أكد خوصي رودريغث ثاباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية يوم أمس الثلاثاء 10 غشت 2010، في تصريح للصحافة أدلى به عقب لقائه بالملك الإسباني خوان كارلوس الأول، بأن كلا من وزيري الخارجية والداخلية الإسبانيين يعملان على تقديم توضيحات للرباط بخصوص تصرفات الشرطة الإسبانية مع مواطنين مغاربة وآخرين أفارقة من جنوب الصحراء، بشكل يحول دون جعل ذلك عنصر عرقلة أمام تطور العلاقات بين البلدين الجارين. وشدد على أولوية العلاقات مع المغرب، الذي يرتبط مع بلاده في علاقات جيدة قال بأنها ستستمر، إلى جانب تقاسم العديد من المصالح والمبادرات المشتركة معه. وطالب المغرب في بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون أول أمس الإثنين 9 غشت 2010، الحكومة الإسبانية لتقديم إجابات دقيقة حول مختلف حالات الانزلاق العنصري، التي كان وراءها عناصر من الشرطة والأمن الإسبانيين تجاه مواطنين مغاربة، بنقطة العبور لمدينة مليلية المحتلة. كما استغرب البلاغ عدم صدور أي رد رسمي من السلطات الإسبانية على الواقعة. وقالت وزارة الخارجية المغربية بأنها أصدرت أربع بلاغات رسمية بشأن ست حالات عنف جسدي ارتكبها رجال سلطة إسبان في حق سبعة عشر شخصا، أصيبوا بجروح ورضوض. وأضاف نفس المصدر بأنه تم إبلاغ الطرف المغربي بفتح تحقيقات في هذه الحالات من خلال اتصالات وصفت بالمتعددة، بينما أعلنت مصادر أخرى، حسب نفس المصدر بأن الأمر مجرد حالات سوء فهم، وشككت مصادر أخرى غير رسمية في هذه الوقائع. وانتقد محمد العمراني بوخبزة، أستاذ القانون الدولي ومتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية التعامل المغربي الرسمي مع أحداث الإعتداء على مغاربة في نقطة عبور بمدينة مليلية المحتلة، حيث قال بأن اقتصار التعامل مع الملف من طرف وزارة الخارجية فقط سيحده من أن يأخذ مداه الحقيقي وسيؤدي في النتيجة إلى غض الطرف. وشدد على أن قضية من هذا النوع لا يمكن أن يقتصر فيها الأمر على البلاغات والبيانات، بل يجب أن يتم عبر الوسائل والقنوات الرسمية، من خلال استدعاء السفير الإسباني كخطوة أولى. وقال بأنه كان لابد من تحرك البرلمان المغربي من خلال تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، أو غيرها من الإجراءات بهدف انخراط مختلف الفعاليات التشريعية والحقوقية والمدنية والرسمية في الملف. وأضاف بوخبزة بأنه كان يتوجب على المغرب العمل على تفعيل دور الإعلام والمجتمع المدني من أجل الضغط على إسبانيا في هذه القضية. وقارن المسألة بقضية أمينتو حيدر التي قال بأن الضغط الإسباني والدولي الذي مورس على المغرب، ارتبط بتحركات المجتمع المدني الإسباني والهيئات الحقوقية. وهو الأامر الذي قال أنه يجب على المغرب أن يفعله من حيث التعامل مع الملف في بعده الحقوقي، لا السياسي بهدف إثارة وتحريك المجتمع المدني الإسباني. وأثنى بوخبزة على ربط الجهات المغربية لحادث الإعتداء على المغاربة بالمعاملة التي تعرض لها المهاجرون الأفارقة، مفسرا بأن ذلك سيعطي بعدا أكبر للقضية. وأشار كذلك إلى أن المتضررين المغاربة يمكن أن يمارسوا ضغطا موازيا في الجانب القانوني والقضائي، بإثارة قضيتهم أما المحكمة الأوروبية ومجلس حقوق الإنسان الأوروبي. في سياق متصل، استنكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان لها يوم أمس الثلاثاء ممارسات السلطات الإسبانية في حق مواطنين مغاربة ومهاجرين من جنوب الصحراء. وطالبت بفتح تحقيق في الموضوع ومتابعة المسؤولين عن هذه المعاملة الإجرامية. وأدانت ما قالت بأنه مقاربة أمنية في التعامل مع إشكالية الهجرة غير النظامية. ووضع حد لضغوطات السلطات الإسبانية على المغرب لتوقيع اتفاقية إرجاع المهاجرين غير النظاميين إلى المغرب. ثم دعت إلى إنهاء احتلال سبتة ومليلية والجزر الشمالية وفتح مفاوضات بين البلدين لاسترجاع المدن المحتلة، مع مراعاة المصالح المشتركة للشعبين المغربي والإسباني وحقوق سكان المدينتين. كما ندد المركز المغربي لحقوق الإنسان خلال وقفة احتجاجية أول أمس الإثنين، أمام المركز الثقافي الإسباني بالرباط بما وصفه بالتمييز العنصري ضد المغاربة المقيمين بإسبانيا. وردد المشاركون شعارات منددة بالحادث، وأدانوا تخلي الحرس المدني الإسباني يوم الجمعة الماضي قبالة السواحل المغربية، عن ثمانية مهاجرين أفارقة كانوا في وضعية صحية متردية. ودعى خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان في تصريح ل (و.م.ع)، الحكومة الإسبانية إلى التراجع عن السلوكات الشاذة واحترام القانون الإسباني والاتفاقية الدولية لحقوق المهاجرين. وفي سياق متصل دعت الحركة الإسبانية لمناهضة التعصب على لسان رئيسها إسطيبان إيبارا، الشرطة الإسبانية يوم الإثنين الماضي إلى تجنب التعامل غير المقبول في مراكز العبور من بعض عناصرها، اللذين يكنون الإحتقار للمهاجرين. وأكد إيبارا، في تصريحات لوكالة الأنباء الإسبانية أوروبا بريس، بأنه يتوجب على الشرطة الإسبانية إظهار قدر كبير من الإحساس تجاه الآخرين. وشدد على أنه يتوجب على أجهزة الأمن الإسبانية تكييف قواتها لمواكبة التطور السريع لواقع التعددية العرقية وتكوينها في هذا المجال، وفسر ذلك بأنه من الواضح أن العديد من الحوادث المشابهة تنجم عما أسماه بالأفكار المسبقة.