تنظم المديرية العامة للأمن الوطني بشراكة مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية أنتربول، خلال الفترة من 25 إلى 28 أكتوبر الجاري بمدينة مراكش، أشغال المؤتمر الدولي الثالث حول الأمن الكيميائي، وذلك بحضور خبراء وأطر أمنية من مختلف دول العالم. وعبّر محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، اليوم الثلاثاء، خلال كلمته الافتتاحية باسم المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف حموشي، عن سعادته بافتتاح أشغال المناظرة الدولية الثالثة حول "الأمن الكيميائي والتهديدات الناشئة"، التي تستمر أشغالها طيلة الأيام الثلاثة المقبلة". وأضاف الدخيسي في كلمته "أشكر منظمة الأنتربول وشركائها على هذه المبادرة التي تجمع عددا كبيرا من المختصين في هذا المجال، من المصالح المكلفة بتطبيق القانون، وممثلي الحكومات، والمنظمات الدولية والجهوية، والجامعيين وممثلي القطاعات المعنية، من حوالي 75 دولة ومنظمة، بهدف خلق فضاء للنقاش وإيجاد الحلول والرفع من قدرات كل الجهات المعنية بالوقاية من مخاطر الحصول والاستعمال غير اللائق للمواد الكيميائية، خصوصا الاستعمال العدواني في أعمال إجرامية خصوصا الإرهابية منها". وأوضح الدخيسي، أن "هذه المناظرة الدولية تنظم في وقت يعرف تغييرات متعددة، ويتميز بتحديات وبتهديدات محدقة بأمن وسلامة بلداننا، وعلى رأسها التهديد الإرهابي، الذي خلف عدة ضحايا في الأرواح وخسائر جمة في الممتلكات في مختلف البلدان، والذي يستفيد من وسائل التكنولوجيا الحديثة، ويسعى باستمرار للحصول على أسلحة الدمار الشامل". وقال مدير الشرطة القضائية، إن هذا التهديد يبقى قائما وبشدة، كون المواد النووية، والإشعاعية، والبيولوجية والكيميائية في متناول المجموعات الإرهابية، التي تسعى لفرض نفسها وتنفيذ مشاريعها الإجرامية، سواء على المستوى السيكولوجي، والاجتماعي، والاقتصادي، كما تهدد أمن الوطن والمواطنين، وتزعزع استقرارهم ولو في غياب تنفيذ أعمالها التخريبية. وأشار الدخيسي، إلى أن مجموعة من الدول عاشت في السنوات الماضية عدة أحداث إرهابية، باستعمال المواد الكيميائية، والبيولوجية وغيرها، خلفت عددا كبيرا من الضحايا، مذكرا في هذا الصدد، بالأحداث الإرهابية التي عرفها المغرب، خلال سنوات 2003 و2007 و2011، والتي خلفت قتلى وجرحى، وخسائر كبيرة في الممتلكات، وكان لها الأثر السيء على المستوى النفسي، والاجتماعي والاقتصادي. وتابع "مند الأحداث الإرهابية الأولى التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء سنة 2003، اعتمد المغرب مقاربة شاملة لمحاربة الإرهاب والتطرف، تشمل الجانب التشريعي، الذي عرف تعزيزا للقوانين المجرمة لهذه الأفعال وتشديد العقوبات المترتبة عن اقترافها، والجانب الاجتماعي الخاص بمحاربة الهشاشة الاجتماعية ومساعدة الفئات الهشة لإنجاز مشاريع مدرة للدخل حتى لا تسقط في الإرهاب، والجانب الديني حيث عملت الحكومة على إعادة هيكلة الحقل الديني بشكل يتماشى مع التعاليم السمحة للشريعة الإسلامية، وكذلك الجانب الأمني بتعزيز الإمكانيات المتوفرة لدى المصالح الأمنية بمختلف مكوناتها". وأكد الدخيسي، أنه في الجانب الأمني، اعتمد المغرب مقاربة استباقية لمحاربة الإرهاب والتطرف، مكنت من تفكيك 214 خلية إرهابية بين سنة 2002 و2021، قدم على إثرها 4304 أشخاص أمام العدالة، 88 من هذه الخلايا كان لها ارتباط بتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية "داعش"، وتم تفكيكها ابتداء من سنة 2013، كما تم إجهاض أزيد من 500 مشروع إرهابي، مشيرا إلى أن المصالح الأمنية المغربية، تمكنت سنة 2016، من إيقاف عشرة أعضاء ينتمون لخلية تابعة لداعش، استفادوا من تدريبات خارج أرض الوطن، والذين كانوا يستعدون للقيام بأعمال إرهابية باستعمال عبواة متفجرة من صنع تقليدي، تتضمن مواد بيولوجية، على شكل (توكسين تيتانوس- Toxine de tétanos). وقال المتحدث ذاته، إن التزام المغرب في مجال محاربة الإرهاب، ترجم بتوقيع المملكة ومصادقتها على مجموعة من الاتفاقيات الدولية الملزمة وغير الملزمة، مع وضع إطار قانوني وتشريعي متطور يتماشى مع التحديات التي تفرضها الظاهرة الإرهابية، وذلك لمحاصرتها والحد من مخاطرها. وأردف الدخيسي، أن المملكة المغربية، تعمل بشراكة مع الخبراء الدوليين، للرفع من قدراتها للوقاية والحد من المخاطر النووية، والإشعاعية، والبيولوجية، والكيميائية، خصوصا تلك ذات الصلة بالأفعال الإجرامية، مما جعل الاستراتيجة الوطنية، في مجال محاربة الإرهاب، تتماشى مع التطورات الناجمة والمنبثقة من مخاطر هذه المواد. واعتبر الدخيسي، أن هذه المناظرة الدولية فرصة وفضاء لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى بين خبراء دوليين، من المصالح المكلفة بتطبيق القانون، وممثلي الحكومات، والمنظمات الدولية والجهوية، والجامعيين وقطاع الصناعة الكيميائية، وممثلي القطاعات الأخرى المعنية، من أجل تحسين أمن وسلامة المواد الكيميائية على طول دورة حياتها منذ إنتاجها، مرورا باستعمالها إلى حين التخلص منها، خصوصا من ناحية تفادي الاستعمال السيئ والمسيء للإنسان وللبيئة أو استعمالها في المجال الإجرامي وخصوصا الإرهاب، الذي يهدد الأمن والسلامة الدولية. وسيتم التطرق خلال هذه المناظرة لمختلف المواضيع المرتبطة بالتطور الذي تعرفه هذه المخاطر، والتقنيات والطرق المستعلمة من طرف الجهات الفاعلة غير الحكومية، للحصول على هذه المواد، بالإضافة للأحداث المسجلة في الآونة الأخيرة المرتبطة بالإرهاب الكيميائي وبالتقنيات المعتمدة للكشف على أي عمل مشبوه والوقاية منه والاستجابة لحاجيات صده بالشكل المناسب.