فشل الرئيس الفرنسي ساركوزي, المنتهية ولايته, في الفوز برئاسية ثانية, وذلك على الرغم من محاولته المستحيل من أجل تفعيل التصويت الهوياتي والوطني من أجل حشد أصوات ناخبي الجبهة الوطنية المتطرفة, في مقابل مرشح اليسار الاشتراكي الداعي إلى القطيعة مع السياسات التمييزية التي طبعت الخماسية الرئاسية المنتهية. وهو بهذا الفشل يلحق بباقي الضحايا السياسيين للأزمة الاقتصادية التي تعصف بجل الدول الأوروبية, مثل باباندريو في اليونان وزباثيرو في إسبانيا, ويفتح المجال لتدوال سياسي فشل اليسار الفرنسي في تحقيقه منذ وفاة الرئيس السابق فرانسوا متيران, مرورا بانهيار رئيس الوزراء الاشتراكي السابق ليونيل جوسبان أمام زعيم الجبهة الوطنية في ما سار يعرف بانتكاسة 21 أبريل 2002 والتي وصل فيها جون ماري لوبين إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية, وفشل فيها أمام جاك شيراك. ذلك أن الاقتصاد الفرنسي على الرغم من تماسكه النسبي مقارنة باقتصاديات دول أوروبية أخرى, فإنه لم يبقى كليا عن منأى آثار الأزمة, والتي كانت أهم تعبيراتها إسقاط التصنيف الأرفع عن القدرة الأدائية للمديونية الفرنسية لأول مرة في تاريخ فرنسا. وإذا كانت المديونية العامة للدولة الفرنسية أحد أوجه أزمتها الاقتصادية, إذ بلغت ديونها أزيد من 1700 مليار يورو, فإنها ليست إلا أحد تعبيرات أزمة أكثر عمقا, بدأ مسلسلها مند سنوات, وطالت جل قدراتها الإنتاجية والتنافسية. وفي هذا السياق, كان طبيعيا أن تكون الأزمة من أهم مواضيع الحملة الانتخابية الرئاسية, والتي انتهت بتفوق الاشتراكي فرانسوا هولاند. وقد كانت هذه الحملة فرصة لتشريح هذه الأزمة وتحديد أسبابها ومقترحات حلولها, بما أفرز رؤيتين متناقضتين للأزمة وحلولها الممكنة. فالمرشح اليميني, بتوافق مع رئيسة الوزراء المحافظة, الألمانية أنجيلا مركيل, أعطى الأولوية في برنامجه الانتخابي للقضاء على المديونية. وهو خيار تم إقراره على المستوى الأوروبية من خلال سياسات البند الذهبي, الذي يقضي بتحديد المديونية العمومية في حدود 3 في المائة. كما تجلى أيضا في الاتفاقية التقشفية التي فرضت على اليونان من أجل خروجها من الأزمة, وفي العديد من الدول التي تعاني مستويات عليا من المديونية كإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا... وفي مقابل هذا الطرح, فإن المرشح الاشتراكي, إضافة إلى التزامه بتحفيظ المديونية بنفس الجدول الزمني والنسب التي طرحها منافسه اليميني, مع اختلافات طفيفة, إلا أنه اعتبر أن الأزمة الحالية لها جذور أعمق من المديونية, تتمثل أساسا في ضعف الاقتصاد الفرنسي, وتراجع تنافسيته التجارية الخارجية وانهيار قدراته التصنيعية. وهو تشخيص وافقه عليه مرشح الوسط فرانسوا بايرو, الذي إضافة إلى رغبته في القضاء على المديونية, ندد بالتراجع المستمر والتدريجي الذي ما فتأت تعرفه الصناعة الفرنسية, داعيا إلى التصنيع المحلي من جهة, والاستهلاك المحلي عوض شراء المنتجات الخارجية من جهة أخرى. وفي هذا السياق, فإن المرشح الاشتراكي استطاع أن يتميز عن منافسه ساركوزي باقتراحه لهذا الشق النهضوي في برنامجه الانتخابي, إذ أطلق نداء أوروبيا من أجل تعاقد تنموي Pacte de Croissance, يضيف إلى جانب إجراءات الحد من المديونية, إجراءات