أتعمد الحركة دون أن أخترق حاجز الصمت والسكون ،يستقر حالي ولو مؤقتا على طاولة خشبية ،تحضرني رغبة السفر بعيد ا ...،أتلمس وبتحفظ قلنسوتي السوداءالمثبتة عن قرب علها تجود بعود ثقاب على الفضاء المعتم. ..،أفلح أخيرا في إثارة فضول حشرات ليلية ...سأستقل وكعادتي وسيلتي البخسة باحثا بين الكلمات عن موطن،عن أصل،انطلقت فعلا ،ولن أجزم بحتمية الوصول...لن أجزم بشئ،يثير نور الشمعة غيظي وغضبي ،أخصها بألفاظ قدحية ،تحادثني هي الأخرى،أرجح أنها تعتصر ألما وحزنا ،أحملق في نورها لأنساب الى عوالمها المبهمة ،أستفهمها ،فتجيبني بلغة لا أفقه جزئياتها ،أحاول فك رموزها لأدرك آجلا أنها تستعطفني ،انها ترفض الموت وتعشق الحياة ،دون أن تدرك أن في حياتها موت ،انها لا تعي ذلك ،أحتار من أمرها ،ينصرف عنها بصري صوب منبهي المعقوف،الذي سئم مهنة العد،فأضحى يتوقف، يتوقف أحيانا دون سابق انذار وفي غفلة عن بني نوعه من المنبهات ،لطالما أخبرني عن ملله وكلله ،لكن كنت دائم الإصرار والإلحاح عليه بأن يستمر في العد وكغيره ، يستمر منكرا هازءا،بطيئا كالسلحفاة ،تعانق عقاربه الواحدة تلوى الأخرى منهكة القوى منتصف الليل عناقا حرا ،عناق الأحبة بعد البين ،يخفت نور الشمعة بدوره في اتساق ،وكأنه يحاول إضفاء رومانسيه خاصة على الموقف،تتجه يدي بدورها بحركة معتادة الى مذياعي الذي تآكلت أجزاءه عن آخرها ،أقض مضجع حشرات أخرى تتخده ملجأ ومأوى يقيها من لسعات البرد السامة ،تلفظ شمعتي أنفاسها الأخيرة ، ستموت،أسارع الزمن في حركات استعدادية للإسترخاء ،تموت شمعي دون أن أجد موطنا بين الكلمات ... عبد الحليم قاسم الداوديات في:24 يونيو 2011م