لم تكن ليلة يوم الخميس 29 من نوفمبر من عام 1979 رقما عابرا فى تاريخ مدينة دمنات. وفى ذاكرة من عايشوها من سكان المدينة.ففي تلك الليلة الليلاء انتشر رجال السلطة المحلية و الدرك الملكي مع أعوانهم من مقدمين وشيوخ ومتعاونين وسط المدينة لتنفيذ مهمة صدرت أوامر تنفيذها من القيادات العليا و اخذ كل فرد من أفراد السلطة مكانه بين الازقة المؤدية الى مسجد حي الصناع وعند مداخل الاحياء المجاورة وفق خطة مرسومة. وانطلقت سيارات السلطة من نوع رونو4 ورونو12 وعربات لاندروفر فى دوريات تجوب شارع دمنات الرئيسي وتضيئ ظلام الليل الحالك بأناراتها الساطعة بعض اعوان السلطة اندسوا بين جنبات الحيطان وخلف الزوايا المظلمة يتربصون ... وغير بعيد عنهم قائد المركز المستقل والقائد الممتاز وقائد الدرك فى حديث ثلاثى ينتظرون انقضاء الهزيع الاول من تلك الليلة. وما ان اقترب وقت رفع اذان الفجر الاول او التهليلة الأولى حتى خرج المؤذن من منزله متوجها كعادته نحو مسجد حي الصناع وبمجرد ابتعاده عن منزله اعترض سبيله رجلا سلطة واقتادوه بقوة نحو احدى سيارات لاندروفر. ومع تقاطر المصلين الملتحين نحو مسجد حي الصناع من كل اتجاهات المدينة شرع رجال السلطة والدرك فى اعتقالهم الواحد تلو الاخر ولم يكد ينزل غسق الصباح و يتبين المرء الخيط الابيض من الخيط الاسود حتى قضي الامر ورفعت الاقلام وجفت الصحف وتم تفويج المعتقلين نحو الحي الاداري او البيرو واغلق مسجد حي الصناع.... ومع بدايات الصباح دب القلق فى قلوب ذوي المعتقلين ووضعت الأمهات اياديهن على قلوبهن خوفا من حدوث مكروه لأزواجهن.لكن الخبر اليقين انتشر انتشار النار فى الهشيم .لقد تم اعتقال ((صحاب اللحية)) لأسباب مجهولة وأن أمرهم بيد المخزن.وانطلق البكاء والعويل فى منازل بعض المعتقلين خصوصا الذين تعرضوا للصدمة جراء خبر الاعتقال وفى وقت كان المغرب يعيش اجواء الاختطاف السياسي وبدأت الاشاعات تتشكل على السن الناس فهذا يؤكد بيقينية بأن رجال السلطة ضبطوا المعتقلين وهم يصلون لاتجاه عكس القبلة وذاك يشرح لاصحابه باسهاب كيفية حصول المعتقلين على رواتب شهرية مقابل اعفائهم قص اللحية.وقد سمعت فى ظهيرة ذلك اليوم وأنا أمر من وسط مارشي الخضر أحد الظرفاء وهو يجزم ان اسماء المعتقلين صدرت بالجريدة الرسمية وان اعتقالهم تم عن معرفة بالجرم المشهود ومن المشاهد المضحكة التى اثارت الانتباه ان بعض المواطنين ممن ابقوا على لحاهم سارعوا لابراء ذمتهم وتخلصوا من شعور لحاهم قبل مغادرة منازلهم.... وعن المصير الذي ينتظر المعتقلين الملتحين فقد سوقت الالسن اشاعات قاسية على ذوى المعتقلين فمنهم من قال بانه سيتم اعدامهم على الملأ ومنهم من قال باستحالة خروجهم من السجن ومنه من تطرق الى اساليب التعذيب الجهنمية التى تنتظرهم وهذه الاشاعات التي تناقلها الناس اصابت عائلا ت بعض المعتقلين فى مقتل خصوصا النسوة اللواتي تعرض بعضهن للأغماء والمرض. والمعتقلين جلهم من اصحاب دكاكين بيع المواذ الغذائية والاقمشة بالتقسيط اناس بسطاء اغلبهم لايفك الخط وقليل منهم من يحفض كتاب الله ...بعد اعتقالهم قامت اجهزة السلطة باستجوابهم والتقصي عن تاريخهم الشخصي وعندما تبين لها بياض سريرتهم وبراءتهم تم اطلاق سراحهم ليعانقوا اسرهم واولادهم... واذا وضعنا هذا الحادث في سياقه التاريخي سيتبين بأن السلطة بالمغرب قد تحركت بعد شعورها بالخوف من حدوث قلاقل بعد قيام ثورة الخميني بايران بداية عام 1979 واحداث الحرم المكي التي قام بها الحجاج الشيعة بداية فاتح شهر محرم سنة 1400 هجرية واعتقل فى تلك الاحداث بضعة مغاربة..... أبو كوثر المغاربي سوق أربعاء الغرب 25 شتنبر 2009