اخُتتمت بمدينة مراكش أمس الخميس فعاليات الأسبوع السابع للجودة الذي نظم هذه السنة على مدى ثلاثة أيام تحت شعار الجودة استراتيجية وأهداف واضحة. وتميزت التظاهرة التي تنظمها سنويا وزارة الصناعة والتجارة بتعاون مع شركائها بإلقاء عروض متنوعة تتعلق أساسا بالجودة داخل المقاولة المغربية، والجودة داخل وزارة الصحة، وإرساء نظام الجودة في المؤسسات، هذه العروض احتضنها كل من مقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات وكلية العلوم السملالية. ويعتبر العمل بنظام الجودة بالمغرب عملا حديثا إذا ما قورن بدول أخرى كفرنسا مثلا، بحيث إن هذه الأخيرة تتوفر على 25000 مقاولة حاصلة على شهادة عالمية للجودة، في حين لا يتعدى الرقم في المغرب210 مقاولة! وفي حديث صريح ل التجديد أكد رشيد شوقي الخبير في مجال نظام الجودة على أن عددا من المقاولات المغربية تخضع لهذا النظام تحت ضغوط خارجية لنيل الشهادة في العام الأول من أجل الدعاية، بدل الاقتناع التام به كوسيلة والتزام بنظام مبني على أسس وقواعد متينة من أجل تحسين المردودية، وأضاف أن هذا النظام -أي نظام الجودة- لا يعني كما يتبادر إلى ذهن العديدين جودة المنتوج فقط، بل يتعدى ذلك إلى أشياء أخرى تأتي في المقام الأول، وهي قواعد أساسية تسهل عملية التسيير الإداري وتزيد بالمقاولة إلى الأمام بالزيادة في الأرباح والحد من المصاريف الجانبية، وتؤدي مكاتب الإرشاد والتكوين أدوارا مهمة في هذه العملية، لكن العديد من المقاولات ما تزال غير قادرة على تجاوز عقلية الجمود. ويرى المهندس شوقي أن أسس نظام الجودة يمكن أن يتجسد في تكوين العمال تكوينا مناسبا، وإرضاء الزبون، ويشير إلى أربع عمليات يتلخص فيها نظام الجودة في مجال التسيير هي: تدوين ما يُفعل، وفعل ما يُدون والتأكد من جودة ما العمل، وترك بيانات وحجج، واعتبر أن ثقافتنا الإسلامية مليئة بالمصطلحات العلمية التي تدفع في اتجاه نظام الجودة. وأهم المشاكل التي تقع في الشركات حسب السيد رشيد شوقي هي غياب التواصل بين جميع العاملين واستدل على ذلك بحالة عمال إحدى المقاولات أخرجوا آلة للعمل بها في إحدى ورشات العمل إلى مدينة أخرى، لكن اكتشفوا بعد ذلك أن خللا بها فأرجعوها للمصنع لإصلاحها، ويرى الخبير أن التواصل لم يحصل داخل المجموعة باعتباره ركيزة أساسية في إرساء نظام الجودة. وبصفة عامة يِؤكد الخبراء على أن تحديد المسؤوليات بدقة يمكن أن يجنب الشركات ما تتكبده من الخسائر في الوقت والجهد والمال، وبالتالي فإن إرساء نظام الجودة بالمراقبة والتحكم في صيرورة العمل يجعل من هذا العمل شيئا ذو منفعة، وهناك أمثلة أخرى كثيرة كشفت الأرقام أن 20% من رقم معاملات الشركات التي لا تستعمل هذا النظام يذهب فيما يسمى عدم الجودة أو La non qualité. أما بخصوص شركات الإرشاد والتكوين لاحظ الخبير أن المقاولات المغربية تشغل عددا من العمال تضرب الأمية فيهم أرقاما قياسية، لذلك يقول أن لجوء الشركات المغربية لشركات دولية كبرى كان ضروريا من أجل إرساء نظام للجودة، لكن ثمة مرشدين أجانب يفتقدون لقراءة واقعية للعقلية المقاولاتية المغربية أو لواقع الشركات المغربية بطابعها التقليدي العائلي، وغالبا ما يسعون لتطبيق بعض المفاهيم، واعتبر أن وجود مغاربة إلى جانب هؤلاء الأجانب سيعطي ثقة أكثر عمال الشركات، لكون أهم ما يميز المرشد المغربي هو استطاعته بناء ثقة بينه وبين رب المعمل، وعلمه بواقع العمل النفسي والاجتماعي أكثر من الخبير الأجنبي. يجدر الإشارة إلى أن الشركات الحاملة لشهادة نظام الجودة المعروفة باسم إيزو تعتبر تحقيق هذا المكتسب طفرة نوعية في مجال التنمية الإدارية والتسيير الإداري، وكلمة إيزو هي كلمة يونانية الأصل مشتقة من ايسوس والتي تعني المساواة والتوازن، وتقوم الشركات الساعية إلى الحصول على هذه الميزة بتنصيب إدارة نظام الجودة الذي يقوم بتعديل القاعدة أو الأساس التنظيمي لإجراءات العمل، والتأكد من معايير الجودة بهدف التثبت من كفاءة تطبيق واستمرار تحسين جودة الخدمات المقدمة ونظام ضمان الجودة. عبد الغني بلوط