ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ سلطان كايد القاسمي، رئيس جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي بالإمارات ل «التجديد»:التجربة المغربية جريئة وتحمل معاني الأمل وتتطلب العناية اللائقة
نشر في التجديد يوم 09 - 02 - 2012

يسلط الشيخ سلطان كايد القاسمي، رئيس جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي بالإمارات، الضوء على التفاعل الخاص لمنطقة الخليج العربي مع موجة الربيع العربي الديمقراطي، خاصة منه دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي قال إن تفاعلها مع الحراك العربي كان بدرجة أقل لكنه بنكهة خاصة. كما يتناول القاسمي في هذا الحوار تقييمه للتجربة المغربية والتي وصفها بالجريئة والاستباقية، كما يشرح دواعي قدوم وفد عن الجمعية التي يرأسها للمغرب والتي ركزها في الاستفادة من التجربة ومباركة الإسلاميين على ما حققوه من إنجازات. ضمن هذا الحوار أيضا ينفى القاسمي وبشكل قاطع الاتهامات التي سبق أن وجهتها الحكومة الإماراتية إلى سبعة من الدعاة والمنتسبين لجمعية الإصلاح، معتبرا أن قرار سحب الجنسية منهم كان قرارا غير محسوب العواقب، رابطا إياه بالتجاذبات بين الحكومة والإسلاميين في إطار موجة الربيع العربي. إلى ذلك عبر القيادي الإسلامي الإماراتي ل: "التجديد" عن تفاؤله بمستقبل الحراك العربي، وأيضا بما يمكن أن يكون له من عائد إيجابي اتجاه القضية الفلسطينية.
❍ نود أن نعرف منكم بداية سياق زيارة وفد عن جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، الإماراتية للمغرب؟
● بسم الله الرحمان الرحيم، نحن في الحركة الإسلامية بالإمارات ، حريصون على الاستفادة من التجارب في كل مكان، وبدا لنا بأن التجربة المغربية كانت فريدة من نوعها، فكان هدفنا الأول هو الاطلاع على هذه التجربة المفيدة، فأن تقرأ عنها شيئ وأن تسمع عنها شيء، لكن أن تعيشها شيء آخر، فهذه التجربة التي استطاعت إيجاد معادلة للتعايش والتعاون نعتبرها حرية بالاطلاع. ولذلك نعتبر أن المغاربة استطاعوا بجرأتهم وبعد نظرهم التعامل مع المشاكل التي يعانيها المجتمع، وأن يولدوا هذه الفكرة الناجحة حتى الآن. وهي التجربة التي لمست الأمل في إنجاحها من خلال أبناء الحركة الإسلامية أو عند المسؤولين في المغرب وكذلك رجل الشارع ووجدت أن روح التفاؤل هي الجامعة بينهم جميعا، ووجدت أيضا أن المغرب ولد ولادة جديدة مرة أخرى، وهذه التجربة نعتبرها إثراء للتراث الإسلامي ولذلك أردنا أن نطلع عليها في بدايتها قبل أن نأتي متأخرين. أما الهدف الثاني من خلال هذه الزيارة فهو مباركة إخواننا في الحركة الإسلامية بالمغرب على نجاحهم الذي حققوه في الانتخابات الأخيرة وقدرتهم على إقناع المجتمع المغربي على أنهم أهل لثقته وأيضا على قدرتهم على التفاهم في معادلة سياسية صعبة، وهنأناهم ليس فقط على الفوز في الانتخابات بل أيضا على تشكيل الحكومة لأن هذا الأمر ليس بالسهل على حزب لم يحصل على الأغلبية المطلقة، ومن خلال ما أبان عليه من قدرة على التفاوض والتحالف مع أحزاب وطنية عريقة ووفق أرضية مشتركة شكلت قاعدة للتحالف.وهذه في تقديري نجاحات مبشرة بنجاحات أخرى مرتبطة بتدبير الشأن العام. لكن أتينا أيضا لنبلغ رسالة يهمنا أن يسمعها إخواننا في الحركة الإسلامية المغربية وهي أن هذه التجربة المغربية ليست ملكا للمغاربة فقط وإنما هي ملك للعالم الإسلامي ككل، لأن نجاحها سيؤثر في تجارب أخرى في العالم الإسلامي وفي منطقة الخليج على وجه الخصوص وإن بدرجات متفاوتة، خاصة لدينا بالإمارات التي ما تزال بعض خطواتها الديمقراطية بدائية، وهو ما يحتم من ضرورة رفع الوتيرة لأن العالم من حولنا يتغير بسرعة وبقفزات عالية ولن ينتظرنا. ولذلك نشد على أيدي إخواننا بحرارة وقد وجدنا في الحركة الإسلامية المغربية أن الله عز وجل من علينا وعلى العالم الإسلامي بمجموعة من القيادات الناضجة والواعية بالتحديات التي يعيشها المجتمع المغربي وكذلك بالآمال التي يتطلع إليها الشعب وذلك بسعة صدر ونظر لا تجعلنا إلا أن نستبشر خيرا للمستقبل.
