طلع علينا حزب الأصالة والمعاصرة المغربي، بمبادرة صفق عليها رواده. ولم ينتظروا حتى رد الشارع السياسي.. حيث قاموا بنصب الخيام والرقص والغناء الإعلامي على هذه المبادرة التي لم تنفذ بعد على أرض الواقع. والتي ليس لها أي سند قانون، يمكن من أجرأتها...اعتبروها مبادرة تستحق الإشادة. بعد أن أعلن الحزب أنه دعا نوابه البرلمانيين، إلى التنازل عما اعتبرها تعويضات تخص فترة العطالة البرلمانية التي عاشها مجلس النواب منذ انتخابه يوم السابع من أكتوبر 2016 وحتى موعد انتخاب رئيس المجلس النواب . حيث تمت المناداة عليهم بتاريخ 16 يناير 2017 في عجالة، لانتخاب رئيس المجلس، وبعدها باقي هياكله ولجانه الدائمة. وهي فترة دامت أزيد من ثلاثة أشهر، لم ينبض خلالها قلب البرلمان، ولو نبضة واحدة من أجل إنعاش روح الشعب الظمآن.... ونسي حزب الجرار، أن لكلمة (تنازل)، التي جاء بها بلاغه الصحفي، تعني أن تلك الأموال هي مستحقة للبرلمانيين. مما يعطي الانطباع إلى أنه على المغاربة أن يخرجوا للشارع من أجل التطبيل لبرلمانييه والتهليل بهم ولهم. وزاد بلاغ الحزب بأن (التعويضات الشهرية للسيدات والسادة النواب لا تكون مستحقة إلا ابتداء من تاريخ الشروع في أداء المهام البرلمانية التي انتخب لأجلها النواب من طرف الموطنات والمواطنين). وهنا كذلك يريد حزب الأثرياء أن يرسخ لدينا نحن المغاربة بأن ما يصرف للبرلمانيين من أموال هي مستحقة. علما أن الشعب المغربي ما فتي يطالب بتخفيض تلك الأموال التي يتعمد أحزابنا وصفها بالتعويضات.عوض تسميتها بالمسمى الحقيقي (الأجور والرواتب الشهرية السمينة ) ... قد نصفق لحزب (البام) إذا ما اعترف رواده أن تلك الأموال التي تصرف للبرلمانيين بالغرفتين الأولى(مجلس النواب) والثانية (مجلس المستشارين)، هي أموال غير مستحقة، باعتبار أنهم متطوعين في العمل السياسي ليس إلا... تطوعوا للنضال السياسي بانخراطهم في الأحزاب السياسية.. وتطوعوا للترشح من أجل النضال داخل قبة (السلطة التشريعية). كما أن قيمة تلك الأموال الشهرية السخية ، والتي تمكنهم بعد انتهاء ولايتهم من تقاعد مريح. لا يمكن وصفها أو اعتبارها مجرد تعويضات عن الأعباء التي يدعي هؤلاء أنهم يقومون بها، ولو أن معظمهم متخصصون في (النوم والاسترخاء)، واستعمال (المنصب) من أجل تقوية نفوذهم وقضاء مصالحهم الشخصية ومصالح الموالين لهم. . بل إنها أجور ورواتب غير مستحقة وغير قانونية تصرف لهم.. فلا هم موظفين ولا عمال أو مستخدمين في القطاع العام أو الخاص، حتى يتلقون أجورا شهريا وتقاعدا بعد نهاية الخدمة.. بل هم متطوعون مثلهم مثل باقي المتطوعين داخل الجمعيات والأندية و المراكز ... على حزب الأصالة والمعاصرة الذي قرر (التنازل) عن أجور برلمانييه الخاصة بالشهور التي كانوا فيها برلمانيين أشباح، أن يطلعنا كيف سيتم التنازل على تلك الأجور التي دخلت حسابات البنكية لبرلمانييه. وبناء على أية مسطرة قانونية ستسترجعها الدولة. أم أنه سيتم تجميعها لتضخ في المجهول. وعليه أن يبين لنا كيف أن فريقه البرلماني لم يأخذ المبادرة عند أول جلسة برلمانية لنواب الأمة، التي ترأسها شيخ البرلمانيين والاتحاديين عبد الواحد الراضي. من أجل طلب (نقطة نظام) واقتراح مبادرة الحزب على كل نواب الأمة. عوض الاكتفاء ب(دعوة) برلمانييه للانخراط فيها.. حزب الجرار.. هو حزب الأثرياء وكبار رجال ونساء المال والأعمال بالمغرب.. لا يجد صعوبة في جمع الأموال من مناضليه سواء المعلنين، أو من هم وراء الستار ، والمستعدون للدعم والاكتتاب و(باغيين غير التيقار).. آخر شيء يفكر فيه هذا الحزب هو المال والجاه.. ما ينقصه هو النفوذ الشامل، وفسح المجال الواسع لجراره، من أجل حرث ودك خصومه السياسيين، في مقدمتهم ومؤخرتهم حزب العدالة والتنمية. بدليل أنه اختار الاصطفاف في خانة المعارضة، حتى قبل الإعداد وإجراء الانتخابات التشريعية لانتخاب نواب الأمة. فهو يدرك جيدا الخريطة السياسية، لأنه أحد مهندسيها. وكان يعلم مسبقا أن حزب المصباح، سيتصدر نتائج الانتخابات التشريعية. وأن رئاسة الحكومة ستعود لأمينه العام عبد الإله بنكيران. الحزب الذي لا يمكن التحالف معه. مادام زعيمي الحزبين (بنيكران وإلياس العماري)، أصبح مجرد الجمع بينهما. كمن يصب الزيت على النار... حزب (البام) الذي صام عن الجدل الدائر بخصوص التشكيل الحكومي... (أفطر) على هذه المبادرة الناقصة، والتي سينشغل رواده في كيفية أجرأتها... وسينتهي بهم المطاف إلى تجميع تلك الأموال، وصرفها في أعمال خيرية. وتمر مرور الكرام دون اعتبار أو أهمية.. حزب (البام) الذي كان العمود الفقري في عملية انتخاب الاتحادي لحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب، في انتخابات هزلية عرفت انسحاب حزب الاستقلال وتصويت الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) بأوراق بيضاء...يسعى إلى فرض معارضة ليس للحكومة العالقة. وإنما لحزب العدالة والتنمية. بدليل أنه لا يمانع في دعم أحزاب تطلب ود رئيس الحكومة من أجل أن يفتح لها باب المشاركة في الاستوزار.. وبدليل أنه كان من بين المدعمين لحزب الاتحاد الاشتراكي من أجل الفوز بمقعد رئاسة مجلس النواب. وهو يعلم أن لسان حال الكاتب الأول للحزب الاتحادي إدريس لشكر. يردد سيمفونية ( أريد أن أصبح وزيرا)...وبدليل أن أنياب حزب الجرار التي كشرها لحظة انتخاب رئيس المجلس النواب، عاد ليدسها في فمه، ويخرج بدل منها لسانه، ليشارك باقي الأحزاب في لعق ما تبقى من مناصب داخل هيكلة المجلس ولجانه الدائمة. وطبعا لم يبد أي عنف أو شراسة أمام خصمه وغريمه حزب العدالة والتنمية، الذي ورغم تصويته بالأبيض على المرشح الوحيد لرئاسة المجلس لحبيب المالكي. فقد تمكن من حصد سبعة مناصب مهمة داخل مجلس النواب. واحتل المركز الأول من حيث عدد المناصب، متفوقا على كل الأحزاب بما فيها حزب الجرار.