بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى صلاح الدين مزوار وذلك على إثر انتخابه رئيسا للاتحاد العام لمقاولات المغرب وقد تضمنت البرقية رسالة واضحة إلى الدور الذي يجب أن تلعبه المقاولات المغربية في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بالمغرب. وللإشارة، فإن الاتحاد العام لمقاولات المغرب يعتبر ممثلا للقطاع الخاص من حيث الشكل العام وليس من حيث تمثيلية جميع المقاولات المغربية بكل فئاتها لدى السلطات العمومية والمؤسساتية، وبصفته جمعية ذات النفع العام، يعتبر لسان حال 88000 عضو مباشر ومنخرط فقط، في حين أن عدد المقاولات المغربية غير المنخرطة وغير المهيكلة يفوق المليون حسب بعض الدراسات القطاعية، ومن المفروض أن يكون الاتحاد ممثلا للجميع ليصبح مخاطبا قويا وشريكا حقيقيا في تنمية المغرب ويسهر كذلك على ضمان مناخ سليم لتحقيق تنمية اقتصادية متضامنة ومنتجة ومساهمة في النمو الاقتصادي. وقد مر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، منذ إنشائه يوم 20 أكتوبر 1947 خلال عهد الحماية، بعدة مراحل، وبالتالي فهو موروث من الفترة الاستعمارية، حيث كان رجال الأعمال الفرنسيين يخدمون به مصالحهم في الماضي، كما أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب كان يحمل إسم "الاتحاد العام لأرباب العمل بالمغرب" ثم بعدها اسم "الاتحاد العام البيمهني الاقتصادي والاجتماعي" في 5 أبريل 1956، تلتها تسمية "الاتحاد العام الاقتصادي المغربي" في 16 أبريل 1956، إلى أن حمل الإسم الحالي "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" سنة 1995. وبعد هذه المراحل التاريخية التي مر منها الاتحاد، أصبح اليوم مؤسسة مهنية وطنية مهمة تعمل على عدة مستويات كشريك اقتصادي واجتماعي للدولة ولسياساتها الإستراتجية في تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وبتحليل البرقية المكلية، التي هي بمثابة رسالة توجيهية إلى الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والانتظارات التي يتوخاه المغاربة من رجال الاعمال وأصحاب الثروات بعيدا عن التجاذبات الذاتية والتجارية والسياسية، يمكن قراءة الملاحظات التالية: – ضرورة قيام الاتحاد العام لمقاولات المغرب على تأهيل المقاولات المغربية من أجل بيئة صحية للنهوض بالاقتصاد المغربي. – دعم المبادرة الفردية وتشجيعها والدفاع عنها محليا وجهويا، والعمل على ضمان بيئة سليمة للاستثمار الوطني والدولي وتشجيع المستثمرين الأجانب بالمغرب. – المشاركة في وضع أساس نموذج اقتصادي مغربي جديد يحقق النمو والتنمية المجالية والجهوية ولايبقى رهين الملفات المطلبية المرتبطة أساسا بتغير قانون المالية كل سنة. – بذل المزيد من الجهود للارتقاء بأداء المقاولة المغربية وتمكينها من التنافسية بحيث تكون شريكا اقتصاديا واجتماعيا ناجعا تضع مصلحة الوطن والمواطنين فوق أي اعتبار. – العمل على توسيع قاعدة المنخرطين ترابيا وعدديا حتى تمثل المقاولات تمثيلا حقيقيا لا رمزيا، لأن القرارات التي تصادق عليها تلزم الجميع بينما لا تمثل منهم إلا القليل. – الانتخابات التي جرت خلال الجمع العام للاتحاد العام لمقاولات المغرب لاختيار رئيس الاتحاد يعكس رمزية المؤسسة في التمثيلية، حيث إن مجموع الأصوات لايتجاوز 6635 صوتا من أصل عدد المنخرطيين البالغين أقل من 10 آلاف، وهذا عدد قليل جدا مقارنة مع عدد المقاولات المغربية. – إحداث منصب للتواصل مع المواطنيين حتى تقوم المقاولات المغربية والأجنبية بدورها ولا تترك الفراغات لاستغلالها من طرف البعض – خلق ثقافة قريبة من المجتمع المغربي حتى لايبقى الاتحاد العام لمقاولات المغرب نخبويا في الثقافة واللغة والتواصل – الوفاء بما تتعهد به المقاولات كل سنة بخصوص توفير مناصب الشغل، لأنه ولحد الآن، حسب بعض المعطيات الإحصائية الرسمية وغيرها التي تعلن، لايتم الوفاء بها عمليا لأن الهيكلة الاقتصادية للقطاع الخاص حاليا لاتسمح بذلك أصلا. – أن النموذج التنموي الجديد سيجعل من القطاع الخاص المشغل الأول في المناصب القارة والموسمية، لأن الدولة لن تستطيع تشغيل كل المؤهلين للعمل في المستقبل. – أن الدولة تعطي مشاريع ضخمة للقطاع الخاص، وتمنح بعض الامتيازات الضريبية وغيرها مقابل تحمل المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية معها كشريك إستراتجي للأمن والاستقرار. – يجب إحداث إصلاحات هيكلية للاتحاد العام لمقاولات المغرب وذلك بعدم إغراقه بأشخاص لا يمثلون سوى مكاتب صغيرة باسم المقاولات للتصويت وتغليب كفة على أخرى وتسيير الاتحاد بطريقة مغلقة وبعيدة عن الانخراط في المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية. – أن مهام تدبير المقاولات وطنيا لاتعتمد على الخبرة والكفاءة وحدها، بل يتطلب الأمر اختيار منهج مناسب يحقق الأهداف المرجوة وينأى عن الأضرار والأخطار. – اليوم أصبحت جميع المؤسسات الخاصة مسؤولة عما يحدث في المجتمع ومطالبة بالمشاركة في الحلول حتى يضمن الجميع حقوقه. د.حسن عبيابة