❍ في إجراء قل نظيره بدولة الإمارات، أقدمت هذه الأخيرة على سحب الجنسية من سبعة دعاة ينتمون إلى الجمعية التي ترأسونها بتهم همت تهديد الأمن الوطني للدولة والاشتباه علاقتهم بجمعيات لها صلة بمنظمات توصف بالإرهابية، فما هي توضيحاتكم بهذا الخصوص؟
● لعل انعكاس الربيع العربي في المنطقة ينعكس من إقليم إلى إقليم ومن دولة إلى دولة، فأخذ صورة من التدافع العنيف ما بين الشعب والسلطة في منطقة الوسط وخاصة بمصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، وأخذ أشكالا أخرى وبدرجات متفاوتة من الاحتكاك أو التدافع أو صيغ التفاهم ما بين السلطة القائمة والشعب بشكل عام بمن فيه الحركة الإسلامية. هكذا فالربيع العربي في منطقة الخليج وضمنه دولة الإمارات حيث ساهم الربيع العربي في ارتفاع نبرة التوتر بين الشعوب والحكومة وهذا شيء لم يكن معهودا في عموم دول الخليج، وهذا طرح أسئلة عدة حول مستقبل العلاقة بين الشعب والحكومات القائمة، فكانت الحكومات الخليجية في حالة ترقب يومي لما يمكن أن يحدث وأيضا الشعوب كانت تناقش صيغ التفكير في مستقبل العلاقة وما ينبغي أن تكون عليه، وقد وقع في اعتقادي اتفاق حول فكرة أساسية بمنطقتنا تفيد بأن هنالك قبولا للوضع القائم في ما يتعلق بالسلطة العليا واستمرارها داخل الدولة واستمرار الملوك أو الأمراء والسلاطين، وهذا استند إلى كون الخليج هو منطقة قبلية وأن الذي يحكم البلد هو القبائل وأن شيخ القبيلة ومع تطور الزمن أصبح يسمى رئيس الدولة أو مسميات مختلفة ضمن الدولة العصرية والحديثة، هكذا اختلفت اجتهادات الأنظمة الموجودة في منطقة الخليج في كيفية التحول من الوضع القبلي إلى وضع الدولة الحديثة أو ما يسمى بالدولة القطرية.
