عقد الدكتور حسن عبد الله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي مؤتمراً صحفياً أمس هو الأول له بعد عامين ونيف من اعتقاله في فبراير 2001م وركز الترابي في جل حديثه على بسط الحريات في البلاد وعلى الانفتاح المحلي والإقليمي داعياً الى زيادة معدلات الحوار بين القوى السياسية السودانية ونبذ الخلافات الآيدولوجية والسياسية والعمل على التواضع على مبادئ عامة وأصول ثابتة والاتفاق على (الاختلاف) في الفرعيات وإحالتها للشعب السوداني والرأي العام فيه (ليقدم من يقدم ويؤخر من يؤخر). وبدت على الترابي خلال المؤتمر سعادة غامرة لم تخفها السنوات السبعون التي وصل إليها، وكعادته مارس (الشيخ) هواية (السخرية) من الخصوم إشارة وتلميحاً. الحرية قضيتنا الأساسية استهل الدكتور الترابي حديثه بالقول (نحن الآن خرجنا نطلب الحرية للناس كافة لنا وللذي يباعدنا وكان يجالسنا في الماضي، وخرجنا لأن نحترم المبادئ الدستورية وبسطها لكل الشعب السوداني، نسعى للحريات وهي قضيتنا الأساسية ونتحدث من أجل الوحدة في الدين والوطن ولكن هناك أخوة لنا لا يدينون بما ندين، ونحن نطلب التوحد لكل أهل السودان ليس بالقبضة وإنما بالحسنى ولم تكن هذه المرة الأولى التي نبادر بها فمنذ الاستقلال مددنا أيدينا في مؤتمر المائدة المستديرة وكلنا نبادر بشكل جديد حتى يسع كل أبناء السودان لا مركزياً ومن أجل هذه كلنا ندخل السجون والآن نريد الشورى لا لحزب المؤتمر الشعبي وحده ولا لطائفة، ولكن لكل أهل السودان، حرية تبنى على الأسس والأصول التي يبنى عليها القرآن والسنة وبنيت عليها الدولة الإسلامية الأولى على أن تكون الحرية لكل الناس مسلماً وغير مسلم وكل ذلك في إطار مواثيق وعهود سياسية عبر نصوص لإطار الحياة الدستورية نتوافق عليها جميعاً وبعد ذلك تبقى القضايا الخلافية التي يجب أن ترد للرأي العام الذي يجب أن يسود. هي الأقدار وأكد الترابي في مؤتمره أمس على ما قاله أمس الأول من أنه خرج من المعتقل نتيجة ضغوط خارجية وداخلية فقال (نحمد الله أن الضغوط العسكرية وضغوطاً من تلقاء الجنوب وأخرى من الغرب إضافة الى الضغوط العالمية الداعية للعرف الديمقراطي والحقوق الإنسانية التي وازنت جميعها بين قوي من غلب علينا هي التي أطلقت سراحنا ولم يكن الأمر خاطرة رضا عن مغضوب عليه ولكن هي الأقدار). والى أين تقوده الأقدار؟ أجاب الترابي: "دخلنا السجن ونحن نؤمن بالحرية والآن سنعمل على تأصيلها وتوسيعها عقيدة في الدين يؤمنون ويهتدون ويكفرون ويتحاورون وعقيدة في الإعلام يتحدث الإنسان ما يشاء ويكتب ما يشاء صحيفة أوكتاباً دون أن يستأذن أحداً، ويجتمع الناس لينخرطوا في مظاهرة أويجتمعوا ليؤسسوا جمعية اجتماعية أو رياضية بغير إذن من أحد وان اعتدوا على أحد يمكن أن يقاضيهم عبر القضاء". وقال: "نريد حرية للناس ان كسبوا مالاً لا يستأثر به أحد من دونهم والاحتكار يجب أن يكون محرماً أصلاً لا في الدولة ولا في تجارة أو مال أو فكر ونريد شورى أوسع مع الأسرة التي نريدها أن تؤسس على الشورى لا على طغيان الرجال ونريد أن نؤسس الشركة على الشورى لا طغيان المدير ومحلية تؤسس على الشورى لا على ما يتنزل اليها من علٍ..!! نريد ولاية تأخذ نصيبها من الموازنة وسوداناً يختار من يقدمه لكل الناس، نريد أن نمد الأيدي خارج السودان لأن العالم يجتمع كله في اتصالاته وتجارته فعلينا أن نفتح الأبواب شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً مع جيراننا، لقد كان السودان وطناً واحداً يمتد عبر إفريقيا كلها لكن قطعته المؤامرات والصراعات الاستعمارية». ووعد الترابي بحملات سياسية وإعلامية واسعة تبدأ من حيث انتهى عند لحظة اعتقاله ليملأ الصحف ووسائل الإعلام (بقول الحق) ويسعى بجسده كما قال سياحة في الأرض لا من أجل المتعة، بل من أجل مبادلة الناس، نأخذ ونعطي الأفكار داخل السودان وخارجه وبكل اللغات. وأكد «الشيخ» أن السودان يستقبل الآن فترة التأسيس ودعا للاستفادة من التاريخ «حتى لا نتقلب