وجه عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة في حكومة العثماني، رسائل قوية إلى جبهة البوليساريو والجزائر، مؤكدا أن الإجماع الوطني الحاصل وراء الإرادة الملكية لن يسمح بالتنازل عن شبر واحد من صحرائنا المغربية؛ مذكرا بالاجتماع المهم الذي انعقد خلال الأيام الماضية بمدينة العيون ، والذي يؤكد الإجماع الوطني حول الثوابت الوطنية ، وأنه عندما تمس الوحدة الترابية يمس كل مغربي. وأضاف بنعتيق في كلمة له خلال أشغال الجامعة الربيعية التي تنظمها الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بشراكة مع مجلس الجهة ، وجامعة السلطان مولاي سليمان ، لفائدة الشباب المغاربة المقيمين بالخارج، تحت شعار " المغرب أرض الثقافات" وذلك من 10 إلى 14 أبريل 2018 ببين الويدان، أن القوى المعادية للوحدة الترابية للمملكة لم تتمكن من نزع الصحراء عن مغربها، لأن هناك إرادة صادقة لدى المغاربة قاطبة للحفاظ العمق الجنوبي للمملكة المغربية. وأشار وزير الجالية إلى أن المغرب له خصوم يخلقون له عراقيل من حين لآخر، وأن استكمال الوحدة الترابية هو استكمال لاستقلال المغرب، مؤكدا أن المغرب عندما يتعرض لأي استفزازات ينخرط الجميع في الدفاع عنه بغض النظر عن انتماءاتهم. وأوضح عبد الكريم بنعتيق أن هناك فرق بين وقف إطلاق النار التي تعتبر مسألة تقنية، وتغيير معالم المنطقة العازلة الذي معناه تغيير لجوهر الاتفاق 91. وأن المغرب مستعد لكل الاحتمالات، لأن أقصى ما يمكن تقديمه هو الحكم الذاتي الذي هو إشراك الساكنة في صناعة القرار، وهو أرقى ما يوجد في العالم لتدبير الاختلاف. ودعا بنعتيق مغاربة المهجر إلى تكوين لوبيات الضغط من أجل شرح مشكل الصحراء المغرية للعالم ، والدفاع عن الوحدة الترابية للبلد الأم وسيادتها الوطنية. وأكد السيد الوزير أن المغاربة بالخارج نجحوا في دول الاستقبال ووصلوا لمواقع أساسية ومشرفة بفضل التفاني في العمل والإخلاص فيه ، مشددا أن الوطن أمانة في أعناق المغاربة جميعا سواء كانوا في الداخل أو الخارج ، لأنه حينما يمس الوطن يمس كل المغاربة. وقال ذات المتحدث، إن المغرب حافظ على تماسكه و استمر على ذلك لمدة عقود من الزمن، رغم بعض اللحظات الصعبة التي مر بها ، وذلك راجع إلى التماسك بين الشعب والمؤسسة الملكية. وأبرز بنعتيق أن المغرب يبنى بشكل تدريجي ديمقراطيته الناشئة، لأن الديمقراطية لا تفرض من فوق وإنما تبنى من الأسفل، وأن الديمقراطية ليست بضاعة، بل تبنى بمعاناة وتوافقات وإخلاص، وبرجال ونساء وإرادة تتطلب زمنا طويلا، تتطلب أجيالا وأجيال. وحمل الجميع مسؤولية تحصين مجتمع الغد ضد أي تطرف أو راديكالية أو هيمنة كيفما كانت مرجعيتها، لأن "المغرب خيمة تتسع للجميع، لكن لمن يؤمن بأن الديمقراطية تحصننا جميعا وتجعلنا نشارك في القرار بغض النظر عن انتماءاتنا أو لغاتنا. و وأضاف الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أن الجامعة الربيعية تأتي في إطار التعليمات الملكية الرامية إلى دعم الروابط المتينة التي تجمع المغرب بأبنائه المتواجدين بمختلف بلدان العالم، مسجلا أن الوزارة بدلت مجهودا جبارا في هذا المجال لأنه كانت لديها جامعة صيفية واحدة ، كانت تنظم بمدينة تطوان وكانت الطاقة الاستيعابية لهذه الجامعة لا يتجاوز 120 طالبا، نظرا لإمكانيات الوزارة المحدودة، ونظرا للطلبات الكثيرة على هذه الجامعة ، وهو ما دفع القائمين على الوزارة إلى التفكير في إنشاء جامعات ربيعية عبر توقيع مجموعة من الاتفاقيات مع مجموعة من الجامعات فأصبح لدى الوزارة 5 