«70 بالمائة من المساهمين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يغادرون حاليا عملهم داخل المؤسسات الإنتاجية بدون الحصول على أي معاش». هذه أبرز خلاصة أسفرت عنها الإحصائيات التي جاءت في الاجتماع الأخير للمجلس الإداري للصندوق الذي انعقد يوم السبت 21 ماي 2011. وكشفت الأرقام عن أن القطاعات الأكثر تضررا من هذه الوضعية هي قطاعات البناء والأشغال العمومية والنسيج والصناعات الغدائية والفلاحية. ولهذا الغرض أسس الصندوق لجنة داخلية لمدارسة «ترتيبات ما بعد توصيات دورة أبريل الماضي للحوار الاجتماعي»، إذ تمت الدعوة إلى إعادة النظر في كيفية تعويض شريحة المتقاعدين الذين «لا يستفيدون من أي معاش حين تقاعدهم بسبب عدم استيفائهم للشروط القانونية الضرورية للاستفادة من الحد الأدنى للمعاش، والمتلخص أساسا في إلزامية توفر المستخدم على حد أدنى من أيام العمل محدد في 3240 يوم أي حوالي 10 سنوات من الخدمة». ومن المقرر حسب مصدر من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن تستكمل اللجنة التقنية سيناريوهات حل هذه الإشكالية في غضون أسبوعين قبل التوافق حول السيناريو الأنسب لتعويض «هؤلاء المقصيين من نظام التقاعد». وتشير أرقام سنة 2010 مثلا إلى أنه من أصل 84477 مستخدم «غادروا نحو عالم التقاعد» لم يستفد سوى 25262 أجير فقط من نظام المعاشات، والسبب الرئيسي لهذه الوضعية التي تتكرر كل سنة هو «عدم توفرهم على الحد الأدنى من أيام الشغل المتراكمة، بالرغم من أنهم يظلون يساهمون في مالية الصندوق أثناء فترة اشتغالهم». وهذا يتطلب «وفق نتائج دورة 26 أبريل الجاري للحوار الاجتماعي» وضع حد لهذا الحيف، وذلك من خلال مراجعة النصوص القانونية المنظمة لصيغة الاستفادة من المعاشات. وحسب مصدر داخل اللجنة التقنية، فإن عمل اللجنة يتجه إلى تحديد سيناريوهان لمعالجة المشكلة. أول سيناريو يكمن في منح المعاش «للمقصيين الذين لم يستوفوا الحد الأدنى من الأيام الوجبة للحصول على المعاش من تقاعد وفق عدد الأيام التي راكموها خلال نشاطهم المهني». أما السيناريو الثاني فيتمثل في تحديد حد أدنى لتعويض كل المساهمين في الصندوق. ومن شأن هذا الإجراء، حسب مصدر نقابي، أن «يتم القطع مع عدد من السلوكات الغامضة التي كانت تدار بها عمليات تحديد المعاشات سواء بالنسبة للمؤسسات الانتجاية أو من طرف مصالح الصندوق». ذلك أن هذا الإجراء «سيفرض على الصندوق القيام بافتحاص وتدقيق لعدد أيام العمل المصرح بها من قبل المؤسسات الإنتاجية». وتساءل المصدر: ترى من كان يستفيد من الأموال الكثيرة التي يخلفها هؤلاء المغادرين من دون معاش في مالية الصندوق؟ واعتبر محمد هاكاش، نقابي مهتم بقضايا الحماية الاجتماعية، أن «الأولوية تتلخص في إعادة النظر في النصوص القانونية ثم القيام بافتحاص لكل صناديق الحماية الاجتماعية»، مشددا أن « حد 3240 يوم عمل للحصول على المعاش إجراء دمر عدد من الأسر وهو تدبير غير أخلاقي وغير مفهوم». يشار إلى أن دورة أبريل للحوار الاجتماعي أوصت بخلق لجنة ثلاثية الأطراف لمتابعة تقييم مدى صحة التصريحات التي تزود بها الشركات الانتاجية لصالح أجرائهم.