وحده المعطي منجب الأجدر والأحق بأن يسجل "التهديد بالدخول في الإضراب عن الطعام" باسمه في سجلات "براءة الاختراع والعلامة التجارية" الخاصة بالأشخاص الذين يتهربون من المتابعات القانونية. ومن حق المعطي منجب كذلك أن يدوّن في سجلّه الخاص أيامًا معدودات من شهري مارس وأكتوبر من كل سنة، باعتبارهما موعدين قارين يهدّد فيهما دائما، وفي التوقيت ذاته، بالصوم الطوعي عن الأكل أمام وسائل الإعلام!. كما يحق للرأي العام الوطني أيضا أن يتساءل عن خلفيات هذه الصدفة الغريبة التي تجعل المعطي منجب يهدد بالدخول عن الإضراب عن الطعام في نفس التواريخ تقريبا، في شهر مارس وأكتوبر من كل سنة؟ فهل الأمر يتعلق بفترة صوم يخوضها فعلا المعطي منجب احتسابا لله؟ وهي فرضية مستبعدة، أم أنها تواريخ تكتسي رمزية معينة في "التاريخ المباشر" كما يوصفه المعطي منجب؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إسهال وإسراف في التهديد بالإضراب عن الطعام، بشكل أفضى إلى تمييع هذا الوعيد وإفراغه من محتواه النضالي؟ كرونولوجيا التهديد من يتابع "التاريخ السياسي المباشر" عند المعطي منجب، يجد أن الرجل يعلن التهديد عن الإضراب عن الطعام مرتين في السنة، الأولى في بداية فصل الربيع وتحديدا في شهر مارس، والثانية في فصل الخريف في غضون شهر أكتوبر من كل سنة! ولمن يستغرب هذا "الالتزام الزمني الدؤوب" من جانب المعطي منجب، ما عليه إلا أن يراجع تدوينات المعني بالأمر المتواترة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يهدد فيها بالدخول في الإضراب عن الطعام. ولا يختار المعطي منجب الأشهر فقط للتهديد بالإضراب عن الطعام، بل ينتقي حتى نفس اليوم بالضبط. فمثلا في شهر مارس تميل رغبة المعطي منجب إلى الثامن من هذا الشهر لإعلان تهديداته، متزامنا في ذلك مع اليوم العالمي للمرأة، وكأنه يحاول أن يعطي نكهة نسائية لمطالبه النضالية! فمثلا في 8 مارس 2021 أعلن المعطي منجب عن دخوله في إضراب عن الطعام داخل سجن العرجات بسلا حيث كان يقضي مدة اعتقاله على خلفية تهمة تبييض الأموال، قبل أن يعود لاحقا في الثامن من مارس 2023، في نفس الوقت بالذات، ليهدد بالدخول عن الإضراب عن الطعام احتجاجا على ما قال أنه "توقيفه الرسمي من عمله كأستاذ جامعي". لكن شهر أكتوبر من كل سنة هو الذي حظي بنصيب الأسد في تهديدات المعطي منجب بالدخول في الإضراب عن الطعام! ففي أكتوبر 2015 أعلن المعني بالأمر عن دخوله في إضراب مفتوح عن الأكل والشرب، إلا ما تيسر من العسل والمربى، قبل أن يعلن في الثالث عشر من نفس الشهر عن دخوله في حالة إغماء استلزمت نقله للمستشفى. وتذكروا جيدا تاريخ 13 أكتوبر الذي تظاهر فيه المعطي منجب بالإغماء! ففي 13 أكتوبر من سنة 2020، أي في نفس التاريخ بالضبط، سوف ينشر المعطي منجب صورة شخصية له مرفوقة بتعليق يعلن فيه خوض إضراب عن الطعام مرة أخرى!. وقد يرجح البعض فرضية الصدفة في تزامن السياق الزمني لهذه التهديدات