❍ تحليلكم يتجه نحو ربط ما حدث بردة فعل للحكومة الإماراتية اتجاه ما أبداه بعض قيادات الحركة الإسلامية بالإمارات من تفاعل مع موجة الربيع العربي؟
● صحيح فهذه هي الفلسفة التي حكمت المشكل، فأمام ما حدث من ربيع عربي طرحت أسئلة حول التطورات التي عرفتها نظم الحكم بالخليج من القبيلة إلى الدولة العصرية، وما إن كانت توافق تطلعات الشعوب اليوم ومتطلبات العصر. هذه الأسئلة دفعت إلى أفعال وردود أفعال مختلفة من قبل الشعوب الخليجية بين من اختار النزول للشارع كما حصل في تونس ومصر وهو ما حصل في عمان والبحرين مثلا وأخذ هذا التفاعل صورا مختلفة بكل من السعودية والكويت والإمارات ونوعا ما كذلك في قطر، المجتمع الإماراتي وسط كل هذا لم يختر النزول إلى الشارع لتطوير دولته، واستحضر بهذا الصدد ما قطعته الدولة الإماراتية على نفسها منذ ما يقارب أربعين سنة 1971 حيث تعهد مؤسسوا الدولة من خلال رؤيتهم للمستقبل منها أنهم وضعوا على صدر الدستور أن الدولة ستسعى خلال الفترات القادمة إلى تكوين برلمان له صلاحيات متكاملة ومنتخب انتخابا كاملا، لكن وخلال أربعين سنة لم يتحقق الوعد الذي أطلقه المؤسسون للشعب الإماراتي، ولذلك لجأ الكثير من المفكرين والمثقفين الإمارتيين والذين كانت الحركة الإسلامية جزءا منهم إلى التفاعل مع هذا الحراك وتبنوا عريضة أسميت بعريضة المجلس الوطني (وهو البرلمان عندنا)، ووقع عليها أزيد من ألف مواطن خاصة من المفكرين ونخبة المثقفين من كتاب وأساتذة الجامعات وأهل الرأي ورفعت إلى صاحب السمو رئيس الدولة فكانت هذه الخطوة أبرز سمات التفاعل الإماراتي مع الربيع العربي إلى جانب صور أخرى لكن كانت هذه الخطوة أبرزها، وأقرت العريضة على اعتبار الإماراتيين للحكم القائم بكونه مسلمة وبكونه صمام استقرار للوطن وأنه لن يشكل عائق استقرار أما الوطن مستقبلا، لكن المجتمع كان ينتظر من رئاسة الدولة التي تمثل السلطة العليا أن تتيح فرص لتطوير الأجهزة المركزية للدولة وخاصة المجلس الوطني ومجلس الوزراء مما يتيح للبرلمان محاسبة الحكومة، فالحكومة عندنا معينة من طرف رئاسة الدولة لكن سلطتها أعلى من سلط البرلمان ولذلك فإنها غير خاضعة لمساءلة البرلمان والعريضة طالبت بأن تصبح مراقبة ومحاسبة من طرف البرلمان، وهذا الأمر خلق نوعا من التوتر بين الحاكمين والشعب وأيضا خلق حالة ترقب مما قد يصدر على أي جانب اتجاه الآخر، وكان من هذه الأفعال ما هو غير محسوب النتائج والذي منه إقدام الحكومة على سحب الجنسية من 7 مفكرين من قادة التيار الإسلامي بالإمارات، ومع الأسف فبدل الاستجابة لتطلعات الشعب الإماراتي والبحث عن المتقاسم بين السلطة والحركة الإسلامية وعموم الحساسيات الشعبية من أجل حل متوافق حوله والعبور نحوى المستقبل، فإن هذه الممارسة قطعت شعرة معاوية ورفعت من درجة التوتر بين المجتمع والحكومة، ونحن الآن كحركة إسلامية ننتظر أولا أن يصحح هذا الخطأ وأن تعاد الجنسية لمن سحبت منهم ثم البحث ثانيا عن السبب وراء الوصول إلى هذه الممارسة ومحاولة تطويق المشكلة وثالثا كيف يمكننا مستقبلا أن نتجنب مثل هذه الممارسات أو الأخطاء التي يمكن أن تنتج عن أي جانب من الجانبين، فالمفروض في لحظة التوتر أن يتم الحوار بين الأقطاب الرئيسية للتوتر، ونحن نعتبر أن الحكومة الإماراتية كانت حكيمة في التعاطي مع الكثير من التوترات السابقة أما في الفترة الأخيرة فاعتبر أن الصواب والحكمة فارقا قرار سحب الجنسية هذا.
❍ ما هو ردكم حول التهم الواضحة الموجهة إلى من سحبت منهم الجنسية من طرف الحكومة؟
● بالنسبة لتهمتي الصلة بمنظمات إرهابية دولية، والقيام بممارسات تهدد أمن الدولة، لقد آخذنا على الحكومة أولا إجراء سحب الجنسية دون محاكمة، ولذلك فكل آمالنا وتوجهنا القادم هو أن يأخذ القضاء الإماراتي بما لديه من تاريخ بزمام المبادرة وأن يكون المكان الوحيد الذي يفصل فيه الخلاف وأن تفعل باقي المؤسسات في استقلالية تامة خاصة للقضاء نموذجا عن السلطة التنفيذية. وبالتالي فنحن ننفي تلك التهم جملة وتفصيلا وقد وضحنا هذا في بيانات سابقة.
