بلغت تحملات صندوق المقاصة خلال سنة 2015 المنصرمة 20،9 مليار درهم مقابل 37،2 مليار درهم سنة 2014، متراجعة بنسبة 43،7 في المائة حسب الأرقام الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة. هكذا تكون الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة في إطار قانون المالية لسنة 2015 البالغة 31،2 مليار درهم قد نفدت في حدود 67 في المائة فقط، وهو ما يعني اقتصاد مبلغ جديد من نفقات المقاصة. ويفسر تراجع نفقات صندوق المقاصة بهذا الحجم مقارنة مع ما كان عليه في سنوات 2012 و2013 و2014 بتحرير أسعار المحروقات في ظل الانهيار المتوالي لسعر برميل البترول الذي كان أثره إيجابيا، رغم ارتفاع سعر صرف الدولار، بعد فترة اعتمدت فيها المقايسة وكذلك التخفيض التدريجي للدعم إلى حدود الإعلان عن إلغائه نهائيا في دجنبر2014. ويفسر أيضا بتراجع الدعم المخصص لغاز البوتان المخصص للاستهلاك المنزلي كنتيجة طبيعية لانخفاض ثمنه في السوق الدولية وكلفة استيراده، وللسكر الذي انخفضت أسعاره الدولية كذلك. وبهبوط نفقات صندوق المقاصة إلى هذا المستوى تكون الخزينة قد اقتصدت نفقات تقدر بأزيد من 30 مليار درهم مقارنة مع سنوات 2012 و 2013 مثلا، لكن الملاحظ أن التوازن بين النفقات العادية والمداخيل العادية، الذي يعتبر الهدف الأول للسياسة المالية المتبعة، لم يتحقق بعد، إذ بلغ العجز على هذا المستوى 5 ملايير درهم حسب أرقام الخزينة العامة للمملكة. والملاحظ أيضا أن العجز الإجمالي قد بقي مستقرا في المستوى الذي كان عليه سنة 2014، حيث بلغ 46،2 مليار درهم مقابل 48 مليار درهم سنة 2014، وهو ما يعني أنه تراجع ب 1،8 مليار درهم فقط من سنة إلى أخرى، رغم تراجع نفقات المقاصة والنفقات العادية بشكل عام وارتفاع المداخيل الضريبية ب 4 في المائة، رغم غياب مداخيل استثنائية من قبيل تلك التي تحققت سنة 2014 نتيجة نقل ملكية “اتصالات المغرب” من “فيفاندي” إلى “اتصالات” الإماراتية على الخصوص. هذا ما يعني أن برمجة المالية العمومية وتدبيرها يطرحان إشكالات لم تجد لها الحكومة حلولا مناسبة، الشئ الذي يشجع على استمرار التبذير فيما لاطائل من ورائه، ليس في التسيير فقط، بل وفي الاستثمار في أمور لا تقدم ولا تؤخر. فهناك ميزانيات تدرج في باب الاستثمار يترتب عليها تبذير كبير وتوضع بنوايا فاسدة إلى الآن، ولا يتبين أن المجلس الأعلى للحسابات، سواء بموارده البشرية أو بطريقة اشتغاله القائمة على مراقبة الأوراق والحسابات، قادر على اكتشافها.