تفاعل الصحفي عبد الحميد جماهري مدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي، مع ترؤس روسيا لاجتماع مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، مسلطا الضوء على تحولات قضية الصحراء المغربية أمام هذا المجلس، في ظل رئاسة هذا البلد. وجاء ذلك، ضمن عمود "كسر الخاطر" لجماهري ضمن عدد يوم غد الخميس من جريدة الاتحاد الاشتراكي بعنوان "تحولات قضية الصحراء أمام مجلس الأمن برئاسة روسية!"، كتب فيه ما يلي: "بالرغم من أن اجتماع شهر أبريل لا تصدر عنه أية قرارات، ولا حتى بيانات، تتوجه أنظار المتابعين لانعقاد مجلس الأمن حول الصحراء، يومه الأربعاء 19 من الشهر الجاري، في 4 اتجاهات: أولا التعامل الروسي مع الملف على ضوء تصاعد العداء مع واشنطن، حاملة القلم، ثانيا تصرفات باريس، لا سيما وأن الجفاء الحامل للعداء عطل كل قنوات التواصل مع الرباط، واعتماد «تجريبية» ديبلوماسية باريسية لا تعرف وجهتها في القضية وفي غيرها. دي ميستورا وما توفرت لديه من قناعات بعد اللقاءات التشاورية مع مجموعة أصدقاء الصحراء والأطراف الرباعية المعنية بالقضية، ثم الجزائر وترددها إزاء مسلسل التفاوض السياسي، وتفكك المنظومة الداخلية للبوليزاريو وتناقض المواقف بخصوص المسلسل السياسي ( بين من فهم العزلة وصار يدعو إلى العودة إلى مسلسل المفاوضات وبين من يزايد على قرار الأممالمتحدة ويطالب بالاستقلال بلا استفتاء ) ومواقف المينورسو على ضوء تحركات قائدها الروسي، ثم بعلاقة مع مجريات شرق الجدار الأمني الذي كان موضوع قرارات أممية لاسيما في عرقلة عمل بعثة المينورسو ذاتها.. من المقرر أن يستمع مجلس الأمن الأممي، يومه الأربعاء 19أبريل، إلى تقرير يخص القضية الوطنية الصحراء، والتطورات التي عاشتها في الفترة ما بين أكتوبر من السنة الماضية وأبريل الحالي. ومن المنتظر أن يستمع الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة إلى تقرير يتقدم به ستيفان دي ميستورا، باعتباره المبعوث الخاص للأمين العام المكلف بالملف، ثم تقرير تكميلي حول أشغال المينورسو، يقدمه الروسي الكسندر ايفانكو قائد قوات هذه الأخيرة. ولعل العنصر الأكثر إثارة في هذا التمرين الروتيني السنوي، الذي كان في فترة من الفترات من أقسى الشهور بالنسبة للقضية الوطنية (انظر خطاب الملك في قمة الرياض في أبريل 2016)، هو أن رئيسة المجلس هي روسيا، التي توجد في وضع دولي خاص للغاية غير مسبوق.. وهو ليس العنصر الوحيد في سياق القضية الوطنية، حيث أن كل الأطراف المعنية به (إقليميا) أو دوليا، تتابع الاجتماع من زاوية وسياقات مستجدة... أولا روسيا: روسيا بوتين ترأس الاجتماع لشهر أكتوبر، وهي نفسها موضوع مساءلة باعتبار أنها تخوض حربا حقيقية متعددة الأبعاد في أوروبا من جهة، ومن جهة ثانية هي مطالبة بالخضوع لحيثيات واقع دولي يملي عليها الاجتهاد في مجال الحفاظ على السلام والأمن في العالم، وهو اجتهاد لا بد أن ساكن الكرملين يأخذه بجدية كبيرة، لإثبات جدارة موسكو بالاستحقاق الدولي في بناء السلام. وهو عنصر سيكون مضنيا لفائدة المغرب الذي لن تغامر موسكو في معارضة أسلوبه السلمي السياسي في بناء معادلات الحل في المنطقة، وتفادي التصعيد الذي يهز منطقة غرب المتوسط وشمال إفريقيا. للتذكير، فإن روسيا امتنعت عن التصويت عن القرار 2654 الذي يؤطر الملف، في تفاصيله كلها، وهي المرة السادسة التي تمتنع فيها موسكو عن التصويت على القرار