جامعات ربيعية تصل طاقتها الاستيعابية 560 طالبا في أفق تعميمها على جميع الجامعات المغربية. وركز بنعتيق على أهمية الارتباط الدائم بين المغرب وأبنائه ، وذلك عبر إعطاء عناية خاصة واستثنائية للجالية المغربية بالخارج، فحسب الإحصائيات هناك 5 مليون مغربي بالخارج، يتواجدون بأفضل المراكز والمسؤوليات في مختلف دول العالم، نظرا لكفاءتهم وجديتهم، إذ تمكنوا من أن يصبحوا فاعلين بقوة في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي لعدة دول كبرى في العالم. وأشار وزير الجالية إلى التحول الكبير الذي وقع في المغرب على مستوى البنيات التحتية، وأن المغرب يتقدم رغم الصعوبات، بخطوات جريئة نحو الأفضل، فالمغرب حسب بنعتيق لا يتوفر على البترول أو الغاز لكنه يتوفر على رأسمال بشري وطني، لأن حب الوطن هو الأساس. وأضاف ذات المتحدث أن وزارته تدرس إمكانية عقد جامعات مماثلة للجيل الأول من المهاجرين الذين أحيلوا على التقاعد، بعد أن أفنوا عمرهم في عملهم، من أجل التعرف على بلدهم عن قرب، لكون علاقتهم بالبلد الأم كانت لا تتجاوز شهرا من العطلة، وكذلك من أجل تلمس حجم التقدم والتغيير الذي يشهده المغرب على عدة أًصعدة، مثل البنيات التحتية ا، و المسار الديمقراطي الذي باشرته المملكة. ودعا بنعتيق، في معرض حديثه، إلى تكوين لوبيات ضاغطة خاصة بالمهاجرين المغاربة بالخارج للدفاع عن مصالح الوطن الأم، كما هو حاصل بالنسبة لقطاع المحامين الذين تمكنوا من تأسيس هيئة للمحامين المغاربة على مستوى العالم، وأصبح بإمكان المغرب الاعتماد عليهم في مختلف القضايا. ومن جانبه ، أكد بوشعيب مرناري، رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال أن اختيار شعار (المغرب: أرض الثقافات) شعارا لهذه الجامعة الربيعية " لدليل على أن السمات المميزة للهوية المغربية تجد جذورها في الاحترام العميق لجميع الثقافات" ، مضيفا أن المغرب كان وما يزال " أرض الانفتاح والتسامح ونموذجا للتعايش وإقامة علاقات متفردة بين مختلف الثقافات والديانات، وموطنا للاستقرار، وهذا من شأنه المزيد من تثمين الهوية الوطنية والحفاظ عليها". وأضاف المرناري أن جهة بني ملال- خنيفرة شكلت على الدوام إحدى أهم الجهات المغربية، باعتبارها "قلبا نابضا وأرضا خصبة لترسيخ الهوية والتعدد الثقافي"، مشيرا إلى الأدوار الطلائعية التي تضطلع بها الجامعة في المجتمع، ومساهماتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتطور العلمي والدفاع عن القضايا الوطنية . وبدوره نوه محمد دردوري، والي جهة بني ملالخنيفرة في كلمة له بالمناسبة بمثل هذه المبادرات التي تمثل صلة وصل بين الشباب المغاربة المقيمين بالخارج وبين بلدهم الأم، وشكر آباءهم وأمهاتهم الذين غرسوا في نفوسهم قيم حب الوطن. وأكد الدردوري، أن المغاربة المقيمين بالخارج لا يحتاجون إلى الترحيب بهم لأنهمفي بلدهم، داعيا إلى بدل مجهودات كبيرة للتواصل مع الجالية المغربية المتواجدة بمختلف ربوع المعمور. وأشار والي بني ملالخنيفرة إلى أن المغرب خطا خطوات مهمة نحو التقدم والازدهار في مختلف الميادين تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة، مشيرا إلى المؤهلات الكبيرة التي تحظى بها جهة بني ملالخنيفرة سواء تعلق الأمر بالفوسفاط أو الفلاحة أو السياحة. واقترح محمد الدردوري على كل من رئيس الجامعة ورئيس الجهة إيجاد ضيغة لمنح جامعية خاصة بالطلبة المغاربة المقيمين بالخارج الراغبين في استكمال دراستهم الجامعية بالمغرب في سلكي الماستر والدكتوراه. من جهته أوضح إبراهيم