كشفت أبرز الأحزاب السياسية عن مذكراتها المرفوعة إلى اللجنة المكلفة بتعديل الدستور، وبذلك أصبح ''مطبخ'' الدستور القاد يمتلك أسس الارتكاز قصد صياغة وثيقة دستورية تعيد توزيع السلط وتحقق التوازن فيما بينها لصيانة وتوسيم مجال الانتقال نحو الديمقراطية الحقة. لجنة المنوني تمتلك إذن الإطار المرجعي الذي رسمه خطاب 9 مارس والذي رسم سبع مرتكزات أساسية، وأيضا يتوفر على ترسانة من الاجتهادات المصاغة من قبل عدد من الأحزاب السياسية الذي عمدت إلى ابتكار سيناريوهات وبعض الحلول لأتجاوز مختلف أعطاب تدبير المجال العام في المغرب. الأكيد أن اجتهادات الأحزاب تختلف من حيث دقة السيناريوهات المرسومة وتفاصيل المنجز المطلوب، لكن الأساسي أن داخل هذا التنوع والتباين هناك نقط ضوء كثيرة يجدر باللجنة الاهتداء من خلالها إلى حلول لمعالجة تدبير قضايا المرجعية ومكانة إمارة المؤمنين وسبل صيانة الحريات العامة وحقوق الانسان، وصيغ تدبير أمثل لمبدأ فصل السلط والارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة وتوسيع صلاحيات الحكومة والبرلمان وأيضا ضمان صيانة فضاء التدبير الاقتصادي والمالي من نفوذ السلطة. أكيد أن هناك قتاعة لدى الجميع، مؤسسة ملكية وأحزاب ومجتمع مدني، على أن اللحظة التاريخية، التي يمتزج فيها العامل الداخلي بتأثير الجوار الإقليمي، تشكل المحرك الأساسي للقطيعة مع جهر تدبير الحكم السائد سابقا. حكم كان قائما على نص دستوري يختل فيه مبدأ التوازن بين السلط ويتكرس من خلال الارتكاز على مقاربة الحكم السلطوي في تدبير ملفات السياسة والثقافة والقيم والاقتصاد. إجماع على أولوية إعمال مطلب الإصلاح جوهره تغيير الوثيقة الدستورية التي ترسم معالم فصل السلط وتحدد مجالات الحريات. من هنا ينحصل الإجماع على ضرورة إعادة التوزيع الديمقراطي للسلط بين المؤسسة الملكية والحكومة والبرلمان، مع تضمين الدستور كل ضمانات الانتقال الديمقراطي. نتوقف في هذا الملف عند قراءة لبعض مضامين المذكرات الحزبية المرفوعة إلى اللجنة المكلفة بتعديل الدستور، أولا لنكتشف مدى إعمال آلية الاجتهاد من قبل الأحزاب للمطالبة بالإصلاح، ثانيا تحديد بعض التباينات في مختلف القضايا الأساسية بين تلك المذكرات، لاسيما في قضايا أساسية كحجم فصل السلط المطلوب، ودور المؤسسة الملكية، وصلاحيات البرلمان والحكومة، ومن يترأس المجلس الأعلى للقضاء وقضايا المرجعية والهوية وإمارة المؤمنين. متسائلين عن السقف الذي ذهبت إليه المذكرات الحزبية؟ وهل تجاوزت ماطرحه خطاب 9 مارس؟ وعن المطلوب بعد وضع تلك المذكرات في يد عبد اللطيف المنوني؟ للإطلاع على الملف اضغط هنا الملف من إعداد: علي الباهي إسماعيل حمودي