ذكرت تقارير صحفية صهيونية أن زيارة وزير الحرب الصهيوني، إيهود باراك، والتي بدأت الأحد الماضي وانتهت أول أمس، إلى العاصمة الروسية موسكو، تهدف في المقام الأول إلى عرقلة تنفيذ صفقة صواريخ ياخونت الروسية المضادة للسفن إلى سوريا. ووصل باراك إلى موسكو في زيارة هي الأولى لوزير دفاع صهيوني منذ سنوات، حيث تطرقت مباحثاته مع المسؤولين الروس إلى قضايا عاجلة، مثل ملف صفقات سلاح مع إيران وسوريا. وتثير اتفاقات موسكو مع دمشق لتزويدها بأسلحة مضادة للطائرات والدبابات وأنظمة دفاعية، حنق كيان العدو الإجرامي. ووصف مصدر صهيوني لصحيفة هآرتس العبرية، الزيارة بأنها تاريخية وفائقة الأهمية، ولا سيما أن وزارة الدفاع الروسية كانت دائماً معقل دعم للدول العربية. وكان الحديث عن صفقة صواريخ ياخونت أو قاتلة السفن كما يسميها العسكريون، قد بدأ كالعادة بتسريبات إعلامية صهيونية قبل نحو عام من الآن تقريبا، عندما تحدثت صحيفة معاريف العبرية، عن صفقة صواريخ روسية سورية في إطار اتفاقية تعاون عسكري بين دمشقوموسكو، تقضي أيضاً بتوسيع ميناء طرطوس لإعادة مرابطة السفن العسكرية الروسية هناك. وذكرت هآرتس، من ناحيتها الشهر الماضي، أن رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، مهد لزيارة باراك باتصال هاتفي في 20 غشت الماضي مع بوتين، لثني الجانب الروسي عن تزويد سوريا بالصواريخ الروسية. وزعم نتنياهو خلال محادثته الهاتفية مع بوتين أن سورية نقلت في الماضي صواريخ إلى حزب الله بعدما حصلت عليها من روسيا وأن أحد هذه الصواريخ أطلقه الحزب في اتجاه بارجة حربية صهيونية في بداية حرب لبنان الثانية. وشدد رئيس حكومة الاحتلال على أن حصول سوريا على هذا النوع من الصواريخ المتطورة سيخرق التوازن في المنطقة وأن هذه الصواريخ قد تصل إلى حزب الله ما سيشكل تهديدا على إسرائيل. ومع أن الحكومة الروسية أكدت على موقعها الإلكتروني الاتصال الهاتفي، الذي تناول التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، فإنها لم تؤكد التطرق إلى توريد الصواريخ الروسية إلى سوريا. لكن مصدراً صهيونيا ذكر للصحيفة، أن إسرائيل وروسيا تجريان حواراً صامتا حول تصدير الأسلحة إلى المنطقة، مضيفاً أنه بالنظر إلى أن المفاوضات المستمرة منذ عام، لم تؤد إلى نتيجة، فقد اتخذ قرار برفع مستوى النقاش بمساعدة شخصية سياسية جدية، مثل باراك. من جهته، اتهم المستشار الرئاسي الروسي، سيرجي بريخودكو، وسائل الإعلام الصهيونية بتشويه موقف موسكو من التعاون العسكري مع دمشق، مشدداً على أن بلاده تعمل على نحو كاملً على تنفيذ كل الاتفاقيات المعقودة في وقت سابق مع سوريا. وما يحدث الآن، يشبه تماماً ما حدث قبل 5 أعوام عندما طلب رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق، أرييل شارون، شخصياً، من الرئيس الروسي آنذاك، فلاديمير بوتين، إلغاء صفقة صواريخ إسكندر إ الحديثة التكتيكية والبالغة الدقة إلى دمشق. وقال الصهاينة آنذاك، إن الصواريخ، التي يبلغ مداها 280 كيلومتراً، ستكون قادرة في حال نشرها في الجولان على إصابة أي هدف في كيان العدو، بما في ذلك صحراء النقب حيث يقع المفاعل النووي الصهوني. تشكيك في نجاح باراك في غضون ذلك، شكك المحلل السياسي الروسي، فلاديمير أورلوف، في أن تجري الأمور هذه المرة كما جرت قبل 5 سنوات، إذ إن موسكو تدرك أن نتنياهو، الذي قام بزيارة سرية للعاصمة الروسية قبل عام تماماً لمنع إتمام صفقة منظومة صواريخ الدفاع الجوي إس 300 إلى إيران، يحاول الآن إخضاع موسكو لرغباته. وحسبما ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية في عدها الصادر، أول أمس، يرى أورلوف أن تنازلاً كبيراً للجانب الصهيوني خلال زيارة باراك بعد أربعة أيام من إعلان بدء المفاوضات الصهيونية الفلسطينية المباشرة في واشنطن، ستظهر روسيا في عيون العالم العربي لاعباً بعيد بالتساوي عن جميع الأطراف، الأمر الذي لا تريده موسكو. من جانبها، انتقدت صحيفة كومسومولسكايا برافدا الروسية، بحدة، محاولات كيان العدو للتدخل في شؤون تصدير الأسلحة الروسية، وقالت: يبدو أن روسيا عما قريب ستكف عن بيع الأسلحة لأي دولة لا تعجب إسرائيل. وقالت: فمثلاً، أرادت روسيا منذ وقت غير بعيد بيع إيران منظومة صواريخ الدفاع الجوي إس 300 الدفاعية، التي لا تقع تحت طائلة أي عقوبات للأمم المتحدة، ومع ذلك وعندما لم يبق أمام البائع الروسي والمشتري الإيراني سوى التوقيع والشد على الأيادي، هرع رئيس الوزراء الصهيوني إلى موسكو وأقنع بائعينا بالامتناع عن الصفقة باعتبارها خطوة غير ودية. وتابعت الصحيفة: أن نزوة جديدة ظهرت لدى إسرائيل، فهي تريد الآن عرقلة صفقة صواريخ ياخونت إلى سوريا، والذريعة هي إمكان أن تقع في أيدي حزب الله، وباعتبار أن هذا الاستنتاج جيوسياسي خالص لا تأخذه روسيا في الاعتبار وتتابع إعداد الاتفاق المربح مع سوريا، ها هو وزير الدفاع الإسرائيلي يسرع إلى موسكو. وحذرت الصحيفة الروسية الواسعة الانتشار من أن الخضوع لالإملاءات الإسرائيلية لن يؤدي فقط إلى قطع روسيا لروابطها السياسية والاقتصادية والعسكرية مع المنطقة، بل إلى فقدان إيرادات مالية ضخمة في نهاية الأمر. وكان وزيرا الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف والصهيوني إيهود باراك قد وقّعا، أول أمس الاثنين، اتفاقًا حول التعاون العسكري، وأشادا بالعلاقات بين البلدين. وقال سيرديوكوف وفقًا لوكالة فرانس برس: أنا متأكد أن الاتفاق... سيعطي دفعًا جديدًا لعلاقاتنا الثنائية. وأضاف: وجهات نظرنا حول التحديات العديدة الراهنة متقاربة أو متطابقة، وهذا يتعلق بشكل رئيس بقضايا الإرهاب ووقف انتشار أسلحة الدمار الشامل. وتابع وزير الدفاع الروسي أن العلاقات الأمنية تساهم في وقف هذه التهديدات. أما إيهود باراك فقد تحدث عن تحسن العلاقات بين روسيا وكيانه الإجرامي، وشكر موسكو على حربها ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وقال باراك: نعلم الحقيقة أنه لم تكن دولة إسرائيل لتؤسس لو أن الجيش السوفياتي لم يهزم ألمانيا النازية. وجاء الإعلان عن هذا التقارب بعد فترة توتر بين روسيا وكيان العدو الصهيوني حول صفقة بيع أسلحة روسية لسوريا وإيران. وكان مسؤولون روس قد أعلنوا في وقت سابق هذه السنة أن موسكو ستبيع سوريا مقاتلات ميج 29 وأنظمة دفاع جوي قصيرة المدى بانتسير وآليات مدرعة، الأمر الذي أثار قلق الكيان الصهيوني. مميزات ياخونت وفي ما يتعلق بصاروخ ياخونت، فإنه صاروخ أرض بحر فائق الدقة مضاد للسفن متوسط المدى ويوجه عن بعد. وبدأ صنعه في السبعينيات من القرن الماضي، وتبلغ سرعته 750 متراً في الثانية وتفوق سرعة الصوت بأكثر من مرتين. ويعتبر كيان العدو الصهيوني أنه يهدد بوارجه الحربية في البحر المتوسط. ويستطيع ياخونت التحليق على ارتفاع بضعة أمتار فوق سطح البحر، مما يجعل اكتشافه صعباً على الرادارات. أما وزنه فيبلغ 250 كيلوغراماً ومداه ما بين 120 300 كيلومتر.