الزواج بهدف الحصول على أوراق الإقامة يلجأ الكثير من الشباب في المهجر، وبهدف تسوية وضعيتهم القانونية؛ إلى الزواج من أجل الحصول على الإقامة، ومقابل دفع مبلغ من المال للمرأة التي سيتزوجها، وبشرط أن لا يمسها أو يعاشرها، فهل يجوز هذا الأمر من باب التيسير على الشباب الذين يعانون من البطالة ومشاكل أخرى في بلدانهم؟ بسم الله والصلاة و السلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين وبعد، فهذا سؤال قديم، الجواب عنه معلوم، ومع ذلك بقي السؤال يتردد لأن السائل فيه غالبا يجيب نفسه ولو سمع كل فتاوى أهل الدنيا من العلماء، ولذلك نعيد الجواب هنا من باب التأكيد، فهذا العقد عقد باطل بسبب منافاته لمقصد الشريعة في الزواج، فهو عقد صوري مقصود به أمر آخر غير الزواج. وليس في الأمر أي وجه من أوجه التيسير على الشباب. والغريب أن السائل يسميه زواجا، ويقول بأن الرجل والمرأة يعقدان بشرط ألا يمسها أو يعاشرها، فهذا من تلبيس إبليس، ومن التحايل على الشرع والقانون، وكله باطل مرفوض. ومن الغريب أن نسمع أن ذلك يقع أحيانا بين المحارم في الحال التي يتوفر بعضهم على وثائق الإقامة، ويرغب في جلب قرابته وتيسير وضعهم، وهو في هذه الحالة بلا شك أشد تحريما. ومن المهم أن يتذكر الجميع أن الموت الذي ينتظرنا لن يمهلنا دائما إلى أن نرتب كل أمورنا كما نشاء، فهي كما قال تعالى: لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً (الأعراف: 187 ) والله اعلم *** العودة إلى الربا بعد التوبة يقول الله عز و جل : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما بقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا، وأحل الله البيع وحرم الربا، فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف، و أمره إلى الله، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون هل من كان يتعامل بالربا ثم قرأ هاته السورة وسمع موعظة ربه فتاب عن الربا، و لكنه عاد إلى الربا لن تقبل توبته، وهو في الآخرة من الخاسرين، أم أن آية الاستغفار و التوبة نسخت هاته الآية؟ موضوع الربا مما ينبغي أن يستمع الناس فيه إلى الموعظة من ربهم، فقد تجرأ عليه كثير من المسلمين، والله تعالى يخاطب المؤمنين بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ (البقرة :872 - 279 ) فالنهي صريح، والوعيد شديد، يقول الشيخ المكي الناصري:لا يوجد شيء استنكره الإسلام كما استنكر الربا، أو أغلظ فيه القول كما أغلظه في أمرها، إذ هو الأمر الوحيد الذي هُدِّدَ مرتكبوه بحرب من الله ورسوله، أما قوله تعالى في الآية موضوع السؤال : وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ فقد قال القرطبي :يعني ومن عاد إلى فعل الربا إلى أن يموت، قاله سفيان وقال غيره؛ من عاد فقال إنما البيع مثل الربا فقد كفر فالأمر يدور بين من استمر على فعل الربا ولم يتب إلى أن مات، أو من لم يستمع إلى تحريم الله للربا ممن قالوا : إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا، وعليه؛ فالذي انتهى ثم عاد عليه أن يبادر و يعجل بالانتهاء مرة أخرى فهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها وليس في الآية نسخ.