدني من التأهل المعرفي للوقوف على النواقص ومكان الخلل.



المبحث الثاني: : تحديث الميزانية بين الواقع و التطلعات

بإمكان الجمعيات أن تعدد من واجهات التأثير انطلاقا من موقع الميزانية و الإلمام بإطارها العام ، وذلك وفق قنوات معينة.و الحديث عن هذا الموضوع يقودنا إلى طرح سؤال واقع المجتمع المدني في مجال إشراكه في تحديث الميزانية.

المطلب الأول: قنوات تأثير الجمعيات على مسلسل الميزانية

يمكن الحديث عن قنوات التأثير من خلال زاويتين ،الزاوية الأولى وهي القنوات التي تنصب بالأساس على :
1. التأثير على مستوى وضع مخططات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية بالنسبة للتوجهات العامة.
2. التأثير على مستوى وضع الخطط الجهوية والمحلية بالنسبة للاختيارات والأولويات الجهوية والمحلية.
3. الترافع اتجاه السلطة التنفيذية .
4. الترافع اتجاه السلطة التشريعية. [14]
أما على مستوى الزاوية الثانية فلا توجد قائمة نهائية حاسمة لذلك سنذكر ماهو على صلة وثيقة بالموضوع، وقد جاءت في البرنامج كالتالي:
v رصد الإيرادات العامة: يشير على تتبع وتحليل نوع ومبلغ الإيراد الذي تسلمته الحكومة، ويمكن لهذا الرصد كشف الفساد والمساعدة في منعه أو منع إهدار مصادر الإيرادات وكذلك زيادة الوعي بمبلغ الأموال التي تحت تصرف الحكومة[15].
v تحليل الميزانية المستقلة : هو عملية كبيرة تقوم بها أصحاب المصالح المباشرة ببحث ورصد ونشر المعلومات حول المصروفات والاستشارات العامة ، حيث تقوم منظمات المجتمع المدني وغيرها من الأطراف المهتمة بمراجعة الميزانيات لتقييم ما إذا كانت المخصصات تتوافق مع التزامات الحكومة المعلنة أم لا.
v الميزانية البديلة : تؤثر الميزانيات البديلة على صيانة الميزانية بطريق غير مباشر فهي تعرض اولويات وتفضيلات فئات المواطنين والتي قد تؤثر على ميزانية الحكومة الفعلية.
v المسح الاستقصائي، لتتبع مسار الإنفاق العام: هو مسح استقصائي كمي يتتبع تدفق الموال العامة لتحديد مدى وصول الموارد فعلا إلى الفئات المستهدفة ، وتكون وحدة المراقبة عادة منشأة خدمية لا أسرة معيشية ولا مؤسسة أعمال، ويقوم المسح الاستقصائي بجمع معلومات حول إجراءات تحويل الموارد التي يتم تحريرها و مبالغها و وقت تحويلها.
v المشتريات التي تتم بقيادة المجتمع المحلي: تشير إلى آليات مشتريات تشاركية تنخرط من خلالها المجتمعات المحلية في عمليات المشتريات العامة.
v الآليات التشاركية لإعداد الميزانيات : هي عملية يشارك من خلالها المواطنون مباشرة في مختلف مراحل صياغة الميزانية وصنع القرار ورصد تنفيذ الميزانية، ويمكن أن تساعد هذه الاداة على زيادة شفافية الإنفاق العام وتحسين استهداف الميزانيات.
يتبقى في الأخير الإشارة الى ضرورة العمل مع مجموعة أوسع نطاقا من الشركاء مع مراعاة الاهتمام بقضايا النزاهة والجودة والقدرة عند اختيار الشركاء من منظمات المجتمع المدني، وان يكونوا من ذوي الخبرة وأن تربطهم بالقاعدة الشعبية روابطها معينة بحيث يمكنهم الوصول الى الفئات المهمشة والمعزولة( لاسيما في الاماكن الريفية) ومن المهم أن تكون العمليات التشاركية اشتمالية وتمثيلية بدرجة أكبر[16].

المطلب الثاني: محدودية دور المجتمع المدني.