❍ ما هو في نظرك الأثر الذي يمكن للربيع العربي أن يتركه على واقع ومستقبل القضية الفلسطينية؟
❍ الربيع العربي عموما هو إعادة الاعتبار للشعب العربي، وتوظيف طاقاته وقدراته وتاريخه في بناء حضارة بالمنطقة بدل أن يكون مجتمعا تابعا واستهلاكيا ليس له دور في مسار الحضارة في العالم، وهذا ما تحرك من أجله الشارع العربي وهذه هي آمال الشباب وعموم الشعب من هذا الحراك فهل سيتحقق هذا أم لا، هذا أمر متروك لمستقبل الأيام، لكن إذا تحقق ما يأمله المفكرون ومن ضحى بحياته وراحته في المجتمعات التي دخلت للربيع العربي وأفرزت تغييرات جذرية في دولها، فإن هذا وبكل تأكيد سيؤثر في موازين القوى الموجودة بالشرق الأوسط ما بين العرب والمحيط الدائر بهم، وهذا سيعيد بالتأكيد ترتيب أولويات المجتمعات في المنطقة وهذا بلاشك سيكون في صالح الشعوب العربية ومنه في صالح القضية الفلسطينية كمحصلة نهائية، أما الكيفية فإن هذه قصة أخرى، لكون المتغيرات الآن لا تؤكد أنها ستتجه نحوى حرب بالمنطقة، ولكن الخلاصة أنها ستتجه نحوى مصلحة الشعوب بالمنطقة، على عكس المرحلة الماضية التي كانت تنظر فيه الأنظمة إلى كون الفلسطيني عنصر مزعج بالنسبة إليها وأنه غير مرغوب فيه لكن الشعوب كانت تنظر إليه كأخ عربي وأخ مسلم له حق الدعم والأخوة والإسناد. ففي الحالة المصرية نموذجا أعتبر أنه لا أحد من مكوناته الرئيسية فقد وزنه سواء أكان تيارا أو مجلسا عسكريا أو شباب ميدان التحرير لكن أقول أنه لا خوف على بلد يتوفر على مفكرين جهابذة وأقوياء ولهم رؤية للواقع وللحضارة والمنطقة، الذي حصل اليوم أننا ما نزال في مرحلة مخاض والرؤى مطروحة اليوم في الميدان وبالتالي طبيعي أن يقع التماس والاحتكاك الذي يأخذ أحيانا صبغة الصراع كما لا ينبغي أن ننسى الموقع الاستراتيجي لمصر فهي ليست دولة عادية، ولذلك فالذين لا يريدون للتجربة المصرية أن تنجح كثيرون واللذين يريدون لها أيضا النجاح كثيرون والمأمول بعون الله هو انتصار أصحاب الإصلاح والتجديد على مقاومي الإصلاح.
❍ ضمن الاستجابات المختلفة مع الربيع العربي تابعتم الحالة المغربية، ومحطات الحراك الذي عرفته من احتجاج وتعديل دستوري وانتخابات مبكرة وما أفرزته من قيادة العدالة والتنمية للحكومة المنتخبة، ما قراءتكم لهذه التجربة؟
● أنا أعتبر أن الملك محمد السادس عندكم سبق الأحداث في المنطقة واستطاع أن يبادر إلى حل تردد بخصوصه الكثير من الزعماء العرب، فالخيار الذي لجأ إليه الملك كان وما يزال متاحا أمام كل الرؤساء العرب، لكن تأخرهم في اتخاذ المبادرات الجريئة وفي الوقت المناسب كان سببا من أسباب إسقاطهم، ولذلك فالملك عندكم أخذ المبادرة واستبق طلبات الجماهير والشارع والشباب بالمغرب وقدم علاقة جديدة في علاقة الحاكم بالمحكوم، وهذه المعادلة حسب اعتقادي هي جريئة وتحمل معاني الأمل في المستقبل لكن في نفس الوقت تحمل في مضامينها أخطارا فإذا لم تحظ هذه التجربة بالعناية اللائقة ونسأله الله لها أن لا تفشل، لأن اللحظة تقتضي رفع درجة التأهب سواء من قبل الشارع والحكومة كطرف وأيضا سلطة رأس الدولة من طرف آخر، لأنني أعتقد أن التجربة ليست قوانين تغيرت ورميت في الشارع، ولذلك فهي في حاجة إلى الرعاية والإنضاج بما يمكن لعلاقة ناضجة خلال الفترات المقبلة لتفادي عوامل الفشل المحتملة.
