أكد الدكتور سمير بودينار أن المعالم الثلاث الأساسية التي طبعت تدبير الشأن الديني خلال السنة الماضية هي أولا دسترة وتوسيع صلاحيات مؤسسة العلماء وتقوية حضورها في الشأن العام من خلال الدستور الجديد الذي بالإضافة إلى تركيزه على مقومات الهوية، فإنه ارتقى بأدوار وصلاحيات مؤسسة المجلس العلمي الأعلى إلى المساهمة في المؤسسات الدستورية والقضائية العليا، الأمر الثاني، حسب رئيس مركز الدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية بوجدة ، هو استكمال البنية المؤسسية لتدبير الحقل الديني سواء في قطاع الأوقاف أو الشؤون الإسلامية أو مؤسسة تكوين العلماء أوالإعلام الديني أو الطباعة والنشر، وهو مجهود كبير يمكن استمرار البناء عليه في مستوى رفع كفاءة وفعالية التأطير والخطاب الديني. أما المعلم الثالث، يضيف بودينار، فهو التقدم الكبير على مستوى الإنجاز المادي للبنية الدينية وخاصة في مجالي بناء المساجد، والمركبات الدينية ذات الطبيعة المكتبية والثقافية والتراثية والمتحفية.. وحول الأجراءات التي من الضروري إحداثها في الشأن الديني خلال سنة القادمة قال بودينار إن الأمر الأكثر استعجالا هو وجود مشروع مندمج لإعادة إنتاج النخبة العالمة، أي تخريج علماء ذوي مكانة متميزة معرفيا ومشروعية راسخة اجتماعيا، سواء من حيث دعم عمل المؤسسات المسؤولة أو تقوية البرامج العلمية، بما يضمن فعالية هذه الفئة في أداء مسؤولياتها الدينية والمجتمعية الكبيرة، وملأ المجال الهام الذي ينتظر منها في تدبير الشأن العام. أما الأسبقية الثانية، حسب المتحدث، فتتمثل في تحسين وضعية القيمين الدينيين، التي أصبحت مثار جدل، بما يكفل لهم الشروط الأساسية للعيش الكريم وهي عملية تحتاج لمقاربة خلاقة تحترم وضعيتهم الخاصة والمتميزة في إطارها الشرعي والقانوني، وتراعي في نفس الوقت الإمكانات المادية المحدودة في هذا المجال. الأمر الثالث يضيف بودينار يكمن في إعادة صياغة سياسة متكاملة لدعم وتقوية الإشعاع العلمي المغربي الخارجي في المنطقة وخصوصا في إفريقيا والمغرب العربي، لما تمثله من عمق استراتيجي متكامل ومقوم أساسي لتقوية المجال الحضاري والثقافي المغربي، ولدعم قضاياه العليا، ويرتبط بهذا الموضوع جزئيا ملف لا يقل أهمية هو سياسة تأطير الجالية بالخارج، التي وإن كنا قد حققنا فيها خطوات مهمة على صعيد الإطار المؤسسي من خلال المجالس المختصة، إلا أن جهدا كبيرا ينبغي أن يبذل لصالح ملايين المغاربة بالخارج على الصعيد الديني والثقافي، بالنظر إلى حاجياتهم المستجدة من جهة، وإلى تضاؤل حجم التأثير في واقعهم والاستجابة لانتظاراتهم الذي أبانت عنه السياسة القطاعية إلى الآن من جهة أخرى.