مع بدء عودة "مغاربة داعش"، تثار الكثير من الأسئلة بشأن وجود استراتيجية لإعادة إدماجهم. في الحالة المغربية تتم المزاوجة بين المقاربتين الأمنية والقضائية، مع محاولات إعادة التأهيل والإدماج بفتح حوار مع المعتقلين لدفعهم إلى مراجعة أفكارهم وسلوكاتهم المتطرفة. في البداية نهجت السلطات المغربية استراتيجية التواصل بشكل دائم مع علماء دين وحقوقيين، ممثلين أساسا في أعضاء من المجلس العلمي الأعلى والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتنظيم جلسات حوار مباشر لاختبار مدى جاهزية المعتقلين لمراجعات فقهية وفكرية كمقدمة لبناء الثقة. فالدولة التي جربت، في وقت سابق، إطلاق سراح ما سمي ب"شيوخ السلفية الجهادية"، لم تغامر باتخاذ خطوات مماثلة تطال مريديهم داخل السجون، بل اكتفت بالعفو عن رموز السلفية وسعت إلى إدماجهم في الحياة السياسية عبر أحزاب سياسية تحتضن اليوم بعض أقطاب التيار السلفي بالمغرب، الذي كان متهما بعد الأحداث الإرهابية بالدارالبيضاء في 16 ماي 2003، بتقديم الدعم المعنوي والترويج لأفكار متطرفة داخل المساجد استمالت الشباب ودفعتهم إلى العنف. بالمقابل، يغيب في التعاطي مع عودة "مغاربة داعش" فعل الاحتضان الاجتماعي (كما هو الحال في التجارب الغربية). ورغم نجاعة المقاربة الأمنية الاستباقية والعقابية، فإن السياسات العمومية التي سلكتها الدولة لمحاصرة الإرهاب تستهدف التقليل من أثر الدوافع الاقتصادية، الفقر والهشاشة والبطالة، باعتبارها عناصر محفزة، لكن هذه السياسات يجب أن تقدم أجوبة لمرحلة ما بعد "الفعل الإرهابي"، فقد أبانت بعض محاضر التحقيقات الأمنية مع الفاعلين في الهجمات الإرهابية التي عاودت ضرب أحياء بمدينة الدارالبيضاء في شهري مارس وأبريل من سنة 2007، أن من بين المنفذين شخص يدعى (ع. الرايضي) سبق أن سُجن بتهمة المشاركة في الأحداث الإرهابية ل16 ماي 2003، ما يعني أن العقوبة لم تقتلع الفكر المتطرف. لاحقا، سوف تنهج السلطات المغربية استراتيجية تحرير العقول، من خلال حملات تواصلية وعبر توزيع كتيبات تعيد تصحيح مجموعة من المفاهيم الأساسية في "الفكر الإرهابي"، وقد جُيش لهذا الغرض العلماء والفقهاء فقدموا تحليلا شرعيا للمفردات العشر التي يستند إليها الإرهاب وهي: “الجاهلية” و”الخروج عن الإجماع” و”الحاكمية” و”اللامذهبية” و”السلفية” والولاء والبراء” و”الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” و”التكفير” و”الشورى” و”الجهاد”، وهكذا بينوا بالدليل الشرعي، في أعمال ندوة منشورة لهم عام 2007، أن الإرهاب ليس له دليل في الدين.