عرف فضاء الجزيرة بمدينة دمنات يوم السبت 15 رجب 1432 الموافق ل 18 يونيه 2011 ، تنظيم الملتقى الجهوي الأول لفن المديح والسماع من قبل جمعية دمنات لفن المديح والسماع والثقافة . وذلك تحت شعار " فن المديح والسماع منارة من منارات الثقافة المحلية" . وبحسب القائمين على فعاليات هذا الملتقى فقد كانت من بين أهداف تنظيمه، إحياء الثرات المحلي لفن المديح والسماع بمدينة دمنات، والاحتفاء برمز من رموز الثقافة والإبداع بالمدينة ، وهو العلامة أحمد نجيب ، الأديب الشاعر ، والفقيه العدل صاحب مخطوطة : القول الجامع فيما وقع في دمنات من الوقائع. استهل هذا الملتقى بإلقاء كلمات ترحيبية لكل من رئيس الجمعية المنظمة ورئيس الجماعة الحضرية لدمنات، رحبوا من خلالها بالحضور الكريم، وبالضيوف القادمين من مدن بني ملال ، مراكش ، قلعة السراغنة ...الخ. وأبرزا فيها أهمية مثل هذه المحطات الثقافية، باعتبارها فضاءا للتلاقي والتواصل بين أبناء البلدة من جهة ومجال للتعرف على الآخر وللتداول في الشأن الثقافي والفني المحلي. هذا وقد عرف اللقاء حضورا مكثفا للجمهور، حيث تابع بإمعان العروض والمحاضرات المتنوعة المضمون ، والعميقة التحليل التي قدمها ثلة من الأساتذة والباحثين. إذ قدم الدكتور أحمد صدقي وهو أستاذ الفلسقة بدار الحديث الحسنية بالرباط محاضرة تحت عنوان :" التصوف وفن السماع" تطرق من خلالها إلى مفهومي السماع والاستماع وميز بينهما ، وذكر دواعي الفقهاء وأقوالهم في تحريم السماع لارتباطه باللهو، كما أبرز شروط أهل التصوف في تجويزهم للسماع ، وذكر مراتب ومنازل السماع وعدده في سماع العامة وسماع المريد وسماع المشايخ.، كما خلص إلى أن أصل السماع هو الحب، والحب على حد تعبيره يوجد في أصل الكائنات. بعدها قدم الدكتور الفقيه الإدريسي ،أستاذ مادة التاريخ بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال عرضا بعنوان : " الذاكرة الجماعية المستعادة لدمنات كما يؤرخ لها العلامة أحمد نجيب في مخطوط القول الجامع فيما وقع في دمنات من الوقائع . تطرق من خلاله إلى المخطوط المذكور، والذي يضم 26 فصلا و 111 صفحة ، حيث أبرز أهم المضامين والأحداث التاريخة المذكورة في المخطوط ، وعرف بقيمته العلمية ضمن مسارات الكتابات التاريخية بالمغرب التي تناولت القرن التاسع عشر. كما وقف على منهجية المؤلف و أسلوب كتابته، حيث اهتم الحاج أحمد نجيب بذكر التفاصيل في مجالات السياسة والاقتصاد، وكان له وعي منهجي بقضايا عصره، وكان يبدأ حديثه في كل فصل بالقول : الكلام عن .... ، كما أعتمد في سرد الأحداث التاريخية التوطين الزمني والمكاني.مما يعطي لكتابه زخما معرفيا، ينضب بأخبار المتأخرين وحالهم وترحالهم ، ويفيد بنقلاته عطش الباحثين في صنوف العلم المتعددة: الخبر التاريخي، التراجم ، الجغرافيا ، الإتنوغرافيا. كل في مجال تخصصه. بعدها قدم الدكتور الضعيفي عبد العزيز، أستاذ التاريخ بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال عرضا بعنوان : ثقافة الحاج أحمد نجيب من خلال رحلته الحجية لسنة 1954 ، تناول فيه بالدرس والتحليل لمكونات ثقافة الفقيد من خلال رحلاته للديار المقدسة، وعرف بسيرته وذكر مناقبه، ومن جملة ما تحدث به أن الحاج نجيب كان شغوفا باقتناء المخطوطات والكتب، وكان مهتما بأخبار المؤسسات العلمية والثقافية، إذ كلما قصد المشرق ، يزور الكلية الطرابلسية والكلية الأزهرية، ومما كان يميز الشيخ كذلك اهتمامه بقراءة الجرائد واقتنائها ومراجعتها، وممارسته للنقد كلما عرضت عليه المسائل التي تتطلب ذلك. بعدها تناول الأستاذ ياسين الفتاوي السيرة العلمية للفقيد والثرات العلمي المخطوط الذي أورثه، حيث عرض أهم ما تحتويه خزانة كتبه من تحف نادرة ، ومخطوطات قيمة تؤرخ لأعلام مدينة دمنات، وتضع الباحث أمام ثروة علمية وثقافية نادرة. لتختتم الفترة الصباحية بعرض ورقة للتأمل والتفكير، قدمها الأستاذ بوستة مولاي الرضى عنونها ب: الموروث الثقافي للمرحوم: حرقة السؤال وثقل المهام . حاول خلالها طرح مجموعة أسئلة علها توقظ في الجمهور الحاضر، الدمناتي منه خاصة، أسئلة الثقافة والتاريخ المحليين، وسؤال مسؤولية النبش والتحقيق والتوثيق للذاكرة الجماعية المحلية. وفي الفترة المسائية اختتمت فعاليات هذا الملتقى،بأمسية روحية شاركت فيها فرق للمديح والسماع الصوفي تنتمي إلى مدن بني ملال ودمنات وقلعة السراغنة .