دفع .. احتضان.. شد من مناطق مختلفة من الجسد، قد تظن إذا رايتهما من بعد أنهما شابان يتصارعان، لكن إن اقتربت أكثر فستكتشف ان ما خلته معركة حامية الوطيس هو في الحقيقة اقرب إلى "لعب تنقصه البراءة" إن كنتم تفهمون قصدي، وأن طرفا الاشتباك الساخن هما في الحقيقة: شاب يقارب العشرين أو تجاوزها بقليل، حريص على تلميع شعره وحذائه ايضا، و"طفلة" قد تكون في الرابعة عشر من عمرها، تدل وزرتها البيضاء القصيرة أن مكانها المفترض في تلك الساعة هو قاعة الدرس..أو على الأقل هذا ما يعتقده والداها. لن تحتاج لمعابنة المشهد الذي حاولت وصف بعضه إلى استراق النظر إلى ما وراء الأبواب الموصدة او النوافذ المحكمة الإغلاق، ولا حتى إلى التجول في الأزقة الضيقة والدروب الخالية حين يبدأ الغروب في إرخاء سدول العتمة. هذه الصورة والعشرات غيرها أكثر جرأة (أو "وقاحة" إن اخترنا وصفا اقل حيادا) تحدث كل يوم تحت ضوء الشمس حول أغلب المؤسسات التعليمية بالمدينة.في الحالة التي حدثكم عنها، على بعد 100 مترمن إحدى الإعداديات و متر واحد من مسجد ..لكم أن تتخيلوا إلى اين تتطور الامور في الأماكن المتوارية. حتى في أكثر الدول "إباحية"، سيجد صاحبنا ذو الشعر والحذاء اللماعين نفسه في ورطة كبيرة، إن حاول التحرش بطفلة مادامت دون الثامنة عشر من العمر أو قد يحاكم بتهمة التحرش الجنسي بالأطفال وهي تهمة ثقيلة عند القوم. اما في مجتمعنا المسلم وفي مدينتنا التي يحلوا لنا وصفها طربا ب"المحافظة" والتي يفترض ان مازال فيها متسعا لقيم مثل "الأخلاق" و"التربية" فهذه الظاهرة تزعجنا إلى درجة نفضل معها النكران و التظاهر بالعمى، و الرجاء أن لا يكون صاحب الحداء اللماع في نفس المكان غدا مع نفس "الطفلة" او مع اخرى. رجاء لا يتحقق للاسف طالما ان جمعيات الأباء والأطر التربوية تختار اسلوب النعامة في معالجة هذا الوضع، لتبقى التلميذات القاصرات طريدة سهلة في عيون صيادي المتعة، و مجرد مادة استعمالية توفر إشباعا غرائزيا رخيصا ودون تبعات. لن أختم بوصفات علاجية جاهزة حتى لا أبسط معقدا، لكني أجزم أن الحل يبدأ بالاسرة اساسا حين تتحول إلى فضاء حوار وحب وليس إلى حيز قهر، ويمر عبر المؤسسة التعليمية يسندها المجتمع المدني حين تؤدي أدورها الحقيقية كحاضن منم لإبداعات وطاقات المراهقين، حتى لا تتفجر عنفا و إجراما أو فضائح أخلاقية على قارعة الطريق.