تقوم الآلة العسكرية الجزائرية بحشد قواتها على الحدود مع المغرب محركة أبواقها لشن حرب نفسية ضد الشعب المغربي في محاولة يائسة وبائسة لتحطيم معنوياته. هؤلاء الذين يستصغرون شأن المغاربة ويستفزونهم ويحتقرون نساءهم عليهم أن يتذكروا وصية الحجاج ابن يوسف الثقفي لطارق ابن عمرو عندما قال له محذرا «المغاربة لا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم، فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه، وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه، فانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض. واتق فيهم ثلاثاً نساؤهم، فلا تقربهن بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها، أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم، دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك». عندما أرادت دار الخلافة بدمشق غزو إسبانيا احتاجت للمغاربة، وعندما انهارت دار الخلافة احتاجت الأندلس للمرابطين والموحدين المغاربةلاستمرار الخلافة هناك. لقد خبر البرتغاليون وهم في قمة جبروتهم شدة وصلابة المغاربة عندما حشدوا جيشهم الجرار وجاؤوا لمقاتلتهم في معركة الملوك الثلاثة فأباد المغاربة جيشهم عن بكرة أبيه وقتلوا ملكهم وتسببوا في سقوط مملكتهم بين أيدي الحكم الإسباني لقرون. وخبرت إسبانيا وفرنسا شدة بأس المغاربة عندما حشدتا جيوشهما لغزو الريف المغربي فوجد جيشاهما بانتظارهما رجالا أشداء صبورين مقاتلين أذاقوهم بأسا شديدا إلى درجة جعلتهم يلجؤون للمرة الأولى في تاريخ الحروب الحديثة للغازات الكيماوية التي وفرتها لهما ألمانيا فظلوا طوال سنتين كاملتين يلقونها على قرى ومداشر الريف مبيدين عشرات الآلاف من السكان إلى أن اضطر المجاهد عبد الكريم الخطابي للاستسلام. وقد خبر الحلفاء شجاعة المغرب خلال الحرب العالمية الثانية لتحرير أوروبا من الدكتاتورية الفاشية بإيطاليا والنازية بألمانيا عندما حاربوا ببسالة في صف واحد مع الجنود الفرنسيين ونجحوا في تحرير عدة مدن فرنسية منها مرسيليا وتولون، ولولا الجنود المغاربة البواسل لما استطاعت فرنسا وقف زحف الألمان عبر الأراضي البلجيكية نحو الشمال الفرنسي، فقد وصل المحاربون المغاربة إلى حدود بلجيكا وساروا على أقدامهم، ووصلوا إلى مكان المعركة، واقتحموا قلعة «مونتي كاسينو» التي ظل الألمان يعتبرونها حصينة وحاصروهم ثلاثة أيام، وخاضوا معهم حرب شوارع أشاد بها الجميع، حتى أن الألمان، أحد أشرس الجيوش في العالم، لقبوا الجنود المغاربة ب«سنونو الموت». وقد خبر الجزائريون صبر المغاربة عندما ينفد عندما كف الجيش المغربي تحرشهم بجنوده على الحدود وقتلهم يوم 8 أكتوبر 1963 عشرة عناصر من الجيش المغربي في منطقة حاسي البيضاء، فردوهم على أعقابهم وطاردوهم داخل العمق الجزائري، ولولا أن الحسن الثاني رحمه الله أمر الجنرال إدريس بنعمر بالعودة لكان احتل الجزائر العاصمة. وخبر العرب جميعهم بسالة المغاربة وشجاعتهم في مواجهتهم للعدو عندما حاربت التجريدة المغربية في الجولان خلال حرب أكتوبر ضد العدو الصهيوني، أسوة بما صنعه أجدادهم المغاربة الأحرار قبل قرون عندما لبوا داعي الجهاد وحاربوا إلى جانب صلاح الدين الأيوبي لتحرير بيت المقدس فأبلوا البلاء الحسن وصار لهم باب بالقدس يحمل اسمهم إلى اليوم. وكان الحسن الثاني رحمه الله قد أرسل 11000 جندي للقتال رفقة الجيش العربي السوري مدعوماً ب52 طائرة حربية 40 منها من طراز F5 و12 من طراز ميگ بالإضافة إلى 30 دبابة، بلغ عدد الشهداء