في موقف مثير لها، أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية، الجمعة الماضية، عبر سفارتها في الجزائر، أنها عازمة على التحرك في إطار جهد جماعي من أجل تحسين الظروف المعيشة للاجئين الصحراويين بتندوف، في مقابل عدم التطرق لفكرة الحكم الذاتي في مجلس الأمن، وهو ما يشكل حسب مراقبين بداية تراجع تدريجي عن مكاسب حققها المغرب على عهد الرئيس جورج بوش. الموقف الجديد لإدارة الرئيس باراك أوباما جاء على لسان نائب كاتب الدولة المساعد على مستوى مكتب اللاجئين والهجرة الأمريكية، روبين بريجتي، بعد زيارة قام بها إلى مخيمات تندوف خلال الفترة ما بين 27 أبريل وفاتح ماي، وتضمنتها مذكرة للسفارة الأمريكيةبالجزائر. وحسب المصدر نفسه فإن مساعدة الولاياتالمتحدة للاجئين في تندوف تتمثل في تقديم عدة هبات، وذلك في إطار برنامج المساعدة الغذائية وبرنامج تبادل الزيارات بين العائلات الصحراوية في المغرب وفي تندوف بالجنوب الجزائري. و يأتي الموقف أيضا بتزامن مع تقرير للمكتب الأوربي لمكافحة الغش، وهو مؤسسة أوربية مستقلة، الذي فجر فضيحة من العيار الثقيل تضمنها تقرير سرّي تم الكشف عنه الاثنين الماضي ببروكسيل، يتهم قيادة البوليساريو والجزائر بالفساد، والتلاعب بالمساعدات التي تتلقاها من منظمات مدنية ودولية لفائدة المواطنين المحتجزين في مخيمات تندوف. وقال تاج الدين الحسيني، الأستاذ في العلاقات الدولية بالرباط، إن الموقف جديد في التعاطي الأمريكي مع ملف الصحراء المغربية، وينبغي فهمه في إطار السياسة الخارجية للديمقراطيين، وأرجع خلفياته إلى أن أمريكا في عهد الديمقراطيين دائما ما تميل إلى التوازن والحياد، ويهتمون أكثر بقضايا حقوق الإنسان وتقرير المصير، ومن هذا المنظور يضيف الحسيني أن المتتبعين قد يشعرون بأن ثمة تغييرا في سياسة أمريكا تجاه الصحراء، مؤكدا أن الدبلوماسية المغربية يجب أن تكون على وعي كامل بخلفيات الموقف الأمريكي، والتأكيد على أن من يقوم بخرق حقوق الإنسان هم البوليساريو والجزائر. والتركيز أيضا على مشروع الحكم الذاتي ورقة للحل، ما دامت الإدارة الأمريكية نفسها على عهد بوش وصفت المشروع المغربي بالجدية والمصداقية والواقعية. وأضاف الحسيني أن الموقف الأمريكي يؤكد أنه يندرج في مهمة شمولية ذات بعد أممي، تتعلق بالغذاء والزيارات، وهي مهمة تهم الأممالمتحدة أساسا، ولذا فالدبلوماسية المغربية مطالبة بأن تؤكد على ضرورة إجراء إحصاء للاجئين في المخيمات، تجريه المندوبية السامية لشؤون اللاجئين، لأن المساعدات يتم تحريفها عن أهدافها إلى تحقيق أغراض أخرى، ما دام أنه ليس هناك مراقبة أممية، وليس هناك إحصاء دقيق للمحتجزين هناك. من جهة أخرى، رحبت فرنسا بقرار مجلس الأمن رقم 1920 حول قضية الصحراء، مؤكدة في الوقت نفسه على ضرورة التوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه ومقبول بشكل متبادل.