دعا نائب جمهوري أمريكي، يوم الإثنين 29 نونبر 2010 وزارة الخارجية إلى اعتبار موقع ويكيليكس ''منظمة إرهابية أجنبية'' وطالب مع أعضاء جمهوريين وديمقراطيين في الكونغرس بمحاكمة مؤسسها الاسترالي جوليان أسانج. وقال النائب الجمهوري بيتر كينغ، العضو البارز في لجنة الأمن في مجلس النواب، أول أمس، لمحطة ''فوكس نيوز'' الأمريكية إنه بعث رسالة إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لاعتبار ويكيليكس ''منظمة إرهابية أجنبية''. وأوضح ان ذلك سيسمح للولايات المتحدة بوضع يدها على أرصدة الموقع ووقف أي أفراد أو جهات أخرى من التعامل معه. وأشار إلى أنه ''متورط في نشاط إرهابي. وما يفعله يساعد ويدعم المجموعات الإرهابية''. وأشار كينغ أيضاً إلى أنه بعث رسالة إلى وزير العدل الأمريكي إيريك هولدر حثه فيها على محاكمة أسانج، وهو أمر أيّده أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون في الكونغرس. ووصف السيناتور جو ليبرمان، رئيس لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية في مجلس الشيوخ، نشر ويكيليكس لوثائق سرية أمريكية بأنه ''هجوم على الأمن القومي للولايات المتحدة''، وزعم أن من يقف وراء التسريبات ستكون ''يداه ملطختان بالدماء'' وطالب بمحاكمته. وأضاف ''أحث إدراة أوباما أيضاً، بمفردها وبالتعاون مع الحكومات المسؤولة الأخرى حول العالم على استخدام جميع الوسائل القانونية لإغلاق ويكيليكس قبل أن يلحق المزيد من الضرر من خلال نشر المزيد من المراسلات''. وحثت السيناتور الديمقراطية كلير ماك كاسكيل الإدارة الأمريكية على ملاحقة مسرّبي الوثائق ''بقوة القانون''. وقال السيناتور الجمهوري ليندساي غراهام ''إذا أمكنكم محاكمتهم ''المسرّبون''، فلتحاولوا ذلك''. يذكر ان موقع ''ويكيليكس'' ينشر من خلال 5 صحف ما يزيد عن 251 الف وثيقة تضم مراسلات بين السفارات الأمريكية في العالم ووزارة الخارجية الأمريكية، وقد أثار نشر هذه المعلومات موجة من ردود الفعل الدولية حول العالم، وتركزت بمعظمها على الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط. تراوحت ردود الفعل في الأوساط الدبلوماسية في العالم بين الصدمة والإحراج، إثر قيام موقع ''ويكيليكس'' بنشر مضمون نحو ربع مليون برقية دبلوماسية أمريكية، كشفت بشكل خاص الخوف الكامن لدى الكثير من الدول إزاء البرنامج النووي الإيراني. فعلى صدر صفحتها الأولى نشرت صحيفة ''الجارديان'' البريطانية في عددها الصادر، أول أمس، موضوع بعنوان: ''تسرب البرقيات الأمريكية يشعل أزمة دبلوماسية عالمية''. وكانت ''الجارديان'' حصلت على هذه الوثائق من موقع ويكيليكس مثلها مثل أربع من كبار الصحف العالمية الأخرى هي نيويورك تايمز الأميركية، ولوموند الفرنسية، والباييس الاسبانية ودير شبيغل الألمانية. وبخلاف التسريبات الأولى لويكيليكس حول أفغانستان في يوليوز التي لم تتضمن سوى القليل من الأسرار، وحول العراق في أكتوبر التي ركزت على التجاوزات التي تقوم بها الفصائل المتنازعة في العراق، فإن الوثائق الأخيرة ألقت الضوء بفجاجة على خلفيات الدبلوماسية الأمريكية ووضعت الولاياتالمتحدة في موقف حرج. من دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز واشنطن إلى التدخل لضرب إيران، إلى حصول إيران على صواريخ متقدمة جدا من كوريا الشمالية، إلى الطلب الأمريكي بالتجسس على مسؤولين في الأممالمتحدة، وتعليقات غير لائقة بحق الكثير من القادة في العالم، تسبب الكشف عن هذه المعلومات بصدمة، ولا يزال من الصعب معرفة التداعيات الكاملة لهذا العمل. وحاولت الدبلوماسية الأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية الحد من الإضرار عبر الاتصال بنحو عشرة بلدان لحثها على تفادي أي ردود فعل سريعة، وسارع البيت الأبيض، الأحد الماضي، إلى إدانة العمل ''غير المسؤول والخطير'' المتمثل في نشر هذه الوثائق، محذرا من تداعياته على حياة الكثير من الناس. وسار حلفاء واشنطن على المنوال نفسه، حيث أدانت بريطانيا ''أي نشر غير مسموح به لمعلومات سرية'' معتبرة أن هذا الأمر يمكن ''أن يعرض الأمن القومي للخطر''. وفي فرنسا، أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية فرانسوا باروان، أول أمس، أن باريس ''متضامنة تماما مع الإدارة الأمريكية'' ضد نشر هذه الوثائق الذي قد يشكل حسب قوله ''تهديدا للسلطات الديموقراطية''. وفضلت الأممالمتحدة عدم التعليق على الوثائق التي تشير إلى طلب الجانب الأمريكي جمع معلومات حول كبار موظفيها في العالم، إلا أنها شددت على ضرورة ''احترام الدول الأعضاء'' لحصانة موظفيها. وفي كيان العدو أعلن مسؤول صهيوني كبير، أول أمس، أن الكيان الغاصب تشعر بالارتياح بعدما كان يخشى إحراجا جديا بفعل مضمون الوثائق الأمريكية التي نشرها موقع ويكيليكس. وقال مسؤول حكومي كبير رافضا الكشف عن اسمه تعليقا على ما نشره الموقع حتى الآن ''خرجنا بصورة جيدة''. وتتضمن هذه الوثائق إعادة للموقف الصهيوني التقليدي الذي يدعو إلى الحزم الشديد في التعامل مع إيران بخصوص برنامجها النووي، ويشكك في سياسة اليد الممدودة لإيران التي ينتهجها الرئيس الأمريكي باراك اوباما، إلا أنها كشفت أيضا القلق الكبير لدى الدول العربية إزاء البرنامج النووي الإيراني، حيث دعا العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز واشنطن لضرب إيران لمنعها من تطوير سلاح نووي. ويمكن لهذه المعلومات أن تزيد من حدة التوتر في المنطقة. وعلق مستشار حكومة سعودي على نشر هذه المعلومات بالقول ''كل هذا سلبي وغير جيد لبناء الثقة''. من جهته، أعلن موقع ويكيليكس أنه أراد بنشر هذه الوثائق إبراز ''التعارض'' بين الموقف الرسمي الأمريكي ''وما يقال خلف الأبواب الموصدة''. ولم توفر انتقادات الدبلوماسيين الأمريكيين حلفاء الولاياتالمتحدة. ويوصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ب''الحساس والمتسلط''، ورئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني ب''غير المسؤول''، والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل بأنها ''تفتقر كثيرا إلى الخيال''. وكتبت صحيفة الموند الفرنسية في هذا الإطار أن من واجبها ''الإطلاع على هذه الوثائق وتحليلها صحافيا ووضعها في متناول القراء''.