حين يفقد الحجاب حمولته الإسلاموية التي يبتغيها بعض تجار الدين والملة فهذا يعني أن ارتداءه غير نابع من قناعة شخصية بقدر ما هو إجبار بدعوى احترام مبادئ المجتمع وإرضاء الأسرة. لكن تجربتنا كمواطنين عاديين أرتنا أن بعض المرتديات للحجاب لسن أصلا بمحتجبات، يفعلنا ذلك لغاية في نفس يعقوب ... تخرج من المنزل واضعة هذه القطعة من القماش فوق رأسها، وما أن تركب السيارة حتى تزيلها و تلج الحانة لتحتسي كأس من الخمر أو تدخل شقة مفروشة أو تقصد غابة في أرض خلاء... إنها حقيقة ولا نتهم الكل، فهناك فتيات شريفات منهن من يضع قطعة قماش لأسباب متعددة ،وليست بالضرورة دينية، ومنهن الحداثيات بفكرهن... والأكيد أن اللباس ليس بأًنمُودج للتمييز بين الأفراد. الكثير من الناس اليوم واعون أكثر من أي وقت مضى بأن وضع الحجاب وحتى النقاب لا يعكس بالضرورة حقيقة الفرد؟!...لأن هذا الأخير كائن معقد في بناءه السيكولوجي والأخلاقي ومعرفتنا له تستوجب التغاضي عن ما هو ظاهري كاللباس... فكم من فتاة وامرأة يعرفها القراء الأعزاء لا ترتدي الحجاب ورغم ذلك نراها تتمتع بصمعة طيبة وأخلاق عالية. وكم من امرأة متحجبة ومنقبة ضبطت وهي تمارس السرقة في محلات المجوهرات ومنهن من ضبطت وهي تمارس الرذيلة والفاحشة ولنا من الأخبار في الصحف ما يكفي لإثبات صحة المعلومة. بهذا نصبح أمام تيارين متجادلين ومتجاذبين الأول يجبرنا على القيام بأشياء: كالمجتمع والأسرة والمحيط" والثاني النابع من قناعة شخصية والذي نجده غائبا بسبب سلطة المجتمع على الفرد المقهور. كل هذه الأسباب تنتج لنا أفراد مزدوجي الشخصية والخطاب. لهذا نجد فتيات ونساء يستعملنا هذه الوسائل من حجاب ونقاب من أجل أن يبعدنا عنهن الشبهة والنظرات ليتفرغن أكثر لأفعالهن الشيطانية؟!! إذن المطلوب ألا نضع أنفسنا في مثابة تلك النعامة التي تحشر أنفها في الرمال تاركتا طرفها الخلفي لكل من هب ودب ليفتينا في الحجاب ومدى مشروعيته. فإذا أردت أن يطول النّقاش مع هؤلاء ويزداد عندهم التشويق ما عليك إلا إثارة موضوع المرأة وما يدور حولها من عري وجنس...وكأن المرأة وُجدت في هذا الكوكب عن طريق الخطأ! هذه الشروط المجحفة التي يضعونها أمام المرأة ما هي إلا نتيجة ثقافة بدوية موروثة عن عقليات صدئة. إذا كان شعر المرأة وجمالها يثير الرجل...نتساءل إذا كان شعر وجسد الرجل يثير شهوة النساء ووجب على الرّجل وضع غطاء على رأسه؟ فكم من سلفي في الشارع بلباس أفغاني وركبتين عاريتين... المرجو عدم الخلط بين شيئين مختلفين: الجمال و الإغراء، وبين الفن و الجنس ... شعر المراة جميل فقط و ليس مثيرا، من يرى في الجمال إثارة فهو مريض ومهووس بالجنس. المرأة بدورها كائن بشري ينتج ويشارك إلى جانب الرجل في كل مناحي الحياة. لهذا يتوجب علينا التحرر من عقدة ربط المرأة بالجسد. لماذا يعزى غياب التحرش الجنسي في الغرب، رغم اللباس العاري؟ الإجابة هي أن هؤلاء يقدرون المرأة ويرونها ككائن بشري وليس كقطعة لحم صالحة للاستهلاك. ما كان موضوع الحجاب سيثير الكثير من القيل والقال لولا تحررنا من مرض الاهتمام بالمظهر و التظاهر بالتدين.. انظروا الى من يسمون انفسهم اسلاميون اليوم، إنهم يركزون كل التركيز في خطابتهم الجوفاء على المظهر الخارجي للمسلم و صورته فقط...فتجد جيوشا من المتأسلمين تنتفض و تزحف في الشوارع صارخة . لكن نادرا ما نجد "داعية" يدعوا إلى دراسة العلوم و قراءة الكتب العلمية و إلى احترام القيم الإنسانية الكونية وإحترام البشر مهما كانت ألوانهم وأديانهم... لقد تركوا القيم و تشبثوا بالمظاهر وتركوا الإنسان وتشبثوا بصورته، وتركوا المرأة و تشبثوا بجسدها ... ذ. خالد ملوك [email protected]