أظهرت أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حدود تأثير فرنسا على المستوى الدولي وقدرتها على المساهمة في إيجاد حلول لمثل هاته الوضعيات، وهو ما فسره دخولها في أزمات مختلفة تزامنت مع بقاء إيمانويل ماكرون بقصر الإيليزيه لولاية ثانية، وعدم قدرة حزبه على الحصول على الأغلبية داخل البرلمان، بعدما منح الفرنسيون ثقتهم لأحزاب أخرى من بينها اليمين المتطرف الذي استطاع الحصول ولأول مرة منذ سنة 1986 على كتلة برلمانية، وذلك بسبب عدم التزام ماكرون بما وعد به الفرنسيين. ولعل الأزمات التي أصبحت تعيشها فرنسا والتي قد تؤدي بها إلى اندلاع احتقان اجتماعي والتظاهر بالشوارع، وهو ما بدأ نهاية الأسبوع الماضي بعدما عاد أصحاب السترات الصفراء لشوارع العديد من المدن الفرنسية، احتجاجا على سياسة ماكرون وتردي الأوضاع وضرب القدرة الشرائية للفرنسيين، دليل على أن ماكرون وقف عاجزا أمام أزمة الطاقة التي يتخبط فيها العالم واستسلم للأمر الواقع. لقد كانت أزمة الطاقة وتداعياتها على فرنسا واقتصادها سببا رئيسا في قيام إيمانويل ماكرون بزيارة للجزائر طمعا في الغاز الجزائري لمساعدته على الخروج من الأزمة أو على الأقل التخفيف من تبعاتها على الفرنسيين، لكن ومن خلال القرارات التي بدأت تتخذها السلطات الفرنسية على غرار قرار عمدة باريس إطفاء إنارة برج إيفل لتخفيض استهلاك الطاقة، اتضح أن فرنسا تسير في اتجاه مجهول وأن الغاز الجزائري لم ولن ينفعها في شيء، خصوصا وأن كل المؤشرات توحي إلى إمكانية اشتعال شرارة الاحتجاجات في فرنسا والمطالبة برحيل ماكرون الذي أدخل البلاد في نفق مظلم بسبب تعنته. وبسبب أزمة الطاقة التي أثرت بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية بفرنسا، والتي لامست تداعياتها القدرة الشرائية للمواطنين، تشير توقعات العديد من المختصين أن الفرنسيين في طريقهم للتخلي على مجموعة من العادات اليومية المرتبطة بنمط عيشهم، حيث من المرجح أن يفرض ماكرون على مواطني بلاده تناول وجبتين فقط في اليوم والانتقال بذلك من الأزمة الطاقية إلى الأزمة الغذائية وكل هذا بسبب عجز الرئيس الفرنسي على إيجاد حلول آنية وواقعية لأزمة الطاقة وتداعياتها على المواطنين الفرنسيين الذين منحوه ثقتهم وصوتوا عليه لولاية ثانية، لكن يبدو أنه خيب ظنهم وأنهم ندموا على اختيارهم له.