في سياق البرنامج العام لمخيم ج.ت.ط.ش بمدينة المحمدية تم تنظيم ندوة حول موضوع: "الحراك الشعبي.. النشأة المسار والتطور"، ليلة يوم 14/08/2012 من تأطير الرفيقين عباسي عباس والراقي محمد. استهل الرفيق عباسي عباس مداخلته باعتباره موضوع النقاش في جمعية ثقافية تربوية بأنه درس في السياسة يتماشى مع مبادئ الجمعية في التربية الإيديولوجية والسياسية للشباب، واعتبر أن حركة 20فبراير لم تسقط من السماء بل هي حلقة ضمن سلسلة الصراع الطبقي ببلادنا، ولا محيد عن استحضار تضحيات الجماهير والمناضلين الحقيقيين منذ الاستقلال الشكلي في الصراع ضد السلطة القائمة ومن أجل سلطة الشعب. وهذه السيرورة هي ما أفرز حركة 20 فبراير التي لا تنفصل من جهة أخرى عن مجموع نضالات الشعوب المكافحة ليس في تونس ومصر والبلدان العربية فحسب بل عن النضال الأممي. كما أكد أن شعار: "إسقاط الفساد والاستبداد" الذي يؤطر الحراك الشعبي بالمغرب ما يزال يحتفظ براهنيته، على الرغم من أنه عرضة لتعدد التجاذبات كل حسب موقعه وأهدافه إصلاحيا أو جذريا، وقد اتضح ذلك في المسيرات الحماسية بتاريخ 20 فبراير 2011 حيث استشعرت الدولة الخطر الذي يداهمها فلجأت إلى القمع ضد الجماهير والمناورة والإغراء لنخب الأحزاب السياسية بإيعاز من الإمبريالية من أجل تقطيع الوقت. دون إغفال دور الأقلام المأجورة التي تم تجنيدها للتشكيك والنيل من مصداقية الحركة، مضافا إليه دور الأحزاب الرجعية سيما حزب العدالة والتنمية والعدل والإحسان؛ كما نجحت المخابرات في اختراق صفوف الحركة –التي هي في الواقع مجموعة حركات تختلف وتتباين في مستوياتها بحسب المدن- وجر بعض وجوهها إلى الإعلام المخزني ومنها من ذهب في سفريات إلى تركيا وبلدان أخرى... حركة 20 فبراير ينقصها "الدينامو" الذي هو الطبقة العاملة، ومعلوم أن قيادات النقابات ((C.D.T, UMT تتحمل مسؤولية تغييب وتحييد العمال، بعدما انسلخت عن هموم الطبقة العاملة وخانت قضيتها منذ أمد طويل، ويكفي التذكير أنها تتمتع بامتيازات وتتقاضى رشوة كل سنة. وهذا ما جعل الحركة غير منسجمة في تركيبتها ومخترقة من قبل تنظيمات دينية مغلقة. خاصة وقد تحولت إلى تنسيقيات/ تسويقيات مسيطر عليها من الأحزاب تفرض وصايتها وتلجم النضالات ما ساهم في تنفير أغلب الجماهير. وغرار ذلك أيضا تسهيل تمرير الدستور "الجديد" ما جعل النظام أكثر ارتياحا. وبالمقابل ظل المناضلون المكافحون في إطار الحركة يقاومون ولو يركبوا موجة اليمين الانتهازي المتحالف مع اليمين الرجعي. وبعد أن عدد الرفيق الإضافات النوعية للحركة تناول آفاقها بربط تطورها بإعادة النظر في الأساس التنظيمي والسياسي، واضعا ذلك على عاتق المناضلين الكفاحيين المستعدين للتضحية كي يحافظوا على شعار إسقاط الفساد والاستبداد بمضمون جذري وتجاوز التنظيمات المتهالكة. واعتماد آلية فرض المجلس التأسيسي كمطلب تاريخي للحركة التقدمية، مع تحريض العمال والفلاحين الفقراء والعاطلين في الأرياف وتنظيمهم، واعتماد مبدأ الخط الفاصل مع العدو في مختلف جبهات وحقول الصراع الطبقي. وضرورة تحديد موقف من القوى الظلامية الفاشية لأن التنسيق معها سيؤدي لصعودها كما جرى في إيران 1979 التي أخذت تذبح حلفاءها. من جانبه اعتبر الرفيق محمد الراقي أن طرح موضوع الحراك الاجتماعي للنقاش دليل على أنه لم ينته بعد، إنه نموذج سلمي غير مسبوق وسيكون مدخلا لانقلاب فكري واجتماعي ولثورة عالمية يشكل الشباب أساسها وعصب المعركة فيها. وذكر ببعض المحطات التاريخية التي تشكل حمولة مطالب حركة 20 فبراير؛ قادها عبد الكريم الخطابي إبان مرحلة الاستعمار والمهدي بن بركة في مرحلة الاستقلال الشكلي وامتدت في معارك 1965، 1981، 1984، 1990... التي تبقى شاهدا على قمع هؤلاء الشباب. هذا التراكم المعبر عن يقظة الشعب المغربي والذي تشكل 20 فبراير استمرارا له في الوعي من خلال تنظيم وتأطير الشباب لعدة ندوات فكرية وسياسية لن يتبدد وفق رغبة النظام المرعوب من الوضع الحالي. وقد حاول هذا الأخير باستخدام كل أحزابه لمقاومة مد الحركة بتمسكها بسلميتها التي تشبه "مسيرات الملح" التي قادها المهاتما غاندي وأدت لاستقلال الهند. ومن بين سمات المؤامرة أيضا التي تحاك ضد 20 فبراير: انسحاب العدل والإحسان والعدالة والتنمية وأحزاب محسوبة أنها ديمقراطية، فضلا عن خطاب 09 مارس الذي امتص غضب الشعب وتعيين لجنة المنوني. لماذا لم تلتحق مجموعة من مكونات الشعب المغربي بالحراك؟ يمكن التمييز بهذا الصدد بين عاملين: كون المخزن دائما ما يقوم بإجراءات استباقية من خلال الزيادة مثلا في رواتب الموظفين الأمر الذي يدل على أنه الأكثر قدرة على المناورة من القيادات النقابية. هناك أيضا الفصل بين الدينامية الاجتماعية في الجبال والضواحي والدينامية السياسية التي تشكلها حركة 20 فبراير. إلا أن ما ينبغي التشديد عليه هو أن الشباب الحالي داخل الحركة ما يزال بإمكانه قيادة الحركة وإحداث التغيير، فالحركة لم تفشل بخلاف ما يتم ترويجه، فهي ما تزال مستمرة بعد أكثر من سنة على تأسيسها. وفي الختام أعقب هاتين المداخلتين نقاش مستفيض امتد لساعات متأخرة حتى صباح اليوم الموالي.