بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة        الأمريكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس ال47    إسرائيل تعين يوسي بن دافيد رئيساً جديداً لمكتبها في الرباط    الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    "البيجيدي": دعم استيراد الأبقار والأغنام كلف الميزانية العامة 13 مليار درهم دون أي أثر يذكر    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة        القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    مندوبية التخطيط : ارتفاع معدل البطالة في المغرب    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    لهذه الأسباب.. الوداد يتقدم بطلب رسمي لتغيير موعد مباراته ضد اتحاد طنجة        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    أداء إيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية    هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن    المغرب ‬يحقق ‬فائض ‬المكتسبات ‬بالديناميةالإيجابية ‬للدبلوماسية    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة القرار السياسي في المغرب - بقلم بلال التليدي
بلال التليدي
نشر في التجديد يوم 28 - 12 - 2010

يخيل إليك وأنت ترصد المواقف التي اتخذت خلال هذه السنة، أو ما قبلها، وربما السنوات التي سبقت، أن صناعة القرار السياسي في المغرب يؤطرها عقلان: عقل متبصر يستحضر المصالح الوطنية والاستراتيجية، ويشتغل بمنطق الربح والخسارة، ويعتبر بالمآلات المحتملة، ويركز على وحجة التماسك الداخلي، وعقل سياسيوي متهور تحكمه المصالح الضيقة، يضحي أحيانا بالمصالح الوطنية ولا يلقي بالا لما يمكن أن تؤول إليه بعض القرارات المتهورة، وأكثر ما يهمه هو إثارة الزوابع ضد الآخرين ولو كان في ذلك إضعافا للتماسك الداخلي وتمكينا لأجندات خارجية تستثمر ضعف الجبهة الداخلية للدخول على الخط.
هناك عشرات من الأمثلة والشواهد التي تبرز فعالية العقل المتبصر الذي تحركه الحكمة ومصلحة الوطن، ليس آخرها إنهاء المحاكمة السياسية لجماعة العدل والإحسان بتمكين أعضائها بفاس من البراءة، وإيقاف الحملة التي كانت بعض الجهات بدأت في شنها ضد العدالة والتنمية على خلفية طلبه معرفة الحقيقة من أحداث 61 ماي التي استغلت ضده ثم الطريقة التي يدار بها اليوم ملف الصحراء، انطلاقا إبعاد المقاربة الأمنية في تفكيك مخيم أكديم إزيك ، وإدماج كل الفاعلين الحقوقيين والإعلاميين والسياسيين بما فيهم ونواب البرلمان وشرائح الشعب في تحمل مسؤولياتهم اتجاه قضيتهم الوطنية من احتواء تداعيات أحداث العيون وتحويلها إلى كسب مغربي في المنتظم الدولي.
لكن في الجهة المقابلة، تبرز عشرات الأمثلة، على وجود عقل آخر ليس أقل قوة واشتغالا من العقل المتبصر، تحكمه فقط المصلحة الضيقة، ولا يؤمن بمنطق التشارك، ويدبر بشكل انفرادي وسلطوي، ويخضر في كل المناشط: في المهرجانات الثقافية والفنية من خلال فرض ذوق معين واستبعاد أذواق أخرى بل واستثمار كل ذلك لضرب مكونات سياسية بعينها، في المهرجانات السينمائية من خلال تقريب مخرجين والإنعام عليهم بالدعم ما داموا يركزون على موضوعات وقضايا يرجى أن يكون له دور في استهداف مكونات أو محاصرة قيم وتوجهات، كما يظهر بقوة من خلال الإعلام، بالتحكم في الخط التحريري لبعض الصحف، وشل قدرات أخرى، هذا دون الحديث عن مجال الإشهار، الذي تفرض فيه قيود صارمة على البعض، وتنفتح يد الإكرام على البعض الآخر، كما تتحكم قاعدة الانتماء اللغوي، فمن كان أميل إلى الجهة الفرنكفونية نال الحظ الوافر حتى ولو لم يكن يستهدف إلا شريحة قليلة. ويبرز نشاط هذا العقل أكثر في الحقل السياسي من خلال التحكم في الخريطة السياسية، وإصعاد رموز سياسية، وإسقاط أخرى، وتوجيه الأحزاب ، بل والمؤسسات ضد حزب معين كما حدث ويحدث دائما مع حزب العدالة والتنمية التي تلجأ وزارة الداخلية إلى إنتاج العديد البلاغات ضده وحده دون غيره. هذا دون الحديث عن المجال الاقتصادي الذي يشتغل فيه هذا العقل المتهور بكل فعالية من خلال اعتماد ثنائية الامتياز والعقوبة في التعامل مع المستثمرين الاقتصاديين، بل وفي التعامل أيضا مع المستثمرين الأجانب.
