أصدرت أستاذة التاريخ الوسيط بكلية الآداب والفنون والإنسانيات (جامعة منوبة) نيللي سلامة العامري كتابا جديدا يحمل عنوان "التصوف بإفريقية في العصر الوسيط" وذلك لحساب دار كونتراست للنشر (Contraste éditions). وينقسم الكتاب الذي جاء في 320 صفحة من الحجم المتوسط إلى 22 فصلا بالإضافة إلى قسم خاص بالملحقات (مشجرات أنساب أشهر المتصوفة وخرائط ورسوم بيانية) وفهرس الأعلام والشعوب والقبائل. وكما تثبت المؤلفة في التوطئة فإن مادة كتاب "التصوف بإفريقية في العصر الوسيط" مستمدة من أطروحة دكتوراه في التاريخ تحمل عنوان "التصوف بإفريقية في العهد الحفصي (من القرن السابع هجري / 13 ميلادي إلى ق 9 ه / 15 م ) تمت مناقشتها في أبريل 1969 بجامعة تونس الأولى. وتقدم المؤلفة كتابها الجديد إلى "قراء العربية وإلى جمهور الباحثين المعتنين بالتصوف والذين طالما شدّهم الاهتمام لمعرفة جذور هذه الحركة في البلاد التونسية وأبرز رجالاتها وآداب الجلوس إليهم". ومنذ الفصل الأول تحاول المؤلفة أن تحصر إهتمام بحثها في مفهمومين مترادفين أساسيين هما "التصوف" و"الولاية" كتجربة روحية واجتماعية واحدة على أن لا تتطرق إلى الإستعملات الأخرى مثل "الصلاح" و"الفقر" و"الكرامة" لا سيما أن البحث يروم التأصيل أي الإثبات العلمي بمعنى Authentification و"التخلص من رواسب الإسقاطات التي وقع فيها عديد المستشرقين في تحليلهم للمجتمعات الإسلامية انطلاقا من مفهوم وممارسة يقومان على المركزية الأوروبية .Européocentrisme وتشير المؤلفة في كتابها إلى رسوخ أعلام التصوف في إفريقية في الذهنية العامة من مرحلة النشوء وحتى لدى المجتمعات الحديثة إضافة إلى تكرر أسمائهم في كتب التراجم والأنساب مثل كتاب "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" أو كتاب "طبقات الصوفية". ويستعرض الكتاب جانبا هاما مما تطلق عليه نللي العامري "سياحة الأفارقة شرقا وغربا أي كثرة ارتحال الأولياء والمتصوفة بين البلدان والأمصار لطلب العلم والتدريس أو قصد زيارة الكعبة وهو الجانب الآخر المخالف تماما لما عرف به المتصوفة من إحتجاب وإختلاء من التعبد والتهجد وقراءة القرآن وطلب الخشوع في الصلاة والذكر والأوراد. وتفصّل الباحثة أسباب تيار الهجرة من إفريقية إلى المغرب الأقصى أو الأندلس أو المشرق مثل ما جاء في كتاب مناقب عبد الوهاب المزوغي وهو من أصحاب الشاذلي الذي انتقل الى قرطبة وقرأ على أحد عشر شيخا بها. وتعد إفريقية قطب جذب لصوفية الغرب الاسلامي والمشرق خاصة خلال الفترة الموحدية ثم مع انتصاب الدولة الحفصية إذ شهدت وفادة العديد من النخب الصوفية الاندلسية والمغربية مثل حلول أبي مدين من بجاية وابو زكرياء يحي الزواري من قلعة بني حماد وابن عربي الحاتمي الطائي وابن سبعين وأبو الحسن الحرالي من الاندلس... وتخصص الباحثة حيزا هاما في كتابها لعرض الخريطة الصوفية لإفريقية في العهد الحفصي... وأفردت الباحثة أيضا عدة صفحات من كتابها للحديث عن جذور التصوف بإفريقية مثل مدرسة بغداد وأثر الحلاج اوابو زيد البسطامي الكبير في انتشار النظام الطرقي والولاية والعرفان والكرامة. يذكر أن لنللي سلامة العامري العديد من المؤلفات والمساهمات في تاريخ التصوف والولاية وفي أدب المناقب لاسيما إفريقية وبلاد المغرب في العصر الوسيط من ذلك إصدارها لكتاب "الولاية والمجتمع، مساهمة في التاريخ الديني والاجتماعي لافريقية في العهد الحفصي الحائز على جائزة زبيدة بشير للدراسات العلمية باللغة العربية (الكريديف). أخبار تونس