أخرى تتمثل في تشجيع الاستثمار, بما سيمكن من المحافظة على قدرة الاقتصاد الأوروبي على التنافسية والإبداع, أمام الاقتصاديات النامية, خاصة الصينية, والتي ألحقت خسائر فادحة بالميزان التجاري الأوروبي. ودعى فرانسوا هولاند خلال حملته الانتخابية إلى تبني سياسات جريئة تمكن كل بلد أوروبي من إيجاد الوسائل التي ستمكن من تقوية المؤهلات والقدرات الإنتاجية والتصنيعية, خاصة في مجال التقنيات الجديدة. والتزم في هذا الأفق بالقيام بالإصلاحات الهيكلية الكفيلة بتسهيل عمل المقاولين, وتشجيع خلق المقاولات الجديدة, كحل وحيد للحد من البطالة والعودة بالنمو الاقتصادي إلى الارتفاع من جديد. على أن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هو حول وسائل تمويل هذه المشاريع. ذلك أن مديونية الدول لا تسمح بالمزيد من النفقات العمومية, والتدهور الاقتصادي والمالي لا يزال في تفاقم, بشكل جعل مناخ الأعمال والاستثمار ينكمش بشكل قوي, وفرض على الشركات حالة من الترقب وغياب الثقة في المستقبل. وهو ما نتج عنه تراجع قطاعات اقتصادية عديدة كالبناء والتعمير وصناعة السيارات والسياحة والأبناك, كانت أخر فصوله انهيار المؤسسة البنكية بانكية Bankia, والتي تم تأميمها من طرف الدولة الاسبانية. إن طرح هذا السؤال لا يبغي انتقاد هذا الخيار, خيار التعاقد النهضوي, بل استقاء الدروس والعبر حول أهمية الإبداع في الحلول التنموية. فهاهي أوروبا تجثو على قدميها من ثقل كاهلها بالمديونية وانهيار اقتصادياتها, إلا أنها في عز الأزمة, تجعل الاستثمار والإبداع والتنافسية أهم الحلول. وقد لاق نداء الرئيس الجديد قبولا واسعا في الأوساط السياسية والمالية الأوروبية, خاصة من طرف رئيس البنك الأوروبي, والدول التي تعاني أزمة حادة, كإسبانيا والبرتغال وهولاندا وإيطاليا. وهو توافق جعل الألمانية أنجيلا مركيل تتراجع إلى الوراء عن رفضها الكامل لميثاق التنمية. على أنه يجب التذكير أن موقف ألمانيا له ما يبرره سياسيا, حيث سبقت إلى تبني سياسة نهضوية منذ نهاية التسعينيات, مكنها من أن تكون اليوم في غنى عن أي سياسات نهضوية استثنائية, وجعل اقتصادها استثناء في أوروبا من حيث قدرته التنافسية, بفضل صناعاتها المتفوقة عالميا, والتي تجعل ميزانها التجاري يعرف فائضا حتى في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية. وهي إذ تتحفظ على مشروع التعاقد التنموي, فإنها إنما تخشى أن تنخرط أوروبا في مسلسل جديد من المديونية لتمويل المشاريع النهضوية, تعود تبعاتها على ألمانيا كبلد يشكل العمود الفقري للمجموعة الأوروبية. أطلقت مديرية عمليات الأسواق لبورصة الدارالبيضاء عن برنامج لإعادة شراء أسهم البنك المغربي للتجارة والصناعة بهدف تنظيم السوق وذلك وفقا لبيان نشر نهاية الأسبوع الماضي على موقع البورصة. وقد وافق الجمع العام العادي للبنك المغربي للتجارة والصناعة على برنامج إعادة شراء أسهم البنك في البورصة. ويحدد هذا البرنامج الذي يمتد على مدة 12 شهر ابتداء من 21 ماي الجاري العدد الأقصى للأسهم التي يمكن اقتناؤها في 398 ألف و365 سهما أي ما يعادل 3 بالمائة من رأسمال البنك. وحدد البرنامج الثمن الأقصى للشراء في 1040 درهم للسهم الواحد والثمن الأدنى للبيع في 690 درهم للسهم الواحد.