بدا بعض من ينوي زيارة بلده المغرب أو الرجوع بعد قضاء عطلة الصيف بفرنسا حائرا أومترددا في اتخاذ قرار حجز مكان له في إحدى الحافلات التي يمكن أن تقله إلى بلده في أمن وأمان، خاصة وأن شبح حادثة بواتيي ما يزال يخيم على العديد من المسافرين، ويزيد من المخاوف توقيف مصالح الدرك الفرنسي في الأسبوع الماضي حافلة متوجهة من باريس إلى المغرب بدعوى عدم احترامها للحمولة المسموح بها. مغامرة صادف حادثة التوقيف هذه وجودنا بأحد المدن الفرنسية بضاحية باريس المعروفة بوجود وكالات الأسفار تنظم الرحلات باتجاه المغرب، وفي هذا الصدد، قال بعض المغاربة القاطنين بفرنسا إن هذا التوقيف ما هو إلا ذر للرماد في العيون، خاصة وأن الرحلات غير القانونية تنظم بشكل منتظم وأمام أعين المسؤولين، وفي ظل غياب أية مراقبة حقيقة، وذلك ما كشف عنه اجتماع عقده مسؤولون من وزارة النقل المغربية في إطار ما يعرف بالشبكة الأوروبية للمراقبة أخيرا، وقبل حادثة بواتيي، إذ تبين أن المراقبة الأوروبية تتجاهل الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين المغرب ودول الأوربية، وتهتم بالقوانين الداخلية أكثر من العلاقات الثنائية، ما دام النقل في أوروبا أضحى أكثر تحررا، كما أكد ذلك أحد أرباب وكالات الأسفار القانونية بمدينة أنيير بالضاحية الباريسية، الذي قال إن لجوء شركات النقل إلى المغامرة والرفع من الحمولة ونقل المسافرين بدون رخصة الإياب راجع إلى الشروط التعجيزية التي يفرضها القانون المغربي على أية شركة تريد أن تعمل في النقل الدولي، ومنها الأثمان الباهظة للتأمين، وشرط توفرها على أربع حافلات جديدة، وأن تكون لها اتفاقية مع شركة مرخص لها من الدولة التي تربط خط النقل بينها وبين المغرب. ويضيف المتحدث نفسه أن ارتفاع أسعار الكازوال، الذي قارب ثمن اللتر منه أورو ونصف الأورو (أي ما يعادل 16 درهم) وبحث الزبائن عن أرخص الأثمان، يجعل من هذه الشركات وسائل لنقل البضائع، أكثر منها وسيلة لنقل المسافرين، علما أن كل مسافر له الحق في حمل متاع سفره بحمولة30 كليوغرام مع تأدية ثمن إضافي يرتفع إلى 1,08 أورو عن كل كيلوغرام واحد إضافي، وذلك ما يفسر الحمولة غير القانونية لهذه الحافلات، خاصة بعد منع استعمال المقطورات غداة الحادثة الخطيرة التي وقعت في بواتييه، وذهب ضحيتها 11 مسافرا مغربيا قادمين من بلجيكا، مشيرا إلى أن تغاضي السلطات الأمنية الفرنسية عن مخالفات الحافلات للدوريات المنظمة للنقل الدولي في بعض الأحيان يشجعها على هذه المغامرة غير محمودة العواقب، سيما وأنها تقطع أزيد من ألفي كيلومتر على أراضيها دون التحقق من قانونية رحلاتها الدولية، ووجود منافذ غير قانونية. مخاوف.. وأعرب المصدر نفسه عن تخوفه من عودة انتعاش النقل غير القانوني بعد ضبط الدرك الفرنسي لحافلة السبت الماضي بشكل ينافس الشركات التي تسعى إلى الحصول على شروط النقل الدولي ذاتها، خاصة بعد حادثة بواتييه، منوها بالمجهودات التي بذلتها أخيرا سلطات الأمن المغربية في حجز عدد من الحافلات بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ودعا إلى أن تبقى هذه المراقبة مستمرة، وليس مرتبطة بحادثة سير خطيرة. وفي هذا السياق، اتصلت التجديد هاتفيا بالسفارة المغربية حول الموضوع بيد أنها تتلق أي جواب عن سؤال حول تخوفات المواطنين المغاربة بجهلهم للشركات المسموح لها بنقل المواطنين إلى المغرب، خاصة وأنه شاع بأن سفارات المملكة مزودة بلوائح هذه المقاولات المرخصة. وكان الدافع إلى اتصالنا هو تصريح أحد المسافرين المغاربة الذي وجدناه صدفة قرب إحدى شركات الأسفار في أنيير، والذي أشار إلى أن اختلاف الثمن بشكل فاضح بين شركات الأسفار يجعل المواطنين في حيرة من أمرهم في اختيار وسيلة النقل المناسبة، كما تخوف مواطن آخر من أن يعيش البعض التجربة نفسها التي عاشها المسافرون ال 47 ليلة الأحد الماضي، حين قضوا ليلتهم في الطريق السيار في منطقة جنوب غرب فرنسا ينتظرون حافلة بديلة تكمل بهم الرحلة، وذلك بعد توقيف الحافلة من لدن الدرك الفرنسي بسبب تجاوز الحمولة القانونية بحوالي 5000 كلغ، وعدم خضوعها للمعايير القانونية. وتكمن حيرة المسافرين المغاربة في أن بعضهم لا يستطيع التمييز بين الشركات القانونية المرخص لها بنقل المسافرين ذهابا وإيابا ما بين المغرب وأوربا، وبين الشركات التي تتوفر فقط على رخص النقل السياحي، ولا يسمح لها باستغلال أية رخصة أخرى لنقل المسافرين بكيفية منتظمة بين المغرب وفرنسا. معاناة رحلة .. ذكر (ع.ع)، وهو مواطن مغربي، ما عاناه في رحلة الذهاب من مشاكل، إذ توقفت الحافلة أكثر من نصف يوم بميناء الخزيرات بإسبانيا منتظرة حافلة أخرى قادمة من باريس لتبادل أوراق التأمين، وقد اكتشف أن الشركة التي نقلته تتوفر على تأمين واحد تستعمله لحافلات متعددة رغم اختلاف أرقامها! كما اشتكى من بعض السائقين الذين لا يحترمون شروط السياقة السليمة بإفراطهم في السرعة، وعدم احترام راحة المواطنين، وناشد السلطات المغربية والفرنسية أن تحرص على فرض احترام القانون على شركات النقل، مغربية كانت أم أوروبية، باعتبار ذلك مدخلا أساسيا لتحقيق السلامة، وضمان جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. عبد الغني بلوط/أنيير ضاحية باريس