أسدل الستار عن مهرجان " حماية اليبئة و الحفاظ على سلامة المناخ".. فلا بيئة محمية و لا مناخا سليما. انتهت خمسة أيام بالتمام والكمال من " الباكور" و " المشماش" و " الشهب الإصطناعية" و " هز البوط" و " النشاط حتى شاط" و " إعلان حالة الطوارئ" و تدشين " أكبر نافورة في إفريقيا" .. انتهى التجميل و التزويق و التشويق و " التعييق" و " التحميق" و " التزعيق" و " التنهيق" و " التشهيق" و " التخربيق" و " التسويق"... انتهى مهرجان " فنون الأطلس" بلا فن و بلا أطلس. و الأطلس، في اللغة، يعني الخريطة. فلا فن راقي يحترم الذوق السليم وينمي الحس الثقافي الوطني و يعزز الإنتماء للهوية المغربية الأصيلة.. ولا خريطة طريق وُضعت لإخراج إقليم يعاني كل صنوف و أشكال الفقر والبؤس والحرمان... اتنهى الهزل و جاء وقت الجد.. انتهى مفعول " المخدرات والمنشطات" و دقت ساعة الحقيقة المرة. كثيرة هي المنابر الإعلامية و الأقلام المأجورة التي " طبلت" للحدث الإستثنائي الغير المسبوق في تاريخ إقليمأزيلال الطويل المديد. و المميز لمهرجان هذه الدورة هو الحضور الوازن ل" خدام الدولة" حيث حضر حضرة والي الجهة المحترم جدا و حضرة عامل الإقليم المحترم جدا و حضرة رئيس الجهة المحترم جدا.. و حضرت " قشلة" من الإعلاميين المحترمين جدا واضعين " بادجا" رسميا على صدورهم بمثابة " نياشين دار المخزن" مكلفين بمهمة " تزويق" و " تسويق" مهرجان لهدر الملايين و " إلهاء" أيت أزيلال عن مشاكلهم وهمومهم وقضاياهم الحقيقية والمصيرية. لسنا، من حيث المبدأ، ضد تنظيم مهرجان فني أو ثقافي ، بل العكس تماما فالفن والثقافة و الإبداع من صميم اهتماماتنا و هي من مقومات المجتمع الراقي المنفتح الحديث، وانتقادنا لتنظيم هذا المهرجان ورفضنا له، بالطريقة التي تم بها نابع من الإعتبارات التالية: أولا: ساكنة إقليم لها حاجيات أساسية و ضرورية وملحة يرتبط بها وجودهم ومعيشهم اليومي كتوفير الماء الصالح للشرب و التطبيب و الطرق المعبدة و المدارس اللائقة وغيرها. فليس من المنطق ولا من العدل ولا من السياسة أن نترك دواويرا بأكملها تموت عطشا و ننظم مهرجانا يكلفنا الملايين.. وليس من المعقول أن تلد النساء على قارعة الطرق و بين فجاج الوديان.. و نشتري ألعابا نارية مكلفة جدا.. ليس منصفا أن تعاني الاف الأسر الفقر والهشاشة والحرمان و ندعوها لحضور حفلات الرقص والغناء... ثانيا: استغفال و استبلاد و " استحمار" مواطني ومواطنات أزيلال بتنظيم مهرجان " فني" تحت شعار غليظ كبير مثير : " تكريس حماية البيئة و الحفاظ على سلامة المناخ".. كأن أزيلال مدينة اسنكندنافية تعطي الدروس في " القضايا العالمية" من قبيل البيئة والمناخ. ترى من المسؤول عن مطرح النقايات في طريق أيت محمد، مثلا؟ ثم هل حاربنا الفقر والجوع والحرمان والحكرة و هلم جرا من المصائب التي يعاني منها أبناء وبنات إقليمأزيلال حتى نرفع شعارات " للإستهلاك"؟ ماذا يعرف أيت أزيلال عن مشاكل البيئة والمناخ؟ و ما نسبة مساهمتهم في " ثقب الأزون"؟ لماذا تحوير النقاش وتزييف الإحتياجات و عشق الثانويات عوض الأساسيات؟ ثالثا: " الإنزال" القوي و الوازن للمسؤولين الكبار دفعة واحدة. لا أعلم، والله أعلم، لحد الآن أن تدشينا أو افتتاحا لمشروع يهم المواطنين بإقليمأزيلال، ولا أتحدث عن التدشينات الملكية فهذا أمر مختلف، حضره والي الجهة ورئيس الجهة وعامل الإقليم طبعا ورئيسة البلدية و " شخصيات سامية مدنية وعسكرية" .. إلا هذا المهرجان. مما يعطي الإنطباع أن أولوية الأولويات لدى " خدام الدولة" هولاء ليس توفير الشغل أو الماء الصالح للشرب أو بناء الطرق والقناطر والمدارس والمستشفيات... و إنما " الرقص" على جراحات الثكالى و الأيتام و الأرامل و الفئة العريضة من المعوزين و المهمشين والمنفيين. لماذا يا ترى لا تجتمع كل تلك السلطات في " مهرجان إنساني حقيقي" و تعلن حالة الطوارئ في الإقليم وتعبأ كل الموارد والإمكانيات و تبحث عن التمويلات و المساهمات و تضع خارطة حقيقية للخروج بالإقليم من حالة الهشاشة و التهميش والفقر و العزلة و الأمية ... التي يعاني منها منذ أمد بعيد؟ لماذا لم تخصص السلطات المنظمة للمهرجان، على الأقل كلفة الألعاب النارية لشراء الدواء وإنقاذ حياة مرضى كثر تنهش الأمراض المزمنة أجسادهم كما ينهش مسؤوليهم ميزانيات جماعاتهم؟ ختاما نقول أن الوضع الإجتماعي والإقتصادي بإقليمأزيلال كارثي.. نتحدث عن الدواوير المداشر في أعالي الجبال و في الكهوف. و استفزاز مشاعر المقهورين بمهرجانات التفاهة يؤدي إلى مزيد من اليأس و الإحباط و لا تظنوا أن ترنح الشباب العاطل في المهرجانات إنما هو طرب.. فمفعول " المنشطات" قصير الأمد.. ولا يبقى إلا الصحيح.. و كل مهرجان و أنتم ترقصون و دمتم " خدام الدولة" و " خدام الشعب" أيضا.. خرجتوا على الدولة وعلى الوطن والمواطن.. الله ياخذ فيكم الحق...