للحديث عن محدودية دور المجتمع المدني يجب أن نتطرق لموضوع الحكامة التي تعني كفاءة المجتمعات الإنسانية على التوفر على أنظمة تمثيلية ومؤسسات وقواعد ومساطر ووسائل التقييم والتقدير ومسلسلات وهيئات اجتماعية قادرة على تسيير وتدبير الترابطات والروابط بطريقة سلمية وكل مرحلة أو كل مجتمع ينتج نظاما معينا للحكامة يكون متجذرا في ثقافته ويكون في نفس الوقت نتائج ووسيلة نقل لهذه الثقافة. [17]
وتقتضي الحكامة أن السلطات العمومية تعرف كيف تدخل في حوار وشراكة مع الفاعلين الآخرين ،فالحكامة تسمح بإعطاء الصبغة الجماعية للمجموعة البشرية[18] والدول التي نجحت في قيادة التنمية الاقتصادية هي تلك التي تتوفر على القدرة والكفاءة في تنظيم وتعبئة كل الفاعلين حول مشروع مشترك. [19]
إن تطور السياسات العمومية المحلية والتحولات التي تعرفها خصوصا بالبلدان المتقدمة أدى إلى ظهور ما يسمى بالديمقراطية التشاركية، ويمكن تعريف هذه الأخيرة بكونها “شكل من أشكال التدبير المشترك للشأن المحلي بناءا على تقوية مشاركة السكان في اتخاد القرار السياسي. [20]
فمشاركة الأفراد في اتخاد القرارات التي تعنيهم هو جوهر الديمقراطية ، ويتأتى هذا عن طريق المشاركة المباشرة وغير المباشرة ، وتنقسم الديمقراطية على قسمين تمثيلية وتشاركية ،فالديمقراطية التمثيلية تعني اختيار الأفراد لممثليهم عن طريق الانتخاب مباشرة كمثال الانتخابات الجماعية، أما الديمقراطية التشاركية عندما يتم استدعاء الأفراد للقيام باستشارات كبرى تهم مشاريع تعنيهم بشكل مباشر وذلك لإشراكهم في اتخاد القرارات مع التحمل الجماعي للمسؤوليات المترتبة عن ذلك.
وفي هذا الإطار وعلى مستوى تطبيق آليات الديمقراطية السابقة الذكر، يمكن عرض نوعين من المشاركة ، فإما أن تكون شكلية ، أو في إطار مساعدة السلطات في تنفيذ البرامج.
فالمشاركة الشكلية تقدم كنموذج الاستشارات التي تقدم في إطار برامج ساسة المدينة بفرنسا، إذ يشارك في اجتماعات السكان واستشارات خاصة ببرامج تنموية على المستوى الحضري وتأخذ صور فوتوغرافية مع المسؤولين لتنشر في مجلة المدينة لإظهار أنه تمت الاستشارة فعلا وفي الواقع لا تأخذ مطالبهم مأخذ الجد.
أما فيما يخص النوع الثاني نقدم كنموذج البرامج التنموية بالدول السائرة في طريق النمو كمثال “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” بالمغرب ،إذ يساهم المجتمع المدني من خلال الجمعيات التي تمثل في تفعيل الخطوط العريضة للبرامج على المستوى الميداني دون أن يشارك أو على الأقل يستشار في مسلسل صياغتها.
وبالتالي فدور المجتمع المدني في تدبير الشأن العام الوطني أو المحلي قد تكون اثناء صياغة القرار أو التنفيذ أو هما معا، وفي الحالة الأخيرة يتحقق الهدف الأساسي للديمقراطية التشاركية بمعنى المشاركة في الصياغة والتنفيذ معا.
في هدا الإطار بادرت الجمعية المغربية للتضامن والتنمية، والجمعيات المشاركة في التحالف من أجل إقرار ميزانية شفافة إلى تنظيم دورات تكوينية ولقاءات تواصلية محليا ووطنيا وورشات عمل،شاركت فيها أكثر من 74 جمعية وطنية ومحلية للخروج بأفكار واقتراحات و آليات عمل صيغت أهمها كالتالي:
نقض في آليات الحفاض على المال العام ومراقبته:
1. تأخر في تقديم قانون التصفية مما يجعل المراقبة مفروغة من محتواها.
2. عدم فعالية الآليات المعتمدة في تقييم السياسات العمومية في المجال المالي.
3. كثرة البرامج والمتدخلين في مجال الميزانية مما ينتج معه تذويب للمسؤوليات وتداخلها.