المتعلق بالصحراء المغربية . وهي عادة لا تعارض المغرب في قضيته، وتبريرها في تفسير التصويت يذهب نحو معارضة الموقف من أمريكا أصلا، ومن المرشح أن يزداد العداء الأمريكي الروسي تفاقما بسبب الحرب في أوكرانيا وتجاذباتها... ويمكن للمتتبع أن يرى في تصريحات الممثل الروسي في مجلس الأمن عند التصويت في أكتوبر الماضي نوعا من رجع الصدى مع الموقف الجزائري بحيث اعتبر «أن الإشارات الواردة في القرار بشأن الموائد المستديرة المنظمة في عامي 2018 و2019 متقادمة». وفي المقابل لا تقدم روسيا بديلا متكاملا للقرار الذي تمت المصادقة عليه. وفي سياق الأزمة مع أمريكا عموما، ومع قرارها المصوت عليه داخل مجلس الأمن فروسيا لن تغفل الوضع الحالي للقضية المغربية والدعم الذي حصلت عليه، لا سيما في الأوساط التي تريد أن تصنع منها توازنا في المنطقة في وجه الغرب وأمريكا على وجه الخصوص، ونقصد بذلك المحيط الذي يسبح فيه المغرب عربيا، باعتبار الاتفاق الواسع عربيا والموقف شبه الموحد حول القضية المغربية وهو ما تدركه روسيا الباحثة عن أدوار متوازنة من خلال ورقة العالم العربي ومجموعة النواة ذات الأولوية فيه، ممثلة في دول الخليج.. موازاة مع ذلك، لا شك أن روسيا تدرك بأن المغرب نجح في امتحان التوازن المنتج في الحرب الأوكرانية الروسية، من جهة نجاحه في امتحان استقلالية قراره والتزامه بتعددية شراكاته الاستراتيجية، أضف إلى ذلك التصاعد المستمر للتعاون المغربي الروسي، اقتصاديا.. وأكبر عناوينه، ولا شك، اتفاق الصيد البحري الموقع بين موسكووالرباط في نهاية 2022... ويظهر بأن القطيعة لم تستقر أبدا في العلاقة بين الطرفين، من خلال مكالمات ناصر بوريطة مع نظيره الروسي لافروف. وتتابع المنصات الأفرو روسية تطورات الإعداد للقمة الروسية الإفريقية ، واستبعاد حضور الدولة الوهمية وممثلها الانفصالي في هذه القمة، وقد سبق لموسكو أن راعت الموقف المغربي والمؤسساتي داخل الاتحاد الافريقي، ولم تستجب لنداءات السحرة القادم من الجزائر وبريتوريا.. ومن العناصر التي لا يمكن إغفالها، بالرغم مما تقدم حول القرار وشبهة الالتقاء مع موقف الجزائر، فإن هذه الأخيرة هي نفسها لم تعد حليفة لا مشروطة لروسيا ! فقد حصل التحول نحو فرنسا أساسا ومغازلة الغرب، وهو التحول الذي أثار العديد من التداعيات ومنها تعرضها للمساءلة الأمريكية بعد شراء السلاح الروسي الموضوع رهن الحصار الغربي، وهي خطوة لم تكن لترضي موسكو! وروسيا العضو في مجموعة أصدقاء الصحراء، أخيرا كانت من بين الأطراف المعنية التي استمع لها ستيفان دي ميستورا، وهي ترأس مجلس الأمن، وينتظر أن يقدم عن ذلك تقريرا.. دي ميستورا: محكوم عليه باستئناف العملية السياسية لعل ستافان دي ميستورا يتقدم إلى الاجتماع وفي جعبته خلاصات الاتصالات التي قام بها واطلع الأمين العام الأممي انطونيو غوتيريس عليها، كما ورد في تقارير الناطق الروسي باسم الأممالمتحدة، دو جاريك، وما نشره موقع قسم الشؤون السياسية ودعم السلام لدى الأممالمتحدة.. حيث التقى على المستوى الدولي، مجموعة أصدقاء الصحراء (إسبانيا وأمريكاوروسيا وإنجلترا وفرنسا).. وهي كلها أطراف معنية بالقضية وبل تعد من العواصم المؤثرة بخصوص قرارات المجلس، وكذا اختيار الشخصيات التي يتم تكليفها بالمهام الأممية ومنها المبعوث الشخصي، ثم بعد ذلك التقى مكونات المعادلة الإقليمية (المغرب والبوليزاريو والجزائر وموريتانيا). وبهذا