في هذا المقال أقتبس مفهوم "الخلخلة" من الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا الذي وظفه للدلالة على عملية التفكيك التي مارسها على الفكر الغربي عامة وعلى الميتافيزيقا الغربية بصفة خاصة.وهذا الاقتباس ليس من قبيل الصدفة ،لكنه يجسد الحالة التي يعيشها المشهد الإعلامي المغربي بشكل عام ودار الإذاعة الوطنية "دار البريهي" بصفة خاصة. والخلخلة في دلالتها اللغوية والفلسفية تشير إلى إبراز تناقضات الشيء وتفجيرها من الداخل حتى يتفكك من تلقاء ذاته، إذ أن كل شيء في نظر دريدا يحمل عوامل التفكك في ذاته وفي جوا نيته.ويظل الإنسان ذلك الفاعل التاريخي الذي يمكنه استعمال أدوات التفكيك والخلخلة. والفاعل التاريخي الذي فجر تناقضات دار البريهي وجه إعلامي مغربي محترم يشهد له الجميع بالصدق والوطنية،وهو أيضا عقل منفتح وطاقة شابة تحركها رغبة في التحرر من أغلال العقليات البائدة ودهنيات المخزن القديمة المعششة في هذا البناء التاريخي بالرباط الذي يصدر منه الصوت والكلام لتلتقطه آذان المغاربة في كل مكان، إنها الصحافية المغربية "حورية بوطيب" التي تفاعل الجمهور المغربي مع قضيتها التي هي قضية المغاربة جميعا إذ تجسد امتحان الحرية والتغيير في بلادنا. إن هذا الحدث يعتبر رمزا واختبارا آخر لحكومة عبد الإله بن كيران باعتبار إن السيد الخلفي هو المسؤول عن القطاع وان قضيتها هي قضية حرية تعبير، ومن ثمة فان أي تعامل مع "بوطيب" بما يشبه الطرد من العمل سيشكل ضربة أخرى وخلخلة في الجانب الآخر:أي في سمعة العدالة والتنمية التي تقود حكومة "التغيير". وقد لاحظنا مؤخرا دينامية غير مسبوقة في حركية المجتمع المغربي، إذ بدأ الجميع يتكلم ويعبر (اقصد بعض الفئات الاجتماعية:الإعلاميون القضاة ،العسكريون المتقاعدون،العاملون بالتعليم الخاص....) وهي فئات لم تستطع الكلام في الفترات السابقة ولا أن تؤسس إطارات نقابية أو جمعوية لتنظيم نضالها ومناقشة مشاكلها والدفاع عن مطالبها.لكن هل من السهل أن يتقبل من كان يحضى الامتيازات التنازل عنها؟