وضعت قضية استقالة المستشار الخاص للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الجزائري فوزي المداوي، ساكن قصر الإليزيه في قلب فضيحة أخلاقية وسياسية جديدة. فبعد سنوات من خدمة لمداوي لمصالح هولاند، ضاق ذرعا بالمهام القذرة التي قام بها لصالح الرئيس الفرنسي الحالي، ومن ضمنها تشغيله سائقا خاصا وضع رهن إشارته دون تمتيع هذا السائق بأدنى الحقوق التي ضمنها القانون الفرنسي للأجراء. والأخطر أن المستشار الجزائري للرئيس فوزي لمداوي استغل زوجة السائق المسكين بلعيد في تأسيس شركتين وهميتين دون علمها، وهو ما يفضح الوجه الحقيق لمحيط الرئيس الفرنسي. تفاصيل هذه الفضيحة الجديدة، تؤكد أن فرانسوا هولاند استغل محمد بلعيد كسائق خاص لسنوات، دون عقد شغل أو راتب قار، إضافة إلى حرمانه من باقي الحقوق التي يكفلها القانون الفرنسي للعمال. ورغم أن هولاند استفاد لسنوات من حصار الإعلام الفرنسي لقضية هذا العامل، إلا أن إصرار محمد بلعيد على فضح انتهازية الرئيس الفرنسي واستغلاله للعمال وتنكره لمبادئ اليسار، أعاد هذه القضية إلى الواجهة والتي تبين الوجه البشع والقبيح لرئيس جمهورية فرنسا دولة الحقوق صاحبة الشعار الشهير "عدالة أخوة مساواة". معركة بلعيد التي أطلقها منذ سنة 2009، وقوبلت بحصار إعلامي موجه، بدأت تتحول شيئا فشيئا إلى قضية رأي عام ستفضح رئيس الجمهورية الفرنسية أمام ناخبيه، وتسقط عنه ورقة التوت، كرئيس اشتراكي ينتصر لحقوق العمال والطبقات الأقل حظا. فبعد أن نجح هولاند من خلال مستشاره الخاص فوزي لمداوي في تهديد الصحفيين وإغرائهم تارة أخرى، بات الآن أمام الحقيقة التي حاول إخفائها، وهو أن ممارساته لا علاقة لها بفكر اليسار، وأن الرئيس الفرنسي مطالب بالاستقالة والاعتذار لخرقه القانون الفرنسي ولاستعباده سائقه الخاص الذي كلفه بمهام خاصة تتصل بنزواته النسائية، إضافة إلى احتقاره لسائق يتحدر من المهاجرين الذين يدعي الحزب الاشتراكي الدفاع عنهم في معاركه السياسية مع اليمين الفرنسي. فضائح الرئيس هولاند تتزايد في ظل عجز تام عن الوفاء بوعوده الانتخابية، وانتشال فرنسا من أزمتها الاقتصادية والسياسية وخسارتها لعدد من شركائها التاريخين بسبب مقاربة هولاند لهذه العلاقات. ورغم أن هولاند نجح في الالتفاف على الكثير من الفضائح الشخصية والسياسية التي تورط فيها، إلا أن هذا الكم الهائل من النكسات يفرض عليه مراجعة سياسته واختياراته الفاشلة، في ظل انشغاله بقضايا لا يبالي بها الشعب الفرنسي.