ظلت جهة تادلة- أزيلال على مدار نصف قرن من الاستقلال عنوانا للتهميش والإقصاء على جميع الأصعدة، في تكريس من صناع القرار للأطروحة الاستعمارية القائمة على التمييز بين المغرب النافع والمغرب الغير النافع أو بالأحرى، المغرب النافع والمغرب الذي ينتفع منه، باعتبار الجهة تزخر بإمكانيات طبيعية وبشرية و اقتصادية، لو أتيح لها حسن التدبير والاستغلال، لغدت في عداد الأقطاب التنموية الكبرى بالبلاد. فالجهة تتوفر – كما هو معلوم – على مؤهلات طبيعية : جبال وموارد مائية هائلة، ومؤهلات اقتصادية : صناعات غذائية وموارد معدنية، مناطق مروية وإنتاج زراعي متنوع، ثم مؤهلات سياحية غنية عن الذكر بالتفصيل، دون إغفال دينامية العنصر البشري. كلها عوامل تؤهل المنطقة لتلعب دورا طلائعيا في جلب الاستثمار وتحقيق النماء الاقتصادي وتثبيت الأمن الاجتماعي. وفي هذا السياق، وللنهوض بالتنمية في الجهة، أبرم تعاقد بين الجهة والحكومة المركزية، اعتبر الأول من نوعه في المغرب من خلال وضع مخطط إنمائي ضخم بغلاف مالي ناهز 1021 مليار و700 مليون سنتيم، هدفه خلق دينامية اقتصادية بالجهة تقوم على إستراتيجية تنموية متعددة المحاور، لو يكتب لها التحقق، ستنعكس حتما بشكل إيجابي ملحوظ على ساكنة المنطقة وخاصة سكان إقليم أزيلال النائي، خصوصا وأن هذه الإستراتيجية التنموية تروم تقوية الجاذبية السياحية وتطوير منتوجات الصناعة التقليدية، والاهتمام بالتنمية البيئية والعناية بالتراث الثقافي والمعماري بالإضافة إلى تطوير البنى التحتية وتصحيح الكثير من الاختلالات المجالية... أكيد أنه مشروع ضخم ذو أهداف مهمة. لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام هو: هل هناك ضمانات من الجهات المعنية لبلورة هذا المشروع التنموي المندمج على أرض الواقع؟؟ فبعد أن كشفت السيدة بورقية، المفتشة بمديرية الإسكان ببني ملال عن هذا المخطط الإنمائي الضخم في وقت سابق، تفاءل الشارع الأزيلالي كثيرا بهذا المشروع، لكنه تفاؤل حذر يشوبه توجس وتخوف مشروع،، بالنظر إلى حجم الإحباطات السابقة وخيبات الأمل الكبيرة في عدة مشاريع تنموية ضخمة لم يكتب لها أن ترى النور،وظلت حبيسة رفوف المكاتب : • مشروع عويطة لاستحداث أكبر مركز للتربصات وتكوين العدائين • مشروع الطريق الرابط بين دمنات وورزازات الذي من شأنه فك العزلة عن القرى والدواوير الجبلية منذ سنوات خلت. • مشروع خلق محطة للتزحلق في إطار المشروع التنموي المتكامل المنبثق عن مركز التكوين في المهن الجبلية بآيت بوكماز. • محليا: خلق بنية تحتية قوية بمركز بلدية أزيلال كانت سترى النور منذ حوالي عقدين من الزمن، ثم مشروع المركب الحرفي (الخرافي) الذي لازال سكان أزيلال ينتظرون بشأنه فتح تحقيق من طرف المجلس الجهوي للحسابات، واللائحة طويلة للأسف.... لذا فالمواطن الأزيلالي يتخوف من أن تعرف المشاريع المسطرة في التعاقد المذكور بين الجهة والحكومة، (على سبيل المثال : شق نفق جبلي إلى مدينة ورزازات عبر آيت بوكماز + تثمين التراث السياحي الجبلي بتهيئة العديد من المواقع السياحية)، نفس المصير. أعتقد أنه لاحتواء هذا القلق والتخوف، والإسراع بتفعيل هذا البرنامج التنموي، ووضع أسس التنمية المندمجة بالمنطقة، لابد من مراعاة الاعتبارات التالية : 1- ضرورة إشراك جميع مناطق الجهة في المشروع التنموي المندمج (أزيلال – بني ملال – الفقيه بنصالح – المناطق الجبلية والمناطق السهلية). 2- خلق آليات جديدة للتواصل والحوار، تتيح إمكانية إشراك المواطنين في العملية التنموية. 3- خلق لجنة مشتركة مختلطة تضم مسؤولي الإدارة المركزية وممثلي مجلس الجهة وفعاليات المجتمع المدني (جمعيات تنموية، منظمات حقوقية وصحافة محلية) هدفها تتبع مسار إنجاز هذا المشروع التنموي الضخم. فبدون إنجاز مثل هذه الشراكات، ووضع ضمانات موازية لاحترام بنود هذا التعاقد،سيتواصل مسلسل التخوف والترقب من لدن الساكنة المحلية، إذاك، لن يجادل أحد في أهمية دور الصحافة المحلية في كشف النقاب عن معيقات الإنجاز أيا كانت أسبابها. ولابد من الإشارة أيضا إلى ضرورة قيام ممثلي المواطن الأزيلالي في المجلسين الإقليمي والجهوي بمسؤوليتهم التاريخية في هذا الصدد، والمتمثلة في الدود عن مصالح الإقليم بكل حزم وصرامة. فإن كان طالب العلم وطالب المال، إثنان لا يشبعان – كما جاء في الحديث – فإن المسؤول عن مصالح المواطن – في نظري – يجب أن يستحضر دوما إثنين لا يرحمان : الوقت والتاريخ. فقد تستطيع أن تكذب على كل الناس بعض الوقت، وتكذب على بعض الناس كل الوقت، ولكنك لن تستطيع أن تكذب على كل الناس كل الوقت.