❍ صعود الإسلاميين إلى الحكم يطرح عليهم تحديات جمة (اقتصادية واجتماعية ..) هل ترى أن للحركة الإسلامية القدرة على تدبير وتجاوز هذه
❍ التحديات التي تواجه الحركة الإسلامية هي تحديات جمة وكبيرة، كما أنها تحديات عجز عن تجاوزها من كان قبلهم بتياراتهم الاشتراكية والقومية والليبرالية والوطنية، وهي المتعلقة بالرفع من مستوى المجتمعات العربية من المغرب إلى العراق في الشرق، وذلك بأن تتحول من دول نامية إلى دول متطورة، وهذا ما فشل فيه من قبلهم وهذا ما أغضب الشعوب وجعلها تنتفض ضد الحاكمين ونقل البديل الذي كان مستبعدا إلى سدة الحكم، ذلك البديل الذي كانت تكال له نعوت مختلفة من طرف الغرب والعديد من الأنظمة الحاكمة، لكن التحدي هو في كون التجربة الإسلامية قد تكرر نفس الفشل وهذا ما نأمل ألا يكون.
أما بخصوص التحديات المختلفة فهي ليست جديدة فقد كانت من قبل وما وقع هو اشتداد بعضها مثل التحدي الاقتصادي الذي كان محركا في جزء مهم لهذه الثورات وهو الذي أحرق البوعزيزي، أما التحدي الثاني في تقديري فهو قدرة الحركة الإسلامية على ترجمة ما كانت تبشر به خلال الفترة الماضية، من تقديم نموذج حضاري يجمع بين الرفاهية الاقتصادية والسمو الأخلاقي والتعايش الإنساني. ثم هناك تحدي ثالث مرتبط بتهمة الإرهاب وفزاعة التخويف من الإسلاميين والتي ينبغي تأكيد عكس ذلك تماما بما ستبرز هذه الحركات الإسلامية من عمق حضاري لديها ليس فقط على مستوى التعايش بين الناس بل أيضا بين الأديان والدول المختلفة والعالم الآخر خاصة أمام الصراعات الشديدة التي تخترق العالم اليوم، هذا إلى جانب الكثير من التحديات الأخرى التي لا يتسع المجال لتعدادها. لكني أؤكد على تحدي آخر أعتبره رئيسيا، والمتعلق بكون التحول الذي حصل في بناء الدولة من دولة ديكتاتورية مثل ليبيا إلى دولة ديمقراطية أو دولة محكومة بالحزب الوحيد مثل مصر وتونس إلى دولة تعددية، فهل يستطيع ربان السفينة اليوم الذي هو الحركة الإسلامية بأن يطور ويعمق دور الأحزاب في الدولة ضدا على الحزب الوحيد وغير ذلك من مظاهر التحكم والديكتاتورية.
❍ هناك تحدي آخر هو التحدي الإسلامي/الإسلامي، فالحركة الإسلامية اليوم ليست كلها في الحكم وهناك اختلاف بين فصائلها يصل حد التناقض أحيانا، فهل ترى أنها قادرة على تدبير هذا الخلاف في ما بينها؟
● أعتقد أن الخلاف السابق لن يكون بنفس الصورة القديمة، لأنه في السابق صراعا فكريا أكثر منه صراع علمي، بمعنى أن الفترة السابقة كانت خلاف بين اثنين متفرجين، أما اليوم فالخلاف لن يعود اليوم بالقول فقط بل سيكون بالعمل وبالبرامج، وأنا أعتبر أن القواسم المشتركة بين الحركة الإسلامية في رؤيتهم لبناء الدولة ستكون موحدة لهم أكثر منها مفرقة. وبالتأكيد سيبقى الخلاف قائما إلى قيام الساعة لكن في رأيي فإن نوع الخلاف والقضايا الخلافية ستتغير. وأظن أيضا أن شكل الفرق الخلافية سيتغير أيضا، ولذلك فأنا لست متشائما للمستقبل بهذا الصدد، فالحركة الإسلامية تستطيع تدبير خلافاتها وتصل إلى قواسم مشتركة في ما بينها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.