أكدت جريدة الاتحاد الاشتراكي، في عددها ليومه الثلاثاء، أن المخطط الأخضر نجح في إغراق الأسواق الأوروبية، وفشل في تأمين الاستهلاك الوطني، بعدما أصبحت الطماطم المغربية تباع أغلى للمواطنين المغاربة من الأوروبيين. وكتبت الجريدة في مقال لها تحت عنوان "المخطط الأخضر نجح في إغراق الأسواق الأوروبية وفشل في تأمين الاستهلاك الوطني"، أن الطماطم المغربية أصبحت تباع في أسواق الدول الأوروبية بأسعار أرخص بكثير من تلك التي تباع بها في السوق المحلي. وبينما وصلت أسعار الطماطم بالأسواق الوطنية أمس إلى 14 درهما للكيلوغرام الواحد بيع نفس المنتوج وبجودة أعلى بكثير، أمس الإثنين بأسوق فرنسا (سوق مدينة بيربينيون نموذجا)، ب1.1 إلى 1.2 أورو أي حوالي 12 درهما وهو ما يعني أن ثمن خروج الطماطم الموجهة للتصدير من المزرعة، لم يتعد 0.7 أورو للكيلوغرام، بالنظر إلى ارتفاع تكاليف الشحن والرسوم الداخلية على الاستهلاك. وتراوح ثمن صندوق الطماطم في أسواق الجملة المغربية أمس بين 220 و240 درهما ليرتفع بذلك سعر هذا المنتوج الوطني إلى مستوى غير معهود في هذا الوقت من العام، خصوصا ونحن على بعد أسابيع قليلة من شهر رمضان الذي يعرف ذروة الاستهلاك؛ وهو ما جعل العديد من المهنيين يحذرون من ثورة أسعار الطماطم خلال الأيام المقبلة. وإذا كان مخطط المغرب الأخضر، تفيد ذات الصحيفة، قد نجح خلال السنوات الأخيرة في إغراق الأسواق الأوروبية بالطماطم، حيث بلغ حجم الطماطم المغربية المباعة في الأسواق الأوروبية في الفترة ما بين يناير ونونبر 2022 نحو 645 ألف طن، فإنه فشل في المقابل في تأمين حاجيات الاستهلاك الوطني. ولم تكن أسعار الطماطم في المغرب تتعدى 3.50 درهما للكيلوغرام خلال منتصف العام الماضي بشهادة وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية نفسها في موقعها الرسمي قبل أن تتصاعد الأسعار تدريجيا فوق عتبة 10 دراهم خلال الأسابيع القليلة الماضية، وهو ما يطرح عدة علامات استفهام حول أسباب هذا الارتفاع غير المبرر، فما الفائدة من تشجيع الضيعات الكبرى ودعمها بملايير الدراهم وتمتيع أصحابها بمختلف الإعفاءات الضريبية والجبائية على مدى سنوات طويلة، ليكون في ذلك في النهاية في مصلحة هؤلاء المزارعين الكبار على حساب المستهلك المغربي المحدود الدخل والذي أصبح يشتري هذا المنتوج المحلي بسعر يفوق ذاك الذي يشتريه به المستهلك الأوروبي، رغم الفرق الشاسع في القدرة الشرائية بين الزبونين. وعلى الرغم من كل هذه الدلائل التي تؤكد تورط السياسات الحكومية المقصودة في إعطاء الأولوية للتصدير وللمصدرين على حساب الاستهلاك الداخلي وعلى حساب الأمن الغذائي الوطني فإن الوزير الوصي على القطاع، لم يتردد في التنصل من مسؤولية الحكومة عن الغلاء الفاحش المستشري حاليا في جميع المنتوجات الفلاحية والسمكية بل إن الوزير قال في لقاء مع الصحافيين على هامش معرض "اليوتيس" للصيد البحري بأكادير، يوم الجمعة الماضي، إن وزارته ليست «مسؤولة عن غلاء أسعار المنتجات البحرية أو الفلاحية ووعد المسؤول الحكومي ذاته بأن من بين الحلول التي تشتغل عليها الحكومة المعالجة مشكل ارتفاع أسعار المواد الغذائية إعادة تنظيم قناة التوزيع بشكل شامل والحد من تحكم الوسطاء في السوق، وتدبير الأسواق بشراكة مع الفاعلين المهنيين» مع العلم بأن هذا الوعد كان وزير الفلاحة السابق رئيس الحكومة الحالي) قد قطع على نفسه امام جلالة الملك عند تقديمه لمخطط المغرب الأخضر بمكناس سنة 2008، ورغم مرور هذه السنوات الطوال، ما زال الصديقي الذي أشرف شخصيا من موقعه السابق ككاتب عام على تنزيل مخطط المغرب الأخضر يردد نفس الوعد دون أن يرف له جفن. واليوم وبعد مرور حوالي 15 عاما على إطلاق مخطط المغرب الأخضر، تبين أن بلادنا وإن كانت قد نجحت في الرفع من بعض المنتجات الفلاحية وهو نجاح استفاد منه المزارعون الكبار الذين انتعشت حساباتهم بفضل مساعدات الدولة، فإنها فشلت في رهان تأمين السيادة الغذائية التي وعد بها واضعو هذا المخطط، ولا أدل على ذلك من كون واردات المغرب من الغذاء هذا العام كلفت ما لا يقل عن 87 مليار درهم بينما لم تتعد قيمة الصادرات الغذائية 81 مليار درهم.