الخصوص، لم يصدر المغرب لحد الساعة أي بيان عن مسارات المحادثات... باعتبار أنه يوجد في وضع مريح واقتنع بأن الرباط هي عاصمة الحدث في الصحراء منذ ما حدث مع واشنطن. وباعتبار «النجاحات الدبلوماسية التي حققتها في السنوات الأخيرة تجعله في وضع مريح ،مستمرا في بذل مجهوداته من أجل تحقيق التنمية في منطقة الصحراء». لكن لم يغفل المتتبعون بأنه قد نجح في جر الجزائر إلى المناقشات، التي أطرها قرار مجلس الأمن2654 ، الذي عارضت مضامينه وشهرت به! فالقرار الأخير حافظ على الجزائر تحت الضغط بل إن «صيغة جميع الأطراف المعنية الواردة في القرار الأممي تستهدف الجزائر . كما يدعو نص القرار المبعوث دي ميستورا للا عتماد على المفاوضات السياسية.. وحاولت الحزائر فتح جبهات متعددة ضد المغرب من أجل التوهيم بوضع منفلت في المنطقة، ولوحت باستئناف القتال، أو بعودة الانفصاليين بقوة ضمن حقيبتها الديبلوماسية، كل ذلك لم يغير من واقع الأمر شيئا بحيث أن واقع الدولي لا يرتفع، باعتبار أن القرار 2654 دعا جميع الأطراف لأن تتعاون تعاونا كاملا مع بعثة الأممالمتحدة. والممثل الشخصي للأمين العام.. والأنكى من ذلك بالسنبة لسكان قصر المراية أن منطق مساندة واحتضان المباردة المغربية زاد منسوبه وتعددت أشكاله ، وآخرها الدعم الذي حصل عليه المقترح من طرف النمسا بمناسبة الزيارة التي اقم بها مستشارها تزامنا مع الذكري 240 للعلاقة المغربية النمساوية. المينورسو: رضوخ البوليزاريو وراعيته! سيقدم الروسي الكسندر ايافنكو قائد قوات المينورسو، هو أيضا تقريرا حول وضعية القوات الأممية في شرق الجدار، وهي وضعية تتسم بصعوبة الحركة وكانت موضع تقرير الأمين العام انطونيو غوتيريس، كما أنها المرة الأولى منذ سنوات التي ستستأنف فيها الرحلات برا إلى مواقع البعثة الاممية.. ومن المجدي التذكير بأن قرار مجلس الأمن الأخير دعا إلى ضمان التمويل المنتظم للقواعد الميدانية للمينورسو من أجل ضمان تواجدها وادائها لمهامها... طلب القرار (في فقرته التنفيذية رقم 8)، بشكل صريح، من «البوليساريو» السماح «باستئناف إعادة الإمداد الآمن والمنتظم لبعثة (المينورسو) من أجل ضمان استمرارية وجود البعثة». و شجب الانتهاكات المتكررة للبوليساريو لوقف إطلاق النار شرق منظومة الدفاع المغربية، مقابل التعاون المستمر للمملكة مع البعثة الأممية. ما بين أكتوبر 2022 وأبريل 2023 جرت مياه كثيرة، ومنها توصل المينورسو بما تتطلبه مهمتها عبر بريد مباشر.. وفي مقابل ذلك تابعنا اعلاميا وسياسيا التفكك الذي تعيشه المنطمة الصنيعة «في جمهورية الخيام وسط الصحراء الجزائرية» بلغة البشير الدخيل المؤسس الذي كان أول من أطلق اسم البوليساريو!.. وهو تفكك بشري عنوانه الأبرز الوضع الإنساني والغذائي الذي صار موضوع قرارات دولية تسبقها تقارير من محتلف المنظمات الانانية والطبية والمالية ، أمميا. ولعل اخر تقرير لبرنامج الغذاء العالمي والمتعلق بالجزائر قد سلط العود بمافي علي هذه اللوحة القاتمة من الوضع داخل مخيمات تيندوف. تضاف الي ما ورد في تقرير الأمين العام للامم المتحدة المقدم لمجلس الامن في اكتوبر الماضي والذي جاء كارثيا. نفس اليد لعام 2021 لفت تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الانتباه إلى اختلاس أموال ومساعدات غذائية موجهة للساكنة المحتجزة. وفي الوجه الاخر من الماساة ترفض الجزائر الوضع الطبيعي للاجئين عبر رفض تسجيلهم كما هو الحال في كل بقاع العالم،بل تظهر بمن ذلك بكل السوائل لتفتح الباب للتغيير الاثني داخل المخيمات وكذا التحايل الدولي والحجز على عقار الساكنة عموما.. وإضافة إلى ذلك التفكك السياسي، وعنوانه الاكبر الخلافات التناحرية بين من يريد العودة إلى العملية الأممية ووقف إطلاق النار كما هو حال ممثل الجبهة في العاصمة الجزائر والناطق الرسمي باسمها عبد القادر طالب عمر: عبر الدعوة الي «حل سياسي على قاعدة تنظيم استفتاء كحل»... ومن يريد، أمثال عمار محمد الموجود في نيويورك، الذي يطالب« بالاستقلال بدون استفتاء وبدون مسلسل أممي» وهي كلها مزايدات داخلية.. على اعتبار أن المنطق كله الذي ينطلق منه قادة الانفصال برمته صار متجاوزا ذلك أن قرارات مجلس الأمن منذ 2007 2008 دفنت الاستفتاء ولم يعد أي قرار يأتي على ذكره. والثنائية التي تحاول تغذية الصراع بين المغرب والانفصاليين لم تعد معيارا في الحل بل أصبح النزاع الأقليمي يورط طرفا أساسيا هو الجزائر.. والتي عرت عن هذا التواطؤ عبر القرارات التي أعلنتها والمواقف العدائية تبنتها ضد كل من يدعو إلى احترام السيادة المغربية تحت مظلة الحكم الذاتي امثال إسبانيا وغيرها.. فرنسا: الشريك الممتنع .. لقد مرت القضية، في جو الاتزام الحاصل بين الرباط وباريس بامتحان سابق. اذا شئنا، في اكتوبر من السنة الماضية، حيث ظلت فرنسا على موقفها من دعم الحم الذاتي ، وصادقت على القرار الامركي، بالرغم من انواعة التي يؤديه قصر الاليزيه في محاولة لفك الارتباط مع واشنطن، في قضايا دولية عديدة، لم يعد يخفي نيته في التميز عنها. وفي قضية الصحراء وتحويله للاعتراف الامركي بالسيادة المغربية كما في موقع الصين الجديد يبدو هاجس الاليزيه هو الابتعاد عن مواقف واشنطن، الشيد الذي خلق أزمة مع مركز القرار الامركي. والذي يسجل بالنسبة للمغرب هو أن «عدم الارتياح الذي تتسم به العلاقات المغربية الفرنسية منذ أكثر من عام رونصف »، لم يتكرس كأزمة مفتوحة في القضية المغربية ورنما كان لفرنسا تعبير مجازي عنها وهو انقطاعها عن تمرين. سنوي معتاد يتمثل في « تفسير التصويت في 27 أكتوبر»، وارتزت باريس عدم تفسير التصويت ولو ك«مناسبة مواتية لتجديد دعمها التقليدي لمبادرة الحكم الذاتي ». لوم يغفل الممتبعون للتطوريات الوضع بين البلدين هذا الامتناع ووضعه في خانة القصديج الديربمساية عن « إضافة لمسة إيجابية في هذه الظرفية كدليل على حسن النية وكحافز لاستئناف الحوار». لكن باريس قررت أن تقتصر على التصويت دون تعليق في بادرة هي الأولى من نوعها على مدى السنوات الماضية والتي ظلت تساند فيها الحكم الذاتي.. وما سجلناه هو المحاولة التي قادمت بها فرنسا عبر وزيرتها في الخارجية كاترين كولونيا عند زيارتها للمغرب، من محاولة تقديم الموقف الفرنسي كموقف غير قابل للتطور، والمسعى الذي قامت به المراكز المؤثرة في القرار عبر الاعلام وتسويق مواقف مثيرة للغرابة بخصوص الموقف الفرنسي ( دعوة مؤتمر دولي حول الصحراء، تقرير اعلامية تعلن رفض باريس الانضمام الي الروح الاجابية للعديد من الدلو كاسبانيا وهولاندا ...).... ختاما ليس منتظرا صدور بيان أو ما شابه عن الاجتماع ، وقد سبق لأمريكا أن حاولت طلك في زول مهمة في المجلس الاممي للادارة الجديدة كع وول بايدن الى الرئاسة غير أن التنسيق مع المغرب جعلها ترى بأن هذا الاجتماع لا يقتضي إجباريا وجود بلاغ أو بيان .... لأن القرارات تتحدد حصريا في شهر أكتوبر..".