مجاهد، رئيس جهة بني ملالخنيفرة، أن مجلس الجهة ساهم بشكل كبير في إنجاح هذه الجامعة الربيعية، وذلك بهدف دعم الطلبة المغاربة المتواجدين بالمهجر، معبرا عن استعداد مجلس الجهة لدراسة إمكانية تخصيص منح دراسية للطلبة المغاربة المقيمين بالخارج الذين يرغبون في متابعة دراستهم الجامعية في سلكي الماستر و الدكتوراه ، إن هم أرادوا مواصلة دراستهم بالمغرب؛ وذلك من أجل ترسيخ القيم المغربية وتعزيزها لدى الطلبة. وأضاف مجاهد أن مجلس الجهة، ومن خلال شراكته مع الوزارة، سيحدث مركزا جهويا للمغاربة المقيمين بالخارج، بمبلغ مالي قدره 50 مليون درهم، يهدف من خلاله إلى توطيد العلاقة أكثر مع مغاربة العالم، ومساندتهم في كل المحطات والمناسبات، موضحا بأن الجالية المغربية هي خير سفير للمغرب بالعالم، ما يفرض دعمها لتمتين العلاقات بين البلدان المضيفة والمغرب. وجدير بالذكر أن مبادرة الجامعة الربيعية تندرج في إطار إستراتيجية الوزارة الرامية إلى تطوير وتنويع العرض الثقافي الموجه لفائدة مغاربة العالم وذلك استجابة لاحتياجاتهم وانتظاراتهم، وخاصة الأجيال الصاعدة. وعلى غرار الجامعة الشتوية، التي تم تنظيمها في دجنبر 2017 تحت شعار " العيش المشترك " ، تهدف الجامعة الربيعية إلى الحفاظ على الهوية الوطنية للأجيال الجديدة من أبناء مغاربة العالم ، وتقوية روابطهم ببلدهم الأصل، والمساهمة في الحفاظ على وشائجهم الإنسانية وكذا مساعدتهم على الاندماج ببلدان الاستقبال. وإلى جانب هذه الأهداف ، ستكون هذه الدورة الربيعية حسب المنظمين مناسبة لإبراز مدى تنوع وغنى التراث المغربي، وخاصة ما تزخر به جهة بني ملالخنيفرة ، التي تم اختيارها لاستضافة النسخة الأولى من هذه الجامعة. وتحتل هذه الجهة مكانة مهمة في الاقتصاد المغربي، حيث تمكنت بفضل ما تتمتع به من ثروات وإمكانات ومؤهلات فلاحية وموارد مائية هامة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي المتميز، من تطوير نموذج فلاحي اقتصادي يحتذى به. وعرفت الجامعة الربيعية ببين الويدان مشاركة 85 من الشباب المغاربة المقيمين بمختلف دول العالم ، المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و 25 سنة، مع حضور طلبة مغاربة يتابعون دراستهم العليا بجامعة السلطان مولاي سليمان، وذلك لتعزيز التبادل الثقافي وتقاسم التجارب والخبرات. خلال هذه الجامعة الربيعية الممتدة على مدى خمسة أيام، كل هؤلاء الشباب مدعوون للانخراط والمشاركة في ندوات وورشات يؤطرها أساتذة وباحثون وخبراء مغاربة، فضلا عن الزيارات الميدانية التي تروم إبراز الموروث اللامادي للجهة ، ومن أهم المحاور التي سيتم التطرق إليها : تطور العلوم في تاريخ المغرب؛ التراث اللامادي المغربي، الوحدة الترابية للمملكة، العيش المشترك؛ الشباب المغربي والهوية الوطنيةوالتاريخ والثقافة المغربية. وستمكن هذه الجامعة الربيعية ، التي حضر حفل افتتاحها بالأساس، والي جهة بني ملالخنيفرة وعامل إقليمبني ملال محمد دردوري ورئيس الجهة إبراهيم مجاهد، وعامل إقليمأزيلال محمد عطفاوي والمنتخبون وطلبة، الشباب المقيمين بالخارج من التعرف على غنى وتنوع الموروث الثقافي المغربي، بالإضافة إلى تكوين فكرة واضحة حول منظومة القيم المغربية التي تثمن التسامح واحترام الآخر. كما أن مختلف الآراء والأفكار التي سيتم تداولها وتبادلها، خلال برامج وأنشطة هذه الجامعة، بين شباب مغاربة العالم ونظرائهم بالمغرب من جهة، ومن مختلف المتدخلين من جهة أخرى، سيكون لها وقع إيجابي عليهم وستساهم في تنمية ثقافتهم وارتباطهم ببلدهم المغرب.