تعيش البلاد من أقصاها إلى أقصاها حالة حزن وغضب وغليان كبير بعد الحادث الأليم المؤلم ، و الحادث الفاجع المفجع الذي طحنت فيه شاحنة الأزبال المواطن المغربي، محسن فكري، بمدينة الحسيمة في الواقعة المؤسفة التي أضحت قصتها معروفة وعلى كل لسان. لاشك أن قتل الشاب محسن فكري، بطريقة بشعة متوحشة، عن سبق إصرار وترصد، بعد رفضه للحكرة وتشبته بمورد رزقه، يعد جريمة فظيعة مكتملة الأركان. وتستوجب تقديم الجناة الحقيقيين إلى العدالة لنيل العقوبة التي يستحقونها بعد إجراء محاكمة عادلة. كما أن هذا الفعل الإجرامي يستوجب كل الشجب و الإدانة و الإستنكار، ويتطلب كل التضامن والمؤازرة مع أفراد أسرته وأصدقاءه... فالمصاب جلل والجُرم فظيع. وباستقراء المظاهرات الجماهيرية الحاشدة التي جابت شوارع أغلب المدن المغربية اليوم، ومن بينها العاصمة الرباط، ومن خلال تتبع جميع الأخبار والفيديوهات و المباشر على عدة صفحات فيسبوكية على مدار الساعة، أود إبداء ملاحظات ورسائل سريعة أوجزها كما يلي: أولا: محسن فكري، رحمه الله، أولا وأخيرا شهيد الكرامة والعدالة الإجتماعية وليس شيئا آخر. فقضيته اجتماعية حقوقية ولا تحتمل الإستغلال السياسوي. ثانيا: استنكارنا وشجبنا لجريمة القتل هو تعبير عن تضامن إنساني مع مواطن مغربي، بغض النظر عن منطقته ولغته ودينه، ضد السلط والقهر والحكرة من أجل تغيير تلك السلوكات واحترام كرامة و آدمية أي مواطن مغربي. ثالثا: رفع أعلام "جمهورية الريف" الوهمية المزعومة، وشعارات عرقية و أخرى مسيئة للنظام الملكي، سلوك خطير و تحريف مُضل للقضية، وزرع لبذور فتنة يريدها بعض المتاجرين بالقضايا العادلة أن تحرق الوطن بأكمله. باختصار: صحيح أن حادثة طحن الشهيد محسن فكري مؤسفة ومحزنة ولا يمكن إلا أن نحزن ونغضب جراءها، وصحيح أيضا أن الملك، شخصيا، أمر بفتح تحقيق في الأمر وتقديم الجناة للعدالة. ويبقى، في كل الحالات، الإحتجاج والتظاهر حق مشروع مادام بشكل سلمي حضاري. هناك العديد من الأطراف لا يهمها محسن ولا غيره، وتستغل الحادث الأليم لإشعال البلد وزرع فتنة مدمرة. لذلك يجب التحلي بأعلى درجات الحيطة واليقظة وخلق الحكمة والرزانة. نعم نطالب بوقف التعسف والحكرة... نعم نطالب بالحقوق والكرامة والعدالة الإجتماعية دون أن نفرط في وحدة واستقرار البلد. الجوار العربي المحترق يعطينا الكثير من الدروس. لنحافظ على المغرب وطنا شامخا يتسع للجميع...