وحتى لا نرتد» وقال «لا نريد أن نتحزب إلا إذا اختلفنا على شئ ولا نريد للتاريخ الذي قام على ما يوحدنا أن يتلاشى». وأكد كذلك على رغبة حزبه المؤتمر الشعبي على فتح أبواب الحوار «تجاوباً مع من يبادر وإيجاباً مع من يكف عنا كائناً من كان وستشمل حواراتنا الأحزاب التقليدية التي قامت على الدين ومع الأقاليم التي تبحث لها عن نصيب في الحرية والثروة وحتى الأحزاب التي يحسبها البعض تناءت عنا يساراً أو غرباً ولكن تجمعنا معانٍ توحدنا لأن العالم كله يتوحد دولاً، فكيف لا نتوحد نحن في السودان». اتعظنا الآن وأوضح الترابي في مؤتمره الصحفي أن فترة بقائه في المعتقل مكنته من القراءة والتأمل في تجربة السنوات الماضية قال إنها تجربة بها فوائد سيستفاد منها وحينما سئل عن تجربته مع الانقلاب العسكري قال الترابي إن كل الأحزاب السودانية أدركت أخطاءها في تدبير الانقلابات أو دعمها. وأن الحركة الإسلامية ستستفيد أيضاً من أخطائنا وقال (نحن الآن اتعظنا) بمثل ما اتعظ الشيوعيون حينما دبروا انقلاب مايو وبمثل ما اتعظ حزب الأمة في علاقته بانقلاب عبود وبمثل ما اتعظ الآخرون حينما أيدوا الانقلابات بعد حدوثها. وأوضح أن الغرب لم يكن يرغب في ديمقراطية تلد إسلاماً وأن الحركة الإسلامية كانت ترى أن الديمقراطية نفسها تحتاج لقرارات ولثورات كما حدث في فرنسا، ولم نكن ونحن نستلم السلطة نريد أن نقبض على السلطة والمال وعلى كل شئ وهذا مكتوب وموثق كنا نريد تحرير الأحزاب والصحف "قبل أن يغلب علينا السيف والبندقية". لا ضمان للجنوب إلا الشعب على الرغم من تجنبه الحديث عن تفاصيل ما يدور في مفاوضات السلام بين الحكومة والحركة الشعبية أو ما تم من اتفاقات إلا أنه وخلال اتصاله بالدكتور قرنق الذي دعاه لزيارة رمبيك "دون أن يعتقل" قال إنه أكد له أن لا ضمانات لأهل الجنوب إلا الشعب السوداني وأنه نصح قرنق بعدم المراهنة على ضمانات الغرب الذي ذكرأنه لا يعطي إفريقيا اهتماماً. "تحرير العراق"سيكون مداً إسلامياً وتحاشى الدكتور الترابي الخوض في التفاصيل عند تطرقه لأحداث 11 سبتمبر وفي الحديث عن الإرهاب ولكنه أجاب عن سؤال حول أحداث العراق وقال "إن العراقيين ابتلوا بنظام آخر غير نظام صدام حاول استغلال قضية أسلحة الدمار الشامل وتم تحويلها لقضية تحرير العراق وأضاف «لو حرروا العراق سيأتي بالإسلام وهم لا يريدون ذلك". الإسلام قوة دفع عالمية وقال د. الترابي «الإسلام هو قوة الدفع في غالب البلاد الإسلامية بعد تلاشي الشيوعية والليبرالية والآن الإسلام لا يهاجم باسمه بل يهاجم باسم الإرهاب». واستطرد في رده على السؤال بقوله نحن سنصل كل الحركات الإسلامية خارج الحدود للحوار ومع التنظيمات غير الإسلامية، وسننفتح سياسياً وفكرياً في حوار إسلامي مسيحي في كل العالم ، وعلينا أن نفتح السودان. وكشف الترابي أنه كان من أكثر المؤيدين خلال رئاسته للمجلس الوطني لمنح الجنسيات بعد بضع سنين للمقيمين في السودان. وفي رده على سؤال آخر، قال الترابي إن قرار عودة قيادة حزب المؤتمر الشعبي بالخارج متروك للأيام، ونفى أن يكون قد خرج من السجن بعد شروط فرضتها عليه الحكومة وأكد أنه لا رجعة بين المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني بعد الطلاق (البائن) إلا بعد أن تكون الشورى لكل أهل السودان وليس لحزب واحد ولا لشخص واحد وتكون الحرية لكل أهل السودان والالتزام بالمواثيق والدساتير. وكشف الترابي عن اتصال هاتفي آخر بينه وبين الصادق المهدي الذي ذكر أنه يريد بسط العلاقات مع مصر التي لها صلات معنا منذ المهدية وبيننا وبينها حبل يغذى بالماء والصادق المهدي يريد أن يصل تلك الحبال. وأخيراً درافور..!! وانتهى الدكتور الترابي في مؤتمره الصحفي بالإجابة عن سؤال حول ما يدور في دارفور وقال إن المنطقة من أكثر المناطق المليئة بالثروات البشرية والطبيعية وأنها شهدت استقراراً قبل حكم المهدية وقبل مملكة سنار وأن دارفور هي التي تصلنا بإفريقيا ونفى وجود أية صلة له بما يحدث فيها