عدم فعالية بعض التدابير المتخذة على مستوى ترشيد النفقات العمومية :
وجود صعوبات في تطبيق المقاربة التعاقدية بشكل ناجع كآلية من آليات اصلاح الميزانية، واقتصار معظم المؤشرات التي ترافق مشروع الميزانية على أرقام تخص حجم نشاط المرفق العام دون التركيز على جانبي فعالية ونجاعة ومردودية النفقات العمومية.
غياب مقاربة للتدبير التشاركي للمال العام:
* عدم تمكين المواطن من الإطلاع على مشروع الميزانية العمومية والميزانيات المحلية و الإدلاء برأيه عند الاقتضاء قبل التصويت عليها،بعد نشرها في المواقع الإلكترونية ،خصوصا وان تكنولوجيا الإعلام تتيح إمكانيات التواصل والنقاش مع المواطن وبتكلفة معقولة.
* عدم تنظيم البرلمان لجلسات عمومية حول الميزانية يمكن للمواطن المشاركة فيها.
* اكتفاء الميثاق الجماعي بالتنصيص على عمومية جلسات المجالس المحلية دون تمكين المواطن والجمعيات من الإدلاء بآرائهم أو المشاركة في إعداد الميزانية.
صعوبة الحصول على المعلومات:
* تأخر القانون الذي يضمن حق الحصول على المعلومات في الخروج إلى حيز التطبيق
* عدم نشر وثائق مبسطة في متناول غير الاختصاصيين لفهم أوجه صرف اعتمادات الميزانية والمنطق الدي يحكم خيارات الحكومة وأولوياتها في هدا المجال وانعكاسها على الواقع المعاش للمواطن.
* قلة إن لم نقل انعدام برامج تلفزية وإذاعية تبسط مفاهيم الميزانية وتنظم نقاشا وقراءات في خيارات الفاعلين العموميين من خلال الميزانية .
* عدم كفاية المعلومات المقدمة في وثائق الميزانية على المستوى المحلي لمعرفة المجهود المخصص لكل شريحة اجتماعية ولكل قطاع ،خصوصا الخط المتعلق بالأنشطة الاجتماعية.
* عدم نشر تقرير مراجعة نصف سنوي موجه للعموم لتعزيز المساءلة العامة على مستوى تنفيذ الميزانية
* عدم تقديم تقرير عن مدى تنفيذ توصيات المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات بشان تنفيذ الميزانية.[21]

خاتمة
استنادا إلى الفصل 88 من دستور 2011 عرض رئيس الحكومة البرنامج الذي يعتزم تطبيقه في 19/01/2012 وقد قال أن البرنامج الحكومي له ثلاث مرتكزات وهي العمل المندمج و المقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالحكامة ،ولعل جعل المقاربة التشاركية من مرتكزات البرنامج الحكومي من شأنه أن يوسع مجالات اهتمام القطاع الجمعوي و إرساء قواعد تدبير عمومي تشاركي.
وفي هدا التصريح تنزيلا للأحكام الدستورية الجديدة فنجد الفصل 12 من الدستور ينص صراحة في الفقرة الثانية على أن الجمعيات والمنظمات غير الحكومية تساهم بقضايا الشأن العام في إطار الديمقراطية التشاركية ،في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة و السلطات العمومية ، وكدا في تفعيلها وتقييمها .
كما نأمل أن تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئة للتشاور كما نص على دلك الفصل 13 من دستور 2011 بغية دعم التدبير التشاركي في إعداد السياسات العمومية،لا من ناحية تنفيذها أو تفعيلها أو تقييمها.
ونرجو كذلك أن يتم تفعيل منطوق المادتين 14 و 15 بإخراج القانون التنظيمي الذي يحدد شروط وكيفيات تقديم المواطنين والمواطنات ملتمسات في مجال التشريع، والقانون التنظيمي الذي يحدد شروط وكيفيات التقدم بعرائض إلى السلطات العمومية،من أجل النهوض بالمجتمع المدني والموطن ومأسسة الدور الذي يضطلعون به من أجل المشاركة في وضع الميزانية وطنيا وجهويا ومحليا.

مينة زمراوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.