المغاربة 170 شهيداً لازالت قبورهم في مدينة القنيطرة السورية شاهدة إلى اليوم على شجاعتهم، وسميت في العاصمة دمشق ساحة باسم «التجريدة المغربية» تكريماً ووفاء لبطولاتهم. وقد شكل المغاربة في كل الحروب التي خاضوها سواء دفاعا عن عرضهم وأرضهم ودينهم أو دفاعا عن حرية دول أخرى استثناء ضمن كل الجيوش. وعندما لاحظ ماوتسي تونغ قائد حرب الهند الصينية أن هناك ضمن صفوف الفرنسيين مقاتلين من الريف المغربي لا يعرفون شيئا اسمه التراجع كتب إلى عبد الكريم الخطابي يطلب منه أن يخبر الجنود المغاربة بأنهم يقاتلون العدو الخطأ. وعندما لاحظ الجيش الاسرائيلي استبسال رجال الجنرال عبد السلام الصفريوي في القتال بالجولان بدؤوا يذيعون عبر أبواق أغاني مغربية لكسب تعاطف المقاتلين المغاربة. وحتى التجريدات الفرنسية العاملة في بعض مناطق النزاع بإفريقيا عندما كانت تندلع أعمال عنف فإنهم يتوسلون بجنود التجريدية المغربية لفرض الهدوء فيما يظلون هم متحصنين داخل قواعدهم. إن كل من يستهين بالمغاربة ويستفز روحهم القتالية ينتهي مهزوما مهانا، وهذه حقيقة ثابتة على امتداد تاريخ المغرب. وحتى عندما يتم تحريف هذه القوة الخارقة التي في دواخل المغاربة عن مسارها النبيل، بسبب التفقير أو التجهيل، وتميل نحو التوحش والهمجية فإن المغاربة يتحولون إلى قوة مدمرة. ويكفي أن يراجع الواحد قوائم القياديين في أعتى التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية الدولية لكي يفهم ما نقول. فالقاعدة وداعش ظل يحتل فيها المغاربة مناصب قيادية، وحتى في أفغانستان أيام الجهاد ضد الروس كان الأفغان يشيدون بشراسة المقاتلين المغاربة. أما المافيات الدولية وأشهرها «ماكرو مافيا»، أو «مافيا المغاربة» بهولندا التي تهدد الأسرة الملكية الهولندية فقادتها مغاربة. ولا عجب أن يكون المغاربة في مقدمة أبطال الرياضات القتالية في العالم ويحرزوا الميداليات الذهبية والأحزمة ويتربعوا على عروش بطولات الكيك بوكسينغ وغيره من الرياضات الدموية العنيفة. ولعل الطوائف العيساوية هي الوحيدة بين كل طوائف دراويش العالم التي يأكل أفرادها أحشاء الجدي نيئا دون أن تسقط منه قطرة دم واحدة على الأرض. وهذه لوحدها يمكن أن تجعل أي طامع في احتلال المغرب يفكر مرتين قبل أن يقدم على هذه المغامرة، فالمغاربة بمستطاعهم أكل خصومهم أحياء. حتى الفاغنر لم يستطيعوا رغم وحشيتهم الإقدام على ذلك. وحتى مغاربة إسرائيل الذين اقتلعتهم وكالة التهجير اليهودية من جذورهم بالمغرب وألقت بهم في صحراء أشدود فقد كانوا مهابي الجانب من طرف يهود أوروبا الشرقية، ومن شدة خوف اليهود الأشكيناز منهم فقد أطلقوا عليهم لقب «موروكو سكاكين» أي المغاربة الذين يضربون بالسكاكين، بحيث كان الاحتكاك بهم ينتهي بحمام دم. ولعل الذين يحاولون شرح جذور العنف الذي يميز المغاربة، سواء في مخاصماتهم التي تستعمل فيها السكاكين، أو في مواجهتهم لرصاص رجال الشرطة بلا مبالاة غريبة، أو في استعمالهم للطريق بتهور مرعب، يجهلون أن السبب في ذلك هو الانحراف الذي أصاب جيناتهم القتالية الموروثة عن أجدادهم، فتحولت الشهامة والشجاعة والبسالة لتوحش وهمجية. مما يفرض الحاجة لاستعادة هذه الروح الضائعة ووضعها على الطريق الصحيح بواسطة تشجيع قراءة التاريخ واستلهام قصصه ودروسه وملامحه لإحياء الشعور الوطني والاعتزاز بالانتماء لشعب عريق وشهم، خصوصا في هذه الظروف التي نرى فيها الأقزام يتحرشون ببلدنا. «الحاصول المغاربة مشرملين من بكري، غير اللي سخط عليه مولانا يتحاك معاهم».