وهذا طبعا ما يعكس في كثير من الأحيان التناقض في القرارات التي يتم اتخاذها، والتي تتأرجح بين الحكمة والتبصر وبين التهور والحمق أحيانا، لكن هذه القرارات المتأرجحة والمترردة لا تصدر بشكل عبثي غير قاعد لإطار يفسر زمنية انسياب هذا النوع من القرارات وصدور النوع الآخر.
هناك قاعدة تبدو مفسرة لهذا التردد، وقد أكدت كثير من الأحداث المتشابهة اطرادها. ففي اللحظات التي يتعرض فيه المغرب لتحديات كبيرة وبشكل خاص خارجية تكشف هشاشة سياسته ومنهجية تدبيره للعديد من القضايا حينها يختبئ العقل المتهور وتبرز الحكمة والتبصر والنطق التشاركي، لكن في الظروف العادية، التي تغيب فيها التحديات تبرز أكثر الممارسة السياسوية الضيقة التي لا تكتفي بالاستثناء والإقصاء، وإنما تذهب أكثر من ذلك، فتحاول أن تخلق حالة من ''الإجماع'' ضد طرف، حيث يبدو وكأن جهة ما تستمد سيطرتها وتحكمها على كل المناشط من خلال خلق أجواء ''الصراع'' على كل الواجهات لاسيما منه الصراع القيمي لإخفاء مستويات عميقة من التحكم الاقتصادي والسياسي.
فقد رأينا حضور العقل المتزن مع أزمة أمينتو حيدر، ورأيناه مع التحديات الخارجية المرتبطة بموجة التنصير التي استهدفت بلادنا، ورأيناه أيضا يشتغل بقوة بعد أحداث العيون، لكن، في المقابل رأينا العقل المتهور يحضر بكثافة في أكثر من ملف خاصة الملفات ذات الارتباط بالرأي العام، وبوجه خاص منهجية التعامل مع وسائل الإعلام، والحملات التي تستهدف أطرافا سياسية بعينها يرجى إضعافها في الاستحقاقات القادمة، ناهيك عن محاولة تصعيد الموقف ضد جماعة العدل والإحسان رغبة في منع أي حصول أي تطور في العلاقة الإيجابية بيم الطرفين الجماعة والسلطة.
بكلمة، إنه من الصعب على أي دولة، أن تنجح في رهاناتها الاستراتيجية ما لم يكن العقل الناظم لصناعة قرارها السياسي مسكونا كله بمنطق الحكمة والتبصر وجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار والنظر إلى المآلات.
وفي الوقت الذي تتدخل فيه بعض القوى المتنفذة للتأثير على هذه الحكمة والتبصر وتوجيه القرار وجهة أخرى استثمارا لمناخ الرخاء، فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على الجبهة الداخلية ويجعلها أضعف في مواجهة التحديات التي تفرض على صناع القرار السياسي الالتجاء إلى الحكمة والتبصر.
صحيح أن الأحزاب السياسية، وكل مكونات المجتمع المدني، والشرائح الواسعة تنخرط في مواجهة كل التحديات التي تواجه المغرب، وتتجند وراء صناع القرار السياسي حين تحضر الحكمة والتبصر في قراراتهم، لكن، بدون شك فإن الممارسات والقرارات والسياسات المتهورة التي تنتج في مناخ الرخاء يكون لها أثر كبير في إضعاف المغرب وعرقلة تنميته وتقدمه وتفكيك تماسكه الداخلي، وخلق '' الأقليات'' التي سيكون لها دور خطير في تفكيك الجبهة الداخلية والتمكين للأجندات الأجنبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.