التي تصدر عن المعطي منجب. لكن المثير في هذه القضية هو أن المعني بالأمر سوف ينشر في 13 أكتوبر 2021، في التاريخ ذاته من السنة الموالية، تدوينة طويلة يهدد فيها بخوض إضراب عن الطعام بسبب ما قال أنه " قرار منعه من السفر خارج أرض الوطن"! فتواتر هذه التهديدات التي يطلقها المعطي منجب في نفس التوقيت من كل سنة، جعل العديد من المهتمين بالشأن الحقوقي يمارون في حقيقة وصحة ادعاءات المعني بالأمر، وصاروا يتعاطون معها على أنها مجرد روتينية متوالية في النسق الزمني عند المعطي منجب. بل حتى السلطات العمومية لم تعد تأبه لهذه التهديدات لكونها تعلم جيدا بأنها مجرد تظاهر بالصوم الطوعي لا ينفذ إلى الواقع الصحي للمعني. تمييع الإضراب عن الطعام المتمعن في عدد المرات التي تظاهر فيها المعطي منجب بخوض الإضراب عن الطعام، سوف يدرك بسهولة بأن المسألة تخطّت الحدود المسموح بها في عتبة النضال، وصارت أشبه بتلك الفقاعة الهوائية التي يتم إطلاقها عند كل استحقاق قانوني يواجهه المعني بالأمر. ففي خريف سنة 2018 هدّد المعطي منجب بالدخول في إضراب عن الطعام بسبب ما قال أنه "قرار إدارة الجامعة القاضي بمنعه من الترشح لمباراة ولوج إطار أساتذة التعليم العالي"، وفي ربيع سنة 2019 توعّد المعطي منجب بخوض إضراب مفتوح عن الطعام بسبب "تحريك مسطرة تأديبية في حقه من طرف وزارة التعليم العالي بسبب غيابه غير المبرر عن العمل". وفي سنة 2022، اختار مناسبة عيد الأضحى التي يلتئم فيها المغاربة ليهدد بالدخول في إضراب جماعي عن الطعام بدعوى "التضامن مع بعض المعتقلين"، وفي باقي السنوات الأخرى كان يهدّد في كل مرة بالدخول في الإضراب عن الطعام للضغط على القضاء ليرفع عنه تارة "المتابعات القضائية بسبب غسيل الأموال"، وتارة من أجل "رفع قرار إغلاق الحدود في مواجهته". ومن يتمعّن في موجبات وخلفيات تهديدات المعطي منجب بالإضراب عن الطعام، سوف يخرج بقناعة يقينية راسخة مؤداها أن الرجل يركن للتهديد والوعيد كلما واجهته مشكلة أو صدر في حقه قرار سواء من قبل مؤسسته الأكاديمية أو من طرف القضاء! وبتعبير آخر، فالمعطي منجب لا يريد الخضوع لقرارات إدارة الجامعة على غرار باقي زملائه الأساتذة، كما لا يمتثل لأوامر القضاء مثله مثل جميع المواطنات والمواطنين، وهو ما يجعله يلجأ بشكل ممنهج وموغل إلى التظاهر بالمرض وتمييع التهديد بالإضراب عن الطعام. ورغم كل هذه التواريخ المتزامنة التي تثبت ركون المعطي منجب متعمدا للتمارض وتمييع التهديد بالإضراب عن الطعام، إلا أنه تبقى هناك جهة إعلامية وحيدة هي التي تتظاهر بتصديق هذا الأخير! إنها الصحافة الرسمية الفرنسية ممثلة في قناة فرانس 24 ووكالة الأنباء الرسمية فرانس بريس! فالأولى تفرد حلقات للنقاش تساهم من خلالها في تمييع ادعاءات المعطي منجب، بينما تخصص الثانية قصاصة إخبارية لكل تهديد يصدر عن المعني بالأمر، حتى تجاوزت هذه القصاصات عدد الكذبات المسموح بها لكل